كيف أقضي صلاة فاتتني

قدر الصلاة في الإسلامالصلاة عبادةٌ ذات أهميّةٍ ومكانةٍ رفيعةٍ في الدين الإسلاميّ؛ عظّم الله -تعالى- قدرها، وميّزها عن كثيرٍ من العبادات؛ ففرضها على نبيه -صلّى

قدر الصلاة في الإسلام

الصلاة عبادةٌ ذات أهميّةٍ ومكانةٍ رفيعةٍ في الدين الإسلاميّ؛ عظّم الله -تعالى- قدرها، وميّزها عن كثيرٍ من العبادات؛ ففرضها على نبيه -صلّى الله عليه سلّم- وأمّته، في ليلة الإسراء والمعراج؛ عُرج بالنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- إلى السماوات العُلا وفرضها عليه في السماء؛ ممّا يدلّ على تأكيد فرضيتها وتميّزها؛ فهي عمود الدين، والركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، وآخر ما وصّى به نبيّ الله -صلّى الله عليه وسلّم- صحابته وأُمّته من بعده، لا تسقط عن العبد مهما كانت أعذاره؛ يؤديها بحسب قدرته واستطاعته، وقد أمر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- الآباء بأن يأمروا بها أبناءهم وهم في في عُمُر سبع سنواتٍ، والصلاة شريعة الرسل والأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام، التي أوحى الله -تعالى- بها إليهم، قال الله تعالى: (وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ)،[1] وقد دعا بها نبيّ الله تعالى، وخليله إبراهيم -عليه الصّلاة والسّلام- ربّه- تعالى بأن يجعله قائماً لها هو وذريّته، امتدح الله -تعالى- القائمين بها والمحافظين عليها، وتوعّد الذين يتهاونون فيها، ويتكاسلون عن إقامتها بالعذاب الأليم والعقاب الشديد، ولأهمّيتها كانت أول ما يُحاسب عليه العبد يوم القيامة على ما قام به من الأعمال في حياته الدنيا،[2] والصلاة عبادةٌ ذات أوقاتٍ محدّدةٍ؛ فكلّ صلاةٍ لها وقتٌ تبدأ فيه ووقتٌ تنتهي فيه، قال الله تعالى: (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً)،[3] وعلى المسلم أن يؤدّيها في وقتها المحدّد لها، فإذا فاتته الصلاة وخرج وقتها، فعليه قضاؤها، وللفقهاء في كيفيّة قضائها تفصيلاتٌ، وفي هذا المقال سيتمّ تناول موضوع قضاء الصلاة الفائتة؛ من حيث المراد بالقضاء، والحكم الشرعي له، وكيفيّة قضاء الصلاة الفائتة.

معنى قضاء الصلاة

القضاء لفظٌ من الألفاظ بالغة الأهميّة في الفقه الإسلاميّ، وحتى يتحقّق الوصول إلى المعنى الدقيق للقضاء، ينبغي معناه في اللغة وفي الاصطلاح، وفيما يأتي بيانٌ لكلا المعنيين:

  • القضاء في اللغة اسمٌ مشتقٌّ من الفعل: قضى، ويُجمع على أقضية، يطلق القضاء في اللغة على عدّة معانٍ؛ الأول: الحُكم، الثاني: الأداء والتنفيذ، الثالث: عمل القاضي.[4]
  • قضاء الصلاة يُقصد به أن يقوم العبد بفعل العبادة في غير وقتها المحدّد لأدائها، وسواءً كان ذلك الوقت الذي تمّ أداء الصلاة موسّعاً أم مضيّقاً.[5]

حكم قضاء الصلاة

ذهب كلٌّ من فقهاء المذهب الحنفيّ، وفقهاء المذهب المالكيّ، وفقهاء المذهب الحنبليّ إلى أنّ قضاء الصلاة الفائتة واجبٌ على الفور، سواءً كان سبب فوات الصلاة المفروضة بعذرٍ مُسقطٍ لها، أو كان بغير عذرٍ، بينما ذهب فقهاء المذهب الشافعيّ إلى أنّه إذا كان سبب تأخير الصلاة عن موعدها بغير عذرٍ؛ وجب قضاؤها على الفور، وإن كان سبب تأخيرها عن موعدها بعذرٍ، وجب قضاؤها على التراخي، وذهب الفقهاء -رحمهم الله- إلى أنّه لا يجوز تأخير القضاء إلّا لعذرٍ؛ كسعي العبد إلى تحصيل الرزق، أو سعيه إلى تحصيل العلم الواجب عليه وجوباً عينيّاً، أو كان سبب تأخير القضاء؛ الأكل أو النوم، ولا يرتفع الإثم عن العبد بمجرد قضائه للصلاة الفائتة، بل لا بدّ له أن يتوب إلى الله تعالى، والإقلاع عن الذنب.[6]

صفة قضاء الصلاة

الصلاة الفائتة تبقى في ذمّة العبد، ويجب قضاؤها إذا كانت معروفةً بعينها، ومعروفاً عددها، وإذا كان لا يعلم عددها فعليه أن يصلّي ما يغلب على ظنّه حتى تبرأ ذمته، ولا خلاف بين العلماء على أنّه من فاتته الصلاة بعذرٍ فإنّ عليه قضاؤها، وإن تركها عامداً فإنّ جمهور العلماء على وجوب قضائها طالت مدّة تركها أم قصُرت،[7] وقد ذهب الفقهاء إلى أنّه ينبغي للعبد الذي فاتته صلاةٌ أو عددٌ من الصلوات، أن يراعي الترتيب في قضائها؛ فيقضي الصبح قبل الظهر، ويقضي الظهر قبل العصر وهكذا، وينبغي عليه أيضاً أن يراعي الترتيب بين الصلوات الفائتة، والصلوات الحاضرة؛ كالصلاتين المجموعتين في نفس الوقت، مع تفصيلٍ لأصحاب المذاهب الفقهية في ذلك؛ فذهب فقهاء الحنفية إلى أنّ مراعاة الترتيب بين الصلوات الفائتة بعضها مع بعض، وبين الصلوات الفائتة والصلوات الحاضرة أمرٌ لازمٌ لا بدّ منه؛ فلا يجوز للعبد أن يأتي بالصلاة الوقتية أو الحاضرة قبل أن يقضي الصلاة الفائتة، ولا أن يأتي مثلاً بصلاة الظهر الفائتة قبل صلاة الصبح الفائتة، وذهب فقهاء المالكيّة إلى أنّه يجب ترتيب الصلوات الفائتة في نفسها بشرطين؛ الأول: أن يكون العبد متذكّراً للصلاة الفائتة، الثاني: أن يكون العبد قادراً على الترتيب؛ وذلك بألّا يُكره على عدم الترتيب، وذهب فقهاء الحنابلة، إلى أنّ ترتيب الصلوات الفائتة في نفسها واجبٌ، وسواءٌ أكانت هذه الصلوات قليلةً أم كثيرةً، فإذا خالف العبد الترتيب؛ كأن صلّى صلاة العصر الفائتة قبل صلاة الظهر الفائتة، لم تصحّ الصلاة المتقدّمة على محلّها، وترتيب الصلاة الفائتة مع الصلاة الحاضرة واجبٌ، إلّا إذا خاف العبد فوات وقت الصلاة الحاضرة، وذهب فقهاء الشافعيّة إلى أنّ ترتيب الصلوات الفائتة في نفسها سنّةٌ عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قلّت تلك الصلوات أو كثرت، وتصحّ منه إذا قدّم بعضها على بعض، مع مخالفته لسنّة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في ذلك، والأولى إعادتها، وترتيب الصلوات الفائتة مع الصلاة الحاضرة سنّةٌ أيضاً بشرطين؛ الأول: ألّا يخشى العبد فوات الصلاة الحاضرة، الثاني: أن يكون العبد متذكّراً للصلاة الفائتة قبل الشروع في الصلاة الحاضرة.[6]

المراجع

  1. ↑ سورة الأنبياء، آية: 73.
  2. ↑ د. محمد أكجيم (25-9-2014)، "تعظيم قدر الصلاة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-11-2018. بتصرّف.
  3. ↑ سورة النساء، آية: 103.
  4. ↑ "تعريف ومعنى قضاء الصلاة"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 18-11-2018. بتصرّف.
  5. ↑ "معنى القضاء في الصلاة والصيام"، WWW.islamweb.net، 31-3-2002، اطّلع عليه بتاريخ 18-11-2018. بتصرّف.
  6. ^ أ ب عبد الرحمن الجزيري (2003)، الفقه على المذاهب الأربعة (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الكتب العلمية ، صفحة 446-449، جزء 1. بتصرّف.
  7. ↑ "القضاء أم لا لتارك الصلاة والصوم"، WWW.islamweb.net، 18-5-2004، اطّلع عليه بتاريخ 18-11-2018. بتصرّف.

المقال السابق: ما أسباب فقر الدم وعلاجه
المقال التالي: كيفية تنظيف العدسات اللاصقة

كيف أقضي صلاة فاتتني: رأيكم يهمنا

0.0 / 5

0 تقييم

5
(0)

4
(0)

3
(0)

2
(0)

1
(0)