-

كيف أبدأ حياتي مع الله

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الفرق بين المؤمن والكافر

يوجد فرقٌ بين حياة من آمن بالله ووحّده، ومن كفر به وأنكره في سائر شؤون الحياة، وفي ظاهر الأفعال وباطن الأفكار كذلك، فإذا قرّر الإنسان أن يوجّه حياته لله تعالى، ويحياها في سبيل الله، فإنّ عليه أن يعلم بأنّ هناك نقلةٌ حقيقيةٌ سينتقلها في جميع جوانب حياته؛ فمن يقارن بين المؤمن والكافر يعلم بأنّ الأصل عند الكافر أن يحيا في الدنيا يتمتّع بها ويلهو، وأمّا المؤمن فإنّ الأصل عنده النظر إلى الآخرة والاستعداد لها، ولذلك فالكافر يأكل ويشرب ويتمتّع وينكر الآخرة إنكاراً يجعله ينساها طوال حياته، بينما المؤمن بالله يؤمن بالجزاء في الآخرة، فيستعدّ له، ويُؤثر لذلك طاعة ربّه على هوى نفسه ولذّاتها، والمؤمن بسبب تصديقه بالآخرة والجزاء والحساب؛ فإنّه لا يعتدي على أحدٍ، ولا يظلمه، ولا يأكل حقوقه، وإن غابت عنه سلطة القوانين، لكنّ الكافر بسبب إنكاره بالآخرة؛ فإنّه لا يرى نصب عينيه سوى مصلحته، وحياته في الدنيا، ممّا يجعله مُستبيحاً لكلّ ما يستطيع من حرماتٍ؛ بُغية قضاء حاجاته، وإسعاد نفسه قبل الموت.[1]

والمؤمن يسعى بكلّ لحظةٍ من حياته ليُرضي ربّه ويتقرّب إليه، ويطمح أن يستزيد من خير الآخرة في كلّ حينٍ، ويُقرن بين التزامه بالطاعات والفرائض، وبين الخير والمسرّات في الدنيا، وكذلك بين المعاصي وسوء المنقلب، ويكون المؤمن دائم التفكير في وصال الله تعالى، محافظٌ على أذكاره وأدعيته؛ رغبةً في المضي في ظلّ التوفيق والرضا على الدوام، بعكس الكافر الذي لا يكاد يرى شيئاً من تلك الأمور والفضائل، ولا يقرن بينها وبين أيّ حدثٍ قد يواجهه في يومه، حيث إنّه يؤمن بالماديات، ويفرح لها من طعامٍ وشرابٍ ونساءٍ، ولا يعطي أهميةً لما سوى ذلك، وفي النهاية سينقلب الرجلان إلى ربّهما، فتكون خاتمة المؤمن سعيدةً هنيئةً، ونهاية الكافر شقيةً تعيسةً.[1]

بداية الحياة مع الله

إذا عاش الإنسان حياته مع الله تعالى، فيكون بذلك قد أمن شرّ وشقاء الدنيا والآخرة، ومن أعظم ما يُعين على دفع البلاء الاتصال بالله تعالى، ولا تتحقّق السعادة للعبد إلّا بصلاح علاقته بالله تعالى، وبكتابه، وبرسوله، وبدينه، وأولّ ما يجب أن يعلمه المسلم هو كمال الله تعالى، وعظمته، ونزاهته عن صفات النقص والعيوب، فالإنسان إذا امتدح إنساناً آخراً فوق ما يستحقّ، فإنّه بذلك يكشف عيوبه؛ لأنّه وصف ما ليس فيه، فبان أنّ ذلك النقص عيباً، إلّا أنّ الله -عزّ وجلّ- لا يشابهه أحدٌ من خلقه، فمهما أثنى العبد على الله تعالى، وامتدحه، ومهما وصفه بصفات الكمال والعظمة، إلّا أنّه يبقى مقصّراً في حقّه؛ لكماله المطلق، وصفات الكمال والعظمة لله لا تُحصى، فمن عاش في معانيها، كانت حياته مع الله تعالى، وفيما يأتي بيان بعض النماذج التي تدلّ على قدرة الله تعالى:[2]

  • إنّ قدرة الله -تعالى- مطلقةٌ، فلا يُصيبه العجز أو الضعف أبداً، حيث قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا)،[3] ومن عظمته وقدرته أنّه يعلم سرّ الإنسان وإعلانه، ويرى محياه ومماته، ويفرح الإنسان ويجيب مسألته، إن تعرّض للظلم، وأكل الحقوق، فيدعو الله القادر العليم.
  • خلق الله تعالى، فهو الخالق البارئ المصوّر، فمن تأمّل مخلوقات الله تعالى؛ من كائناتٍ وأكوانٍ، وأمعن فيها النظر، فإنّه سيرى حُسن التصوير والإبداع، في التكوين من الله تعالى، وأول ما يرى الإنسان الإبداع والعظمة؛ فيراه في تصوير جسده، حيث قال الله تعالى: (يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ*الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ*فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ).[4]
  • رزق الله تعالى، وواسع عطائه، فهو وحده من تكفّل بأرزاق الناس جميعاً، فقد رزق الإنس والجن، والمؤمن والكافر، والصغير والكبير، وكلّ الكائنات التي يراها الإنسان، والتي غفل عنها، كما أنّه تدبّر شأن أرزاقها، فلم ينسَ من فضله أحداً، حيث قال الله تعالى: (وَكَأَيِّن مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)،[5] ومن تمام عناية الله تعالى أنّه لا يغيب عنه غائبٌ في الأرض، ولا في السماء.
  • حكمة الله -تعالى- وحُسن تقديره، فلا يفعل ولا يقول إلّا صواباً، ولا يدبّر إلّا لخيرٍ، فكان حسن التقدير منه في سائر أحكامه الشرعية، والكونية، والقدرية، فإنّه المدبّر لكلّ أمرٍ، فلا يغيب عنه حَدَثٌ، ولا يخرج عن طوعه أمرٌ، لكنّه يُمهل أهل الفسوق والعصيان والكفر؛ لعلّهم يرجعون، ويحلم ويصبر عليهم، ولا يفوته من أمرهم شيءٌ.
  • رحمة الله تعالى، فهو رحيمٌ بالعبد، وأرحم من أمّه عليه، وأرحم من نفسه على نفسه، ومن رحمته بالناس أن أطعمهم وسقاهم، وقضى حوائجهم، ودفع الضرّ عنهم، وسخّر لهم ما في السماوات والأرض؛ للاستعانة بذلك على ما يُرضيه.

استحقاق الله تعالى للعبادة

إذا عرف المسلم ربّه، وأدرك صفات العظمة فيه، أيقن أنّه لا معبودٌ بحقّ إلّا هو، والعبادة هي الغاية التي خلق الله -تعالى- الخلق من أجلها، حيث قال: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)،[6] فما من أحدٍ يستحقّ أن يتوجّه الإنسان لعبادته وتعظيمه سوى الله عزّ وجلّ، ولْيعلم الإنسان بأنّ النفع العائد من العبادة لا يكون لله تعالى، بل للعبد وحده، فالله غنيٌ عن العالمين، وغنيٌ عن عبادة الخلق، والمحتاج الوحيد لذلك هو العبد نفسه، حيث يقول الله تعالى: (مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا).[7][8]

المراجع

  1. ^ أ ب "بين حياة وحياة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-21. بتصرّف.
  2. ↑ "الحياة في ظل معرفة الله عز وجل"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-21. بتصرّف.
  3. ↑ سورة فاطر، آية: 44.
  4. ↑ سورة الإنفطار، آية: 6-8.
  5. ↑ سورة العنكبوت، آية: 60.
  6. ↑ سورة الذاريات، آية: 56.
  7. ↑ سورة الإسراء، آية: 15.
  8. ↑ "مفهوم العبادة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-21. بتصرّف.