-

كيف تعرف ليلة القدر

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

ليلة القدر

لقد أكرم الله - تعالى- أُمة محمد -صلى الله عليه وسلم- بليلة القدر، فكان العمل فيها خيرٌ من ألف شهر. تعتبر هذه الليلة أمل المؤمنين، وغاية الصالحين، والجميع يسعى ويبتهل كي ينال إدراك هذه الليلة ومعرفتها، فكيف يمكن تحديد هذه الليلة؟ ولماذا سميت بليلة القدر؟ وما فضائلها؟ وماذا نفعل في هذه الليلة العظيمة بُغيةِ أن يبلغك الله هذه الليلة؟

تحديد ليلة القدر مع الدليل من آيات القرآن

يقول الله -عزّوجل- في كتابه العزيز(والفجر وليالٍ عشر والشفع والوتر والليل إذا يسر).

  • (والفجر): أي مطلع الشمس صبيحة ليلة القدر، وتكون بيضاء، لا شعاع لها، وهذه الصفة للشمس صبيحة ليلة القدر هي صفة قد هدانا لها ولمراقبتها ولمعرفتها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهي -بكل تأكيد- تختلف اختلافاً كلياً عن طلوع الشمس في أي صباح آخر.
  • (وليالٍ عشر): أي تكون في الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان، لقول النبي _صلى الله عليه وسلم_ (تحرَّوا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان).
  • (الشفع والوتر): أي رقم زوجي آخر فردي.
  • (والليل إذا يسر): أي إذا أصبحت الرؤية في الليل واضحة، ولا تكون الرؤية في الليل واضحة سوى في أواخر شهر رمضان. تكون الملائكة في تلك الليلة أكثر في الأرض من عدد الحصى، لقوله –تعالى- (تنزلُ الملائكةُ والروحُ فيها بإذن ربّهم من كل أمر).

هذا هو اجتهاد، ويبقى العلم عند الله -عزّ وجل- فإن ليلة القدر ليست ليلة ثابتة، إنما هي متنقلة بين الليالي العشر الأخيرة من شهر رمضان فقد أنسى الشيطان النبي صلى الله عليه وسلم متى كانت ليلة القدر، وقد تأتي في الليالي الفردية منها أو الزوجية على السواء، فينبغي لمن أراد أن يرزق خيرها ولا يحرم منها أن يجتهد في طلبها بالاعتكاف طيلة الليالي العشر دون أن تفوته ليلة منها، فإذا فعل ذلك، فمن المؤكّد أنه سيدرك هذه الليلة، ويكون ممن اصطفاهم الله.

أمّا الدليل على نسيان النبي لليلة القدر: عن أبي سعيد الخدري قال: اعتكفنا مع رسول الله العشر الوسط من رمضان، فقال :(إنّي رأيت ليلة القدر فأنسيتها، فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر).

سبب تسميتها بليلة القدر

سمّيت ليلة القدر بهذا الاسم؛ لعظمتها وعلو منزلتها وشأنها، فقد نزل فيها القرآن المُعجز، وقد أعلى الله من مكانتها، وكررها في الآية ثلاث مرات(إنّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ)، وفي ليلة القدر، يُقدر الله الأرزاق، وينزلها.

فضل ليلة القدر

  • هذه الليلة المباركة، مليئة بالخيرات والنفحات، والعمل فيها خير من العمل لألف سنة، لذا عليك أن تَعْلم مدى أهمية هذه الليلة التي نَزَل فيها القرآن، وفي هذه الليلة ينزل الوحي جبريل -عليه السلام- فيأتي معه بالخير.
  • يصف الله عزّ وجل هذه الليلة بأنها سلام (سلامٌ هي حتى مطلع الفجر)؛ ففيها يعُمُّ السلام على الأرض فُينزِّل الله رحمته وسلامه، فينتظر التائبين، والمحتاجين له، فينزل عليهم برزقه ومغفرته، فهي ليلة كلُّها خير، إلى مطلع الفجر، فلا يقدر الله في تلك الليلة إلاّ السلامة، وفي سائر الليالي، ويقضي بالبلايا، والسلامة).
  • هي ليلة نزول الملائكة، وليلة الخيرات، وليلة النفحات، ليلة العتق من النيران، ليلة الرحمة، فإذا كانت ليلة القدر لا تزال الملائكة تُخفق بأجنحتها، بالسلام من الله –تعالى- والرحمة من عند صلاة المغرب إلى طلوع الفجر.
  • الذي لا يعلم قيمة هذه الليلة، وفاتته هذه الليلة فهو محروم حقّاً؛ لأنه لم يبلغ هذه الليلة المليئة بالنعم، والسكينة، هي ليلة ننتظرها بشغف، وندعو الله أن يرزقنا إحياءها في الطاعة وذكر الله ، والدعاء و يا له من شعور عندما تجلس تدعو وأنت واثق برحمة الله - تعالى- التي وسعت كل شيء، فيستجب الله للدعوات هذه الليلة من عباده الصالحين المخلصين.
  • من يُفرط في هذه الميزات وتفوته هذه الليلة، كأنما فاته ألف شهر فهو محروم، لقوله - صلى الله عليه وسلم- (من حُرِمها فقد حرم الخير كله، ولا يُحرم خيرها إلا محروماً)، فمن هذا الذي قد يترك خيرات جاءت تدق بابه، وتعده بالخير الكثير، فأقل عبادة تفعلها هي عند الله كبيرة، وأي شيء تفعله كأنك فعلته ألف مرة.
  • لعظمة هذه الليلة، كان الصالحون يتهيؤون لها، ويستقبلونها كما يستقبلون الأعياد، فهذا تميم الداري (رضي الله عنه) كان لديه حلة اشتراها بألف درهم، كان يلبسها في الليلة التي يرجى فيها ليلة القدر، فعندما تذهب للصلاة في الأيام الأواخر، فعليك بلبس أحسن الملابس والتطيُّب، وتطيب عند التوجه للمساجد بأنواع الطيب، في الليلة التي يرجى فيها ليلة القدر.
  • في هذه اللية يغفر الله لعباده، ألَا تحب أن تكون من المغفور لهم؟ ألا تحب أن تنال خيري الدنيا والآخرة.
  • اجعل طلب الغفران والعفو تلك الليلة في مقدمة دعائك واسأل الله تعالى المعافاة في الدنيا والآخرة، ولا تترك دعاءً به خير إلا واذكره، فهذا سيضمن لك صلاحك في الدنيا والآخرة. سألت عائشة - رضي الله عنها- النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: (قولي: اللهم إنك عفوُّ كريم تحب العفو فاعفُ عني).
  • ليلة القدر فرصة غالية، فلا تجعلها تمرّ من أمامك دون انتهاز هذه الفرصة بالطاعة، فلا تجعل هذه الليلة تمر وأنت غافل عنها؛ فالصيام عبادة نقوم بها بغاية نيل رضى الله -عزّ وجل- ولغفران الذنوب، فإذا فاتتك ليلة القدر، فأي فائدة ستجنيها من هذا الصيام إذا لم تدرك ليلة القدر؟ ليلة القدر منحة إلهية، وعطية ربانية، ادَّخرها الله –تعالى- لعباده الصائمين في نهاية صومهم.

أحب الأعمال في ليلة القدر

  • ليلة القدر واحدة من الأيام الأواخر من شهر رمضان، لذا عليك بالاعتكاف، فعن عائشة رضي الله عنها أن (النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده).
  • العزيمة والصدق: فكن –دائما- ذا عزيمةٍ وصدق، وأحسن العزم ما كان في طاعة الله تعالى، فانفض عن كاهلك غبار الكسل، واجعلها ليلة عبادة، وطاعة.
  • إياك وإضاعة ليلة القدر، فإنّ من ضيعها كمن شهد بداية تلك الوليمة، وغاب عن نهايتها، ففاتته كل اللذائذ، فالحذر من أن تلهيك ملاهي الدنيا وتصرف الأيام الأخيرة في الأسواق، فتجد الكثير من الناس في هذه الأيام الفضيلة منصرفين في الإعداد لأيام العيد، فتضيع عليه الأيام المباركة فتفوته الفرصة التي كانت بين يديه.

ومن هنا نخلص القول لنقول: اجعل ليلة القدر والعشر الأواخر خاتمةً حسنةً لشهر صيامك، عسى أن يجعلك الله من أهل الخواتيم الحسنة يوم لقائه، فإذا أدركت ليلة القدر؛ فعليك بالصلاة دون انقطاع، وقراءة القرآن، الاستغفار، الدعاء، والتسبيح.