-

ما أهمية الأمانة

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الأمانة

تعتبر الأمانة من مكارم الأخلاق ومن أهمّ الصفات التي دعا الإسلام للتحلي بها، لعظم مكانتها في الإسلام، وأهميتها بين أبناء المجتمع ككل، وفي المجتمع الإسلامي على وجه التحديد. وقد تمثَّلت الأمانة بأبهى صورها في شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث كان يُلقَّب بالصادق الأمين حتى قبل البعثة، وبعد البعثة ورغم الإيذاء الشديد الذي كان يتعرض له من أهل قريش إلا أنه كان يُحافظ على أماناتهم التي كانوا يأتمنونه عليها، وبقي أهل مكة رغم تكذيبهم له وإنكارهم لما جاء به من الحق يتركون حاجاتهم النفيسة وأموالهم لديه، في تصريحٍ ضمنيٍ منهم أنهم لن يجدوا أكثر أمانةً منه عليه أفضل الصلاة والسلام.

معنى الأمانة

الأمانة في اللغة

الأمانة في اللغة هي مصدر أمُنَ وأمِنَ، وجمعها أمانات، وتُرادف الأمانة في اللغة عدة مصطلحات منها: النزاهة والصدق والإخلاص، والثبات على العهد، والوفاء بالحقوق، وعكس الأمانة الخيانة، وخِيانة الأمانة تعني: تصرُّف الشخص فيما اؤتمن عليه مما ليس له من الأموال وغيرها، والأمانة كذلك تشمل ما فُرِض على المسلم من فرائض وعبادات، وما طُلب منه من تكاليف، والالتزام بالانتهاء عما نُهي عنه، وتَرَكَ عِنْدَ فلان أمَانَةً: أي ترك وَدِيَعةً لديه، وشخصٌ معروفٌ بِالأَمَانَةِ: أَي أنه معروفٌ بِالاستِقَامَةِ والصِّدْقِ.[1]

الأمانة في الاصطلاح

الأمانة في الاصطلاح تَعني: حِفظُ الحقوقِ التي عنده للناس وأداؤها لأصحابها في وقت طلبهم لها تامةً غير ناقصة،[2] وقيل إنّ المراد بالأمانة اصطلاحاً أنّها: التَّعفُّف عن كلِّ ما يمكن للإنسان أن يتصرَّف فيه مِن الأموال والأشياء النفيسة وغير ذلك مما ليس في ملكه، وما يُحفظ عنده لثقة الناس به مع القدرة على التصرُّف فيه دون أن يطلع عليه أحد، وردُّ جميع ما يُستودع لديه إلى مودعه حال طلبه تاماً غير ناقص.

أما الكفوي فقد عرَّف الأمانة بتعريفً أخصَّ من التعريفات السابقة، وجعل الأمانة: كلُّ ما افترضه الله -سبحانه وتعالى- على العباد من تكاليف وفرائض وأحكام، كالصلاة والزكاة والصيام، وجميع أحكام الإسلام، وأوكد هذه الأمانات وأهمها الودائع التي يحفظها الناس لدى المسلم، وأهمُّ هذه الودائع حفظ الأسرار وكتمها،[3] فتشمل الأمانة بذلك جميع الأحكام والتكاليف والأخلاق التي فرضتها الشريعة، ودعا إليها الإسلام، ولذلك جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- الأمانة من أُسس ودلائل النفاق حين قال: (آيةُ المنافقِ ثلاثٌ: إذا حدَّثَ كذبَ، وإذا وعَدَ أخلفَ، وإذا اؤتُمِنَ خان)،[4]

أهمية الأمانة

للأمانة أهميةٌ كبيرةٌ في الدِّينُ الإسلاميّ، لما لها من علاقةٍ وثيقةٍ بجميع الفرائض والأحكام والأخلاق والآداب التي جاء بها الإسلام، كما أنها تُشير إلى تحلي المسلم بأهم خُلُقٍ يحتاج إليه البشر جميعاً في المعاملات الماليّة، والشخصيّة فيما بينهم، مما يزيد الثقة بين الناس، ويدعو للأمان والألفة والتماسك بين أفراد المجتمع ككل، وقد ظهر ذلك من خلال تعريف الأمانة سالف الذكر، ويمكن إبراز أهمية الأمانة كخُلُقٍ إسلامي من خلال النقاط الآتية:[5]

  • الأمانة دليلٌ على صدق إيمان المسلم وحُسن إسلامه: فالأمانة تدلُّ على التزام المسلم العملي بما أمره به الله سبحانه وتعالى من الأحكام، وأنه يعتقد صلاحية ما جاء به الله ليكون شريعةً ينتهجها في حياته، ولو كان ذلك سبباً في أن يدع ملذاته وشهواته.
  • الأمانة تدعو لحفظ الدين، وأداء حقوق الله عز وجل: فالأمانة كما أُشير في معناها الاصطلاحي تعني الالتزام بما أمر الله به وافترضه على المسلم من تكاليف وفرائض وواجبات، لذلك فإن الالتزام بالأمانة يعني الالتزام بكل ما أمر الله به، وفرضه على عباده.
  • الأمانة دليلٌ على حُسن الخلق وتمام الأخلاق الحميدة عند الذي يتحلى بها: فالمسلم إن تحلّى بالأمانة لا بدَّ أن يتحلّى بباقي الأخلاق، التي هي بالنتيجة تندرج تحت خُلُق الأمانة كما مرَّ في التعريف اللغوي لها، فالصدق جزءٌ من الأمانة، وحفظ العهود والمواثيق من الأمانة، وصون أعراض الناس من الأمانة، إلى غير ذلك من الأخلاق والفضائل، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك: (إنَّما بُعثتُ لأتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ).[6].
  • الذي يتحلى بالأمانة يصل إلى حب الله -سبحانه وتعالى- وحب الناس واحترامهم: فإن الذي يتحلى بالأمانة يُحبه الله، وخير دليلٍ وشاهدٍ على ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي كان يحبه أهله وعشيرته حتى قبل أن يُبعث بالرسالة لأمانته وصدقه.
  • الأمانة صفةٌ من الصفات المهمة التي تؤدي إلى حفظ حقوق الناس وتأديتها وقت حاجتهم لها: فالأمانة بمفهومها العام تعني تأدية الحقوق لمن استأمنك عليها وقت حاجته لها تامةً غير ناقصة، وهي صفةٌ مهمةٌ في التعامل بين الناس، إذ تؤدي لأن تسود الثقة والألفة فيما بينهم.
  • الأمانة تؤدي إلى حفظ الأعراض والأموال: فالذي يتحلّى بالأمانة يُدرك أنّ من الأمانة أن يحفظ أعراض الناس فلا يكشفها ولا يفضحها، فضلاً عن أن ينتهكها، أو يرتع فيها.
  • الأمانة تؤدي بصحابها إلى الفوز بالأجر والثواب من الله سبحانه وتعالى، وذلك لعظمتها عند الله، وثقلها على المسلم الذي تحمَّل وجود الملذات، ثم امتنع عنها محبَّةً في الله ورغبةً فيما عنده.
  • الأمانة طريقٌ لحفظ العلوم والمعارف: فإن الأمين يُدرك أنَّ من الأمانة إيصال ما تعلَّمه من العلوم والمعارف إلى طلاب العلم دون تحريفٍ أو تزييف، مما يؤدي إلى حفظ العلوم وبقائها.
  • الأمانة من العوامل نشر الأمن في المجتمع: حيث بالأمانة تنتشر الثقة بين الناس ويحسُن التعامل، وتظهر الأخلاق الحميدة، ويأمن الناس على أمولهم وممتلكاتهم وأعراضهم.
  • الأمانة تؤدي إلى تصالح الفرد مع نفسه ورضاه عنها: فالأمين يعي جيداً قيمة الأمانة وأثرها على نفسه ومجتمعه مما يجعله يرضى عن نفسه ويُحب أعماله، وبالتالي ينعكس ذلك على رضا المجتمع عنه.
  • الأمانة صفةٌ إن وُجدت في المسلم ستنتفي معها جميع الصفات السيئة عنه: وأهم الصفات التي تنتفي بوجود الأمانة الخيانة، والغدر، والكذب، والنفاق، والفحش بالقول أو العمل، وغير ذلك من الصفات السيئة، حيث إنّ الأمانة تدعو للتحلي بالأخلاق الحميدة ونبذ السيئ من القول والعمل.
  • الأمانة تؤدي إلى خيرية المجتمع إن أصبحت صفةً يتحلى بها أبناؤه: فإن شيوع الأمانة في مجتمعٍ من المجتمعات يجعل ذلك المجتمع يصبح مجتمعاً مثالياً بعيداً عن المشاكل والعراقيل التي تؤدي إلى تعطيل عجلة التطور الحضاري والفكري فيه.
  • الأمانة تؤدي إلى إتقان الأعمال التي كُلِّف بها المسلم، ويصبح الفرد فاعلاً في مجتمع منتجاً بدل أن يكون مستهلكاً كسولاً، ويؤدي التحلي بالأمانة إلى إظهار الأكفياء وأصحاب الطاقات العالية، مما يزيد في تقدم المجتمع المسلم ويزيد من صلابته وتماسكه وبالتالي قوته.

المراجع

  1. ↑ "تعريف و معنى الأمانة"، معجم المعاني الجامع، اطّلع عليه بتاريخ 30-4-2017. بتصرّف.
  2. ↑ محمد بن عبدالله النونان، "سلسلة أخلاقنا- الأمانة"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 17-2-2017.
  3. ↑ "معنى الأمانة لغةً واصطلاحاً"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 30-4-2017. بتصرّف.
  4. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 33.
  5. ↑ "ما هي فوائد الأمانة"، المرسال، 23-1-2017، اطّلع عليه بتاريخ 30-4-2017. بتصرّف.
  6. ↑ رواه الزرقاني، في مختصر المقاصد، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 184، صحيح.