كيف الطريق الى الله
إرسال الرسل والأنبياءشاء الله -تعالى- أن يجعل في الأرض خليفةً له، ليعمّرها ويبنيها كما يرضي الله -سبحانه- عنه، فخلق الخلْق، وفطرهم على الفطرة السويّة، التي
جدول المحتويات
إرسال الرسل والأنبياء
شاء الله -تعالى- أن يجعل في الأرض خليفةً له، ليعمّرها ويبنيها كما يرضي الله -سبحانه- عنه، فخلق الخلْق، وفطرهم على الفطرة السويّة، التي تعينهم على إتمام غاية الله تعالى، وقد زاد الله -تعالى- على الفطرة السليمة، أن بعث الأنبياء والرسل موضّحين للناس حقيقة توحيد ربّهم، وإرشادهم إلى غاية خلقهم، حيث قال الله تعالى: (رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا)،[1] وقد أدى الأنبياء -عليهم السلام- رسالات ربّهم إلى البشر على أكمل وجهٍ، فعرّفوا الناس بخالقهم، وأرشدوهم إلى الطريق إليه، وحثّوهم على إتيان أوامره، وتجنّب معصيته، وأبلغوهم أنّ من سلك طريق الله تعالى، وجبت له الجنة بعد ذلك، وإنّ ذلك وعد الله -تعالى- لهم، فعندما جاء رجلٌ إلى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يسأله عن أداء الفرائض التي عليه، عدّدها رسول الله أمامه، فقال الرجل: (والذي أكرمَك، لا أتطوَّعُ شيئًا، ولا أنقصُ مما فرضَ اللهُ عليَّ شيئًا، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أفلح إن صدقَ، أو أُدخِلَ الجنةَ إن صدقَ)،[2] فكأن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قد رسم أمامه الطريق إلى الله تعالى، في بضع كلماتٍ يوصي الرجل فيها، وتلك إحدى التوجيهات التي وردت عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- في وصف الطريق إلى الله تعالى، ورضوانه، والفوز بجنانه.
الطريق إلى الله
يذكر العلماء في وصف الطريق إلى الله -تعالى- أنّه متعدّدٌ ومتنوعٌ، ويُقسم إلى طريقين رئيسيين يوصلان صاحبهما إلى الله تعالى، وإلى اليقينيات العظمى في حياة الإنسان، وفيما يأتي بيان ذلك:[3]
- الإمعان والتفكر في خلق الله -تعالى- وعظمته، فإنّ كلّ ما يملأ الكون الفسيح يوصل بالإنسان إلى أنّ هناك خالقاً مدبّراً لذلك الكون، ولذلك كان العلماء والدعاة يستحثّون الناس أن ينظروا في الكون وعظمته، من أدقّ المخلوقات؛ وهي الذرّة، إلى أعظمها؛ وهي المجرات العظيمة، ومن الجدير بالذّكر أنّ وصية التفكر وإعمال العقل في قدرة الله -تعالى- وعظمته في مخلوقاته؛ هي وصيّةٌ ربّانيةٌ تكرّرت مراراً في القرآن الكريم، ودليل ذلك قول الله تعالى: (قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ)،[4] وقال الله تعالى في موضعٍٍ آخرٍ: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ)،[5] وغير ذلك الكثير من الآيات التي ترغّب المسلم في النظر في عظيم صنع الله تعالى ومخلوقاته، التي تصل بالمسلم إلى الله تعالى.
- النظر في القرآن الكريم وفهمه وتدبّره، فإنّ القرآن الكريم كلام الله تعالى، الذي يوضّح للمسلم أسماء الله، وصفاته، وعظيم صنعه، فيصل فيه إلى علم الله سبحانه، وإحاطته، وهيمنته، ويستيقن الإنسان من خلاله صفات الجلال والكمال، ويعرف قصص الأنبياء والأمم السابقة، ويعرف حال من آمن منهم، وحال من كفر، ويعيش وصف الجنة والنار، والبعث والحساب، وغير ذلك، مما يقرّ في نفسه معاني الإيمان الحقيقية بالله تعالى، فيُقبل عليه محبّاً له، طامعاً في رحمته، ويخشى عذابه.
طريق الله طريق السعادة
إنّ من عرف طريق الله تعالى، وسار فيه، أدرك أنّه طريقٌ موصلٌ إلى السعادة الحقيقية، وإذا ذُكرت السعادة، ذُكر من ضمنها السكينة والراحة، وطمأنينة القلب، وراحة البال، والرضا بالحال، ولقد وردت السعادة في القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، في العديد من المواضع، كلٌّ منها ذُكر في لفظٍ مختلفٍ قليلاً، ومن ذلك قول الله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)،[6] ففي ذلك الموضع عرّف الله -تعالى- السعادة بأنّها الحياة الطيبة، وفي آيةٍ أخرىٍ، قال الله تعالى: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى* وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا)،[7] فالله -تعالى- نفى الضلال والشقاء عمّن تمسّك بطريق الله -تعالى- وذكره، وذلك بعكس من أعرض عن الله، فإنّه في الضلال والضنك والمشقة، ولقد ذكر الله -تعالى- لعباده أنّ منتهى السعادة حين يبشّر المرء بالجنان يوم القيامة، حيث قال الله تعالى: (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ).[8] وإذا قُرنت السعادة بالإقبال على الله -تعالى- وعبادته، فإنّه لا بدّ من ذكر الأعمال الصالحة التي ترضي الله تعالى، وتوصل إلى قربه، وفيما يأتي بيان ذلك:[9][10]
- الإيمان والعمل الصالح، ولقد ورد ذكر الآية الكريمة التي قرنت بين الإيمان والأعمال الصالحة، وبين هناء المرء وتقلّبه في طيب الحياة وسرورها.
- الشعور بمعيّة الله -تعالى- على الدوام، وذلك بالإكثار من ذكر الله ومراقبته، والله -تعالى- يؤكّد ذلك بقوله: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)،[11] ويقول السعديّ رحمه الله مبيناً ذلك: (أيّ أنّها حقيقٌ بها، وحريٌّ أن لا تطمئن لشيءٍ سوى ذكره، فإنّه لا شيء ألذ للقلوب، ولا أشهى، ولا أحلى، من محبة خالقها، والأنس به ومعرفته، وعلى قدر معرفتها بالله ومحبتها له، يكون ذكرها له).
- الامتثال لأوامر الله -تعالى- وطاعته، وإن قلّت الطاعات فلا بأس، فإن قليلاً دائمٌ خيرٌ من كثيرٍ منقطعٍ.
- العفو ومسامحة الناس، وهي من أحبّ الإعمال إلى الله تعالى، وقد رغّب النبي -صلّى الله عليه وسلّم- المسلمين أن يعفو بعضهم عن بعضٍ وقت الزلات، حيث قال: (وما زاد اللهُ عبدًا بعفوٍ إلَّا عزًّا، وما تواضَع أحدٌ للهِ إلَّا رفعه اللهُ).[12]
- الإنفاق في سبيل الله تعالى؛ كبناء مسجدٍ، أو رعاية فقيرٍ، أو طباعة مصحفٍ، وغير ذلك.
- إطعام الطعام، وإفشاء السلام.
المراجع
- ↑ سورة النساء، آية: 165.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن طلحة بن عبيد الله، الصفحة أو الرقم: 6956 ، صحيح.
- ↑ "الطريق إلى الله"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-6. بتصرّف.
- ↑ سورة يونس، آية: 101.
- ↑ سورة الروم، آية: 22.
- ↑ سورة النحل، آية: 97.
- ↑ سورة طه، آية: 123،124.
- ↑ سورة هود، آية: 108.
- ↑ "خطبة الطريق إلى السعادة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-7. بتصرّف.
- ↑ "الأعمال الصالحة في الميزان"، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-6. بتصرّف.
- ↑ سورة الرعد، آية: 28.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2588 ، صحيح.
المقال السابق: كيف أنمي ثقافتي العامة
المقال التالي: كيف أصير مثقفة
كيف الطريق الى الله: رأيكم يهمنا
0.0 / 5
0 تقييم