نزل الوحي على النبي محمد عليه الصلاة والسلام وهو في سن الأربعين من عمره في غار حراء في مكة المكرمة، وكان ذلك ليلة السابعة عشرة من شهر رمضان المبارك، ثمّ نزل عليه الوحي مرة أخرى وأبلغة برسالة الله تعالى إلى النّاس أجمعين، ونزلت عليه آيات من سورة المذثر فيها أمر من الله أنْ ينذر عشيرته الأقربين، ودعا الكبير والصغير والعبد والحر والرجال والنساء سرًّا وخفية لمدّة ثلاث سنوات، وآمن به عدد قليل من الناس، وجاءه الأمر من الله عزّ وجل أنْ يعلن هذه الدعوة على الملأ فنزل عليه قوله تعالى: (فَاصدَع بِما تُؤمَرُ وَأَعرِض عَنِ المُشرِكينَ)،[1] فخرج النبي عليه الصلاة والسلام حتّى صعد الصّفا وخطب فيهم وأخبرهم أنّه نبي من عند الله تعالى، فقال لهم: (فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد)،[2] ولقي المسلمون التعذيب والإيذاء من قريش.[3]
لقي النبي عليه الصلاة والسلام ومن آمن معه من المسلمين السخرية والاستهزاء قولاً وفعلاً، حتّى اشدّ عليه الأذى من قريش فخرج إلى الطائف يدعوهم فاجتمع بهم فلم يردّوا عليه وأرسلوا غلمانهم وسفهاءهم يرمونه بالحجارة، وبقي الرسول على هذه الحال يتلقى الأذى بكافة أشكاله حتّى أنّه قُوطع من قريش حتّى بايعه الأنصار على عبادة الله تعالى والدخول في الدعوة ونصرة النبي عليه الصلاة والسلام إن هاجر إليهم فأذن الله له بالهجرة إلى المدينة المنورة.[4]
بعد وصول النبي عليه الصلاة والسلام إلى يثرب قام ببناء المسجد، وآخا بين المهاجرين وأهل المدينة الأصليين وهم الأنصار على أساس من العلاقة القوية بينهما، وأقام العهود والمواثيق مع باقي سكان المدينة من يهود ووثنيين مع ضمان حرية دينهم ومعتقدهم، ووضع النبي عليه الصلاة والسلام دستوراً ينظم العلاقات بين أهل المدينة ومختلف دياناتهم وأصولهم العرقية، وقام عليه الصلاة والسلام ببناء الجيش ليلاقي به أعداء الإسلام والمسلمين.[5]