-

كيف دخل الإسلام إلى الجزائر

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الجزائر ما قَبل الإسلام

يُشكِّل الأمازيغ الغالبيّة العُظمى من سُكّان الجزائر، بل من سُكّان المغرب العربيّ، وإلى جانب الأمازيغ، فقد سكن المنطقة أقلِّية من البيزنطيِّين، والأفارقة، وذلك قَبل فتوحات العرب المُسلِمين لها، حيث ينقسم الأمازيغ إلى: البرانيس؛ وهم من الحَضَر الذين سَكنوا السهول الساحليّة، واشتغلوا بالزراعة، وكان يُطلَق عليهم (الرومان الموريطانيِّين)، كما كانوا يدينون بالديانة المسيحيّة، وشديدي التمسُّك بها، أمّا القسم الآخر، فيُسمَّى البتر، ومن أشهر قبائلهم: الزناتة، والبورغواطة، والنفوسة، واللواتة، والهوارة، حيث كانوا يسكنون الجبال، والبوادي، واشتُهِروا بكثرة الترحال والتنقُّل؛ للبحث عن مناطق تتوفَّر فيها أساسيّات الحياة.[1]

وقد اختلفَت أراء المُؤرِّخين حول أَصْل الأمازيغ؛ فمنهم من قال إنّهم قد نشأوا في المغرب، ومنهم من قال إنّهم من بحر إيجة، وهناك فِرقة تقول بأنّهم ساميّون من أنساب العرب، إلّا أنّهم اختلفوا فيما بعد، فقد ذَكَر أحد مُؤرِّخي الدولة البيزنطيّة، وهو بروكوبيوس أنّ الأمازيغ من العبرانيِّين، والبونيقيِّين، وهذا ما وافَقَه عليه الطبرانيّ عندما ذَكَر نَسل الأمازيغ الذي يعود إلى يقشان بن إبراهيم عليه السلام، كما قِيل بأنَّهم حاميّون، وبعضهم قد رَجَع في أصولهم إلى الفُرس، وقال المُؤرِّخ سترابو إنّهم من الهند، بينما رجَّح آخرون أنّهم من أصول مُختلَطة.[2]

كان سُكّان الجزائر من الأمازيغ القدماء يعتقدون بوجود إله يُسمَّى عمون، وهذا الإله موجود في بعض الكائنات، كالكواكب، والحيوانات، وغيرها؛ لذلك كان الأمازيغ يعبدون الشمس، والقمر من الكواكب، والثور، والكبش، والأفعى، والحمام، والطاووس، والقرد من الحيوانات، كما كانوا يعتقدون بوجود الجنّ في الأحجار، والأشجار، فيعبدونها ويتقرَّبون إليها؛ لنيل ما يريدون، ولمّا كانت منطقة الأمازيغ مسكونة بأُمَم مُتعدِّدة، نتجَ عن هذا تعدُّدٌ في الطوائف، والديانات، حيث كانت ديانة بعضهم مُشابِهة لديانة القدماء المصريِّين، ومنهم مَن أخذ جزءاً من ديانة الفينيقيِّين، والرومان، إذ كانت هذه الديانات جميعها وثنيّة.[2]

دخول الإسلام إلى الجزائر

كانت الجزائر، ومعها طرابلس، وتونس، ومراكش، تُعرَف باسم ليبية، ثمّ انفصلت عن هذه التسمية عند قدوم العُثمانيِّين، بينما كان الجغرافيّون اليونانيّون، واللاتينيّون، يُقسِّمون هذه المنطقة التي عُرِفت لاحقاً باسم الجزائر إلى ثلاثة أقسام، هي: ماسيسيليا، وماسيليا، وجيتولية، ولمّا جاء العرب أطلقوا اسم المغرب على هذه المنطقة؛ وذلك لوقوعها غرب الجزيرة العربيّة، وقسَّموها إلى ثلاثة أقسام، هي:[2]

  • المغرب الأدنى: ويكون ما بين بُرقة شرقاً، وبجاية غرباً.
  • المغرب الأوسط: ويكون ما بين بجاية شرقاً، ووادي ملوية غرباً.
  • المغرب الأقصى: ويكون ما بين وادي ملوية شرقاً، والمحيط الأطلسيّ غرباً.

حاول العرب المُسلِمون فَتْح المغرب العربيّ، ولم تنجح مُحاولاتهم إلّا بعد سبعة عقود من الزمان، لقوا فيها مقاومة شرسة من قِبَل الأمازيغ الذين اشتُهروا بقوَّتهم، وصمودهم في وجه حملات الغزو الأجنبيّ جميعها، ابتداءً من الرومان وصولاً للفينيقيِّين، والوندال؛ حيث واجه المُسلِمون في البداية أشدّ أنواع المقاومة بقيادة كسيلة والكاهنة؛ تعبيراً عن تمسُّكِهم بالجزائر، كما أنّهم لم يقبلوا الدخول إلى الإسلام، إلى حين تمكُّن القادة العرب، كعقبة بن نافع الفهريّ، وأبي المهاجر بن دينار، من فَتْحها.[1]

يُعَدّ رَفْضُ الأمازيغ الغزوَ الأجنبيّ، وتمسُّكهم بمعتقداتهم، من أبرز أسباب تصدِّي الأمازيغ للجيوش الإسلاميّة، الأمر الذي جعل أبرز ملوك الأمازيغ، وهو كسيلة، يستجمِع جيوشه في مواجهة عقبة بن نافع؛ ليُوقِف الزَّحف الإسلاميّ على أراضيه، والجدير بالذكر هنا أنّ القبائل الأمازيغيّة التي رفضت الإسلام، والتي تُدعَى البرانيس، هي من كانت تسكُن المُدن، حيث كانت تميل إلى اليونانيِّين، والبيزنطيِّين، وأنّ تمسُّك تلك القبائل بالديانة المسيحيّة كان بالمقام الأوّل؛ للحفاظ على مراكزهم كقبائل مُسيطِرة في المنطقة.[1]

أمّا قبائل البتر، فقد اعتنقَت الإسلام، بل وشاركت تحت لواء قائدها ابن معاد في المعارك التي شَنَّها عقبة بن نافع، وأبو المهاجر بن دينار ضدّ ملوك الأمازيغ، أمثال: كسيلة، والكاهنة، ويعود اعتناق الأمازيغ للإسلام إلى عِدَّة أسباب، من بينها: الفوارق الاقتصاديّة، والاجتماعيّة التي سادَت بين البتر، والبرانيس، كما كان للانقسامات بين الطوائف المسيحيّة أَثَر في تعميق الفوضى في المُجتمَع، أمّا السبب الثاني، فيعود إلى مدى تشابُه قبائل البادية مع العرب في كثير من الصفات والخصائص، مثل: أسلوب المعيشة، والتقسيمات القَبَليّة، وحبّ الغَزو، وغيرها.[1]

بدأ السكّان الأمازيغ يُحِبّون الإسلام، ويتعمَّقون فيه، كما ساهم الأمازيغ البتر في نشر الإسلام، وذلك عن طريق الاشتراك في دَعْم الجيوش الإسلاميّة بالمقاتلين، ولم يتوقَّف الأمر هنا، حيث كانت مُساهَمتهم مباشرة في فَتْح بعض المناطق، كالأندلس على يد طارق بن زياد، إضافة إلى أنّهم اتّجهوا نحو تعلُّم الفِقه، والحديث، عَبر بعثات إلى مصر، والعراق؛ ليتعمَّق فَهْمُهم للدين الإسلاميّ، كما شرح لهم ابن تومرت مُؤسِّس دولة المُوحِّدين تعاليم الدين الإسلاميّ، من خلال بعض مُؤلَّفاته، وحَرِص المُسلِمون على حفاظ الأمازيغ على لغتهم، وثقافتهم، وهذا يَظْهر جَليّاً في لجوء ملوك الأمازيغ إلى استخدام لُغتهم في تعليم الدين الإسلاميّ.[1]

تُعتبَر الجزائر من البلاد الغنيّة بالميراث الثقافيّ العريق، والذي يتنوَّع من منطقة إلى أُخرى، وقد شهد التاريخ الذي كتبه المسافرون، والباحثون، والجغرافيّون على تمسُّك الشعب الجزائريّ بقِيَمه الأصيلة، وانتمائه الثابت لعاداته، وتقاليده، ولغته، وتراثه الاجتماعيّ، والثقافيّ، علماً بأننّا عندما نذكر الثقافة، فإنّنا نعني التراث بمُجملِه: من لغة، ودين، وفنّ.[3]

تُعَدُّ اللغةُ العربيّة اللغةَ الرسميّة للبلاد، بالإضافة إلى اللغة الفرنسيّة كلغة ثانية يُتقِنها العديد من الجزائريِّين، كما أنَّ خُمس السكّان يتحدَّثون الأمازيغيّة في مناطق عِدَّة من الجزائر، حيث تختلف لهجاتهم من منطقة إلى أُخرى.[4] إضافة إلى أنّ الدين الإسلاميّ يُعتبّر دين الدولة؛ حيث يُشكِّل المُسلِمون ما نسبته 99% من السكّان، ومع ذلك، فإنّ هناك وجوداً للكنائس الكاثوليكيّة الرومانيّة، إذ يُقدَّر عدد غير المُسلِمين المُقِيمين في الجزائر بأقلّ من 5000 شخص.[5] وفي ما يتعلَّق بالمجال الموسيقيّ، فإنّ الجزائر تمتلك سِجِلّاً واسعاً مليئاً بأنواع عديدة من الموسيقى العربيّة الأندلسيّة، والشعبيّة، والتي تنبثق منها موسيقى الراي، والموسيقى القبائليّة، وأبرز ما يُميِّز هذه الأنماط الموسيقيّة المزجُ اللغويّ بين مفردات اللغة العربيّة الفُصحى، واللهجة الجزائريّة، بما في ذلك الأمازيغيّة.[3]

معلومات عن الجزائر

تقعُ الجزائر في شمال غرب أفريقيا، على طول البحر الأبيض المُتوسِّط، وتَحدُّها من الشرق تونس، وليبيا، أمّا من الجهة الجنوبيّة الغربيّة فتحدُّها مالي، وموريتانيا، وتُطِلّ على النيجر من الجهة الجنوبيّة الشرقيّة، كما تحدُّها من الغرب والشمال الغربيّ الصحراء الغربيّة، والمغرب، وتُعتبَر الجزائر ثاني أكبر دُول أفريقيا من حيث المساحة؛ حيث تبلُغ مساحتها الإجماليّة 2,381,740 كم2، ويصِل إجماليّ طول حدودها إلى 6,343 كم، ومدينة الجزائر هي عاصمة الدولة،[6] وهي المدينة التي اختارها الاستعمار الفرنسيّ؛ لتكون عاصمة للجزائر أيضاً، وقد أخذت الجزائر اسمَها باعتِبَارها مجموعة من الجُزُر في إشارة إلى الجُزُر الأربع التي تمّ رَبْطها بالساحل لاحقاً، علماً بأنّه كان يُطلَق على سُكّان الجزائر اسم (الجزائريِّين)، وهي كلمة مرادفة لكلمة (قراصنة)، حيث استخدمها البريطانيّون والأمريكيّون في أوائل القرن التاسع عشر،[7] كما كانت الجزائر منطقة عبور للمهاجرين إلى أوروبا، والشرق الأوسط، ولهذا السبب، تأثَّر سُكّانها بالعديد من الحضارات التي وصلتها عبر مرّ القرون.[8]

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج إدريس شريف، "التفاعل بين الإسلام والأمازيغية في الجزائر"، www.aljazeera.net، اطّلع عليه بتاريخ 4-7-2018. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت مبارك بن محمد الميلي (1406هـ، 1986م)، تاريخ الجزائر في القديم والحديث ، الجزائر: المؤسسة الوطنية للكتاب ، صفحة 45، 46، 81، 82، 83، 121، 122، 123 جزء الأول. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "تدوين وتسجيل التعابير الثقافية التقليدية و الشعبية"، www.m-culture.gov.dz، اطّلع عليه بتاريخ 14-8-2018. بتصرّف.
  4. ↑ "Algeria, LANGUAGES", www.encyclopedia.com, Retrieved 14-8-2018. Edited.
  5. ↑ "Algeria, RELIGIONS", www.encyclopedia.com, Retrieved 14-8-2018. Edited.
  6. ↑ "Algeria, LOCATION, SIZE, AND EXTENT"، www.encyclopedia.com, Retrieved 4-7-2018. Edited.
  7. ↑ "Algeria ", www.etymonline.com, Retrieved 4-7-2018. Edited.
  8. ↑ "Algeria, description"، www.worldatlas.com, Retrieved 4-7-2018. Edited.