كم عدد أسماء الله الحسنى
العلم بأسماء الله تعالى وصفاته
إن العلم بأسماء الله الحسنى وصفاته العليا من أشرف العلوم وأعظمها، إذ إن شرف العلم بشرف المعلوم، والله عز وجل أشرف المعلومات، ولذلك فإن العلم بأسمائه وصفاته أشرف العلوم، وأنفعها للعباد، حيث إن العلم النافع ما يعرف العبد بربه ويدله عليه، ويؤدي إلى تعظيم الله تعالى وإجلاله، ومهابته، والخوف منه، ودعائه، والتوكل عليه، والصبر على بلائه، والرضا بقضائه، بالإضافة إلى معرفة ما يحبه ويكرهه من الأقوال والأعمال والاعتقادات، ومن الجدير بالذكر أن أصل توحيد الأسماء والصفات مبني على النفي والإثبات، إثبات ما أثبته الله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم- من أسماء وصفات، ونفي ما نفاه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وقد بين الله تعالى في القرآن الكريم أن نفي ما أثبته الله تعالى لنفسه من الأسماء والصفات يهلك صاحبه، حيث قال تعالى: (وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَـكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ*وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ)،[1] وكان سبب هلاك وخسران الذين ذكرهم الله تعالى في الآية الكريمة أنهم نفوا عن الله تعالى ما أثبته لنفسه، وهو العلم، إذ إن علم الله تعالى وسع كل شيء، فهو علمٌ كاملٌ شامل، ولا بُد من الإشارة إلى أنهم لم ينفوا علم الله تعالى بالكلية، بل ظنوا أن علم الله تعالى غير شامل ولا كامل، بحيث لا يعلم كثيراً مما يفعلون، فهلكوا، فالذي ينفي أسماء الله تعالى وصفاته بالكلية أحق بالهلاك والخسران.[2]
عدد أسماء الله الحسنى
اختلف العلماء في عدد أسماء الله الحسنى، حيث رأى فريق منهم أن عددها تسعة وتسعون اسماً، بينما قال جمهور العلماء بأن أسماء الله الحسنى لا حصر لها ولا يعلم عددها إلا الله تعالى، واستدل أصحاب الرأي الأول ومنهم ابن حزم -رحمه الله- على رأيهم بما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (للهِ تسعةٌ وتسعون اسمًا، مائةٌ إلَّا واحدًا، لا يحفَظُها أحدٌ إلَّا دخل الجنَّةَ، وهو وِترٌ يحبُّ الوِترَ)،[3] بينما نقل النووي -رحمه الله- تعالى اتفاق العلماء على أن أسماء الله تعالى لا حصر لها، حيث قال: (لَيْسَ في الحديثِ حَصْرُ أسْمَاءِ اللهِ تَعَالَى، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّه لَيْسَ له اسْمٌ غَيْرُ هَذهِ التِّسْعَةِ والتِّسْعِينَ، وإِنَّمَا مَقْصُودُ الحديثِ أَنَّ هَذِهِ الأَسْمَاءَ مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ، فالُمرَادُ الإِخْبَارُ عَنْ دُخُولِ الجَنَّةِ بِإِحْصَائِها، لا الإخَبْارُ بِحَصْرِ الأَسْمَاءِ). واستدل أصحاب الرأي القائل بأن أسماء الله تعالى ليس لها حصر على صحة تأويلهم للحديث بما رواه عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يدعو قائلاً: (اللَّهمَّ إنِّي عبدُك، ابنُ عبدِك، ابنُ أمَتِك، ناصيتي بيدِك، ماضٍ فيَّ حكمُك، عدْلٌ فيَّ قضاؤُك، أسألُك بكلِّ اسمٍ هو لك سمَّيْتَ به نفسَك، أو علَّمْتَه أحدًا من خلقِك، أو أنزلتَه في كتابِك، أو استأثرت به في علمِ الغيبِ عندك)،[4] ويدل الدعاء على أن لله تعالى أسماءً لم ينزلها في كتابه وإنما استأثر بها في علم الغيب عنده، ولم يُعلم بها أحداً من عباده، وقد رجح شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في كتابه درء تعارض العقل والنقل رأي الجمهور، وعلل ذلك بأن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن للهِ تسعةً وتسعين اسمًا، مائةً إلا واحدًا، مَن أحصاها دخلَ الجنةَ)،[5] معناه أن من أحصى التسعة والتسعين من أسماء الله الحسنى دخل الجنة، وهذا لا يدل على أنه ليس له إلا تسعة وتسعون اسماً، ثم ذكر حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- الذي ذكرناه سابقاً.[6]
من أسماء الله الحسنى
إن لله أسماءً حسنى لا يعلم عددها إلا هو، وقد تتبع العلماء أسماء الله تعالى من القرآن الكريم، والسنة النبوية، فاتفقوا على بعض الأسماء واختلفوا في بعضها الآخر، وفيما يأتي ذكر بعض أسماء الله الحسنى ومعانيها:[7]
- الله: وهو اسم للموجود الحق الجامع لصفات الألوهية، والموصوف بصفات الربوبية، المتفرد بالوحدانية، وهو أول الأسماء وأعظمها، وأعمها مدلولاً، وهو الذي يفتتح به أمور الخير، وقد كان يفتتح به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رسائله، وكذلك افتتح به الله عز وجل كتابه في أول آية من سورة الفاتحة.
- الجبار: وهو المتعاظم المستعلي الذي بيده الموت والحياة، والعز، والذل، والفقر، والغنى، ولا يخرج أحد عن أمره الكوني، ولا عن سلطانه القدري.
- الأعلى: وله العلو المطلق في أسمائه وصفاته، ولا يتخيل الإنسان شيئاً عالياً إلا والله أعلى منه، فهو الذي علا كل شيء.
- الأحد: وهو المتفرد في أفعاله وصفاته، فلا نظير له ولا شبيه.
- الآخر: وهو الذي له الخلود، والبقاء الدائم، فليس لوجوده نهاية ولا يفنى ولا يبيد.
- الباطن: وهو الذي لا يُشاهد في الدنيا، وإنما يُعرف بدلائل خلقة، وعظيم صنعه.
- البصير: وهو الذي يبصر كل شيء فلا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.
- الحكيم: وهو الذي لا يقول إلا الحق، ولا يفعل إلا الصواب، فأفعاله سديدة وصنعه متقن.
- الحافظ: وهو الذي يصون عباده من الهلاك في أمور دينهم ودنياهم.
- الباسط: وهو الذي يوسع الرزق لمن يشاء من عباده.
- الأول: وهو الذي ليس لوجوده بداية.
- البارئ: وهو الخالق.
المراجع
- ↑ سورة فصلت، آية: 22،23.
- ↑ "توحيد الأسماء والصفات وأثره في وجدان العبد وسلوكه الإيماني"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-12-2018.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة ، الصفحة أو الرقم: 6410، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في السلسلة الصحيحية، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 199 ، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2736 ، صحيح.
- ↑ "هل أسماء الله محصورة بعدد؟"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-12-2018. بتصرّف.
- ↑ "معجم أسماء الله الحسنى (1)"، library.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-12-2018. بتصرّف.