كم عدد أزواج النبي
فضل أمهات المؤمنين
لا شكّ أنّ زوجات النبي -عليه الصلاة والسلام- كنّ من اختيار الله -تعالى- لهنّ، واصطفائهنّ على غيرهنّ، ولقد عظّم الله -تعالى- شأنهنّ وجعلهنّ أمهاتٍ للمؤمنين، حيث قال الله سبحانه: (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ)،[1] ومن تكريم الله -تعالى- لهنّ أن جعلهنّ زوجاتٍ للنبي ولا يحلّ لأحدٍ من بعده أن يتزوّجهنّ، فقال الله سبحانه: (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا)،[2] قال ابن كثير: وقوله وأزواجه أمهاتهم؛ أي في الحُرمة والاحترام والتوقير، والإكرام، والإعظام، ولكن لا تجوز الخلوة بهن، حيث يقتصر التحريم عليهنّ بالإجماع، ولقد تعدّدت زوجات النبي -عليه الصلاة والسلام- وتعدّدت الحِكم من التعدد.[3][4]
عدد زوجات النبي
تزوّج النبي -صلّى الله عليه وسلّم- إحدى عشرة زوجةً، جمع بين معظمهنّ باستثناء السيدة خديجة التي لم يجمع معها زوجةً أخرى طول حياتها، وفيما يأتي ذكرٌ لزوجات النبي عليه الصلاة والسلام:[4][5]
- خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وقد كانت من أشراف قومها، عُرفت بوفرة المال والتجارة، فاستأجرت النبي -عليه الصلاة والسلام- في تجارتها فبارك الله له فيها، وشهدت خديجة أمانة النبي وصدقه فرغبت فيه، فعرضت نفسها عليه ليتزوّجها، فقبل النبي وتزوّجها، ورُزق منها بالبنين والبنات، حيث كانت خديجة أوّل من آمن بالنبي عليه السلام، وصدّقته، وقدّمت إليه الدعم النفسي ونصرته بكلّ ما تملك، وتوفيت في رمضان في السنة العاشرة للبعثة، ودفنت في جبلٍ بمكة.
- سودة بنت زمعة رضي الله عنها، وقد كانت زوجةً للسكران بن عمرو بن عبد شمس، وقد أسلما وهاجرا إلى الحبشة، ثمّ عادا إلى مكّة، فتوفّي زوجها في مكّة، فجاءت إحدى الصحابيات تريد أن تخطب للنبي -عليه السلام- بعد وفاة زوجته خديجة، فعرضت عليه سودة، فوافق، ثمّ عرضت الأمر على السيدة سودة فوافقت، ولقد عرفت السيدة سودة بدينها، وعبادتها، وكرمها، حيث تنازلت عن ليلتها للسيدة عائشة رضي الله عنها.
- عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها، كانت أحبّ الناس إلى قلب النبي عليه الصلاة والسلام، ولقد تزوجها النبي بكراً، حيث خطبها وهي في السادسة ثم تزوّجها في التاسعة، تميّزت السيدة عائشة بعلمها الغزير حيث أحاطت بالطب، والشعر، والأنساب والمواريث، وقد كان الصحابة يرجعون إليها في الأحكام، والفقه، وغير ذلك، ولقد روت عائشة -رضي الله عنها- ألفين ومئتين وعشرة أحاديثٍ، وتوفّيت سنة سبعٍ وخمسين للهجرة.
- حفصة بنت عمر رضي الله عنها، أسلمت مع زوجها خُنيس بن حُذافة، وهاجرا إلى المدينة، ولقد شهد زوجها غزوة بدرٍ وأحدٍ وأصيب فيها، فمات بعد ذلك، ذكر النبي -عليه السلام- بعد ذلك لعمر -رضي الله عنه- أن يخطبها لنفسه، وتزوجها في شهر شعبان سنة ثلاثة للهجرة، حيث روت ستين حديثاً عن النبي عليه الصلاة والسلام، وتوفّيت سنة خمس وأربعين في خلافة معاوية بن أبي سفيان.
- زينب بنت خزيمة رضي الله عنها، عُرفت بأمّ المساكين؛ لأنّها كانت تحبّ المساكين وتنفق عليهم، تزوّجها النبي -عليه السلام- وأصدقها اثنتَي عشرة أوقية ونَشاً، وكان ذلك بعد زواجه بحفصة رضي الله عنها، لكنّها توفيت بعد زواجها من النبي بشهرين أو ثلاثة أشهرٍ.
- أم سلمة، هند بنت أبي أمية رضي الله عنها، وقد أسلمت وهاجرت مع زوجها الهجرتين، وأنجبت منه أولادً كلهم من الصحابة، حيث مات عنها زوجها أبو سلمة، وكانت تُحبه حباً شديداً، ثمّ تزوّجها النبي -عليه السلام- في السنة الرابعة للهجرة، كان لأمّ سلمة مشاهدٍ عديدةٍ مع النبي عليه السلام، أشهرها عندما أشارت عليه أن يحلق أمام الصحابة بعد أن استصعبوا أن يتحلّلوا من إحرامهم يوم الحديبية، عمّرت السيدة أم سلمة حتى بلغت تسعين عاماً، وتوفيت سنة إحدى وستين للهجرة.
- زينب بنت جحش رضي الله عنها، وهي ابنة عمة النبي عليه السلام، جاء أمر زواج النبي منها من فوق سبع سماواتٍ؛ لإبطال حكم التبني الذي كان سائداً في الجاهلية، حيث كانت زوجة زيد بن حارثة، ثمّ طلّقها زيد، وتزوّجها النبي عليه الصلاة والسلام.
- جويرية بنت الحارث رضي الله عنها، وهي من أرادت أن يعيّنها النبي عليه السلام لتكاتب من أسرها من الصحابة، فعرض عليها النبي الزواج فوافقت، فتزوّجها وكانت سبباً في إعتاق سائر قومها من السبي بعد غزوة المصطلق، ولقد كانت يوم زواجها ابنة عشرين سنةً.
- أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، أسلم زوجها ثم تنصّر ومات على ذلك، وعرف النبي -عليه السلام- قصّتها فأرسل إلى النجاشي يخطبها منه، وقد كانت في الحبشة حينها، فأرسل لها صداقها وهي في الحبشة، وقد كانت أكثر زوجات النبي -عليه الصلاة والسلام- مهراً، وأقربهنّ إليه نسباً، روت أم حبيبة خمسةً وستين حديثاً، وتوفّيت سنة أربعٍ وأربعين للهجرة.
- صفية بنت حيي بن أخطب، كانت من أسباط هارون عليه السلام، من بني إسرائيل، تزوّج النبي -عليه السلام- السيدة صفيّة سنة سبع للهجرة بعد غزوة خيبر، روت صفيّة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- عشرة أحاديثٍ، وتوفّيت سنة خمسين للهجرة.
- ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها، تزوّجه النبي -عليه السلام- سنة سبع للهجرة، حيث شهدت لها عائشة -رضي الله عنهما- بالتقى، وصلة الرحم، توفّيت ميمونة سنة إحدى وخمسين للهجرة.
الحكمة من تعدّد زوجات النبي
اقتضت حكمة الله -تعالى- أن تتعدّد زوجات الرسول صلّى الله عليه وسلّم، ومن هذه الحِكم، الحكمة التعليميّة؛ إذ إنّ النبي -عليه السلام- بتعدّد زوجاته خرّج معلّماتٍ للنساء يعلمونهنّ أمور دينهنّ، خصوصاً عندما تتعلق بعض الأحكام التي تخصّ النساء، كأمور الطهارة والصلاة والعلاقة الزوجية وغير ذلك، فكانت نساء المؤمنين يستحيين أن يسألن عنها نبي الله عليه السلام، فكانت نساء النبي -رضوان الله عليهنّ- قد أتممن ثغرةً كبيرةً، وعاوَنّ النبيّ في تعليم نساء المؤمنين شؤون دينهنّ، ثمّ إنّ سنة النبي -عليه السلام- لا تقتصر على ما يقول من كلامٍ، بل إنّ أفعاله سنّةً للمسلمين أيضاً، فلذلك احتاجت الأمة لتعدّد زوجاته حتى تقصّ كلّ زوجة على المسلمين حال النبي في بيته كيف كانت، وأمّا الحكمة الاجتماعية فتمثلت بزواج النبي -عليه السلام- بعائشة، وحفصة، حيث كانتا ابنتي أصحابه، وأقرب الناس إليه، وبغيرهما من الزوجات التي اتّصل النبي -عليه السلام- خلالها ببطون أكثر قريش اتصال المصاهرة والنسب، وجمع بينهم، وألّف بينهم العلاقة والمودة.[4]
الحكمة التشريعيّة ولقد كانت امراً من الله -تعالى- أنزله في كتابه الكريم ليبطل فيه عادةً كانت سائدةً في الجاهلية، وهي عادة التبني التي حرّمها الله في الإسلام، ولقد شاءت إرادة الله أن يتزوّج زيد من زينب بنت جحش، وقد كان ابن النبي في الجاهلية، ولم يدم زواجهما حتّى طلّقها زيد، فأمر الله -تعالى- نبيّه أن يتزوّجها ليوضّح للمؤمنين أنّ علاقة التبني لا تصحّ في الإسلام، قال الله تعالى: (ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ)،[6] وقال سبحانه في أمره لنبيّه بالزواج: (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا)،[7] وأمّا الحكمة السياسية لزواج النبي -عليه السلام- من بعض أزواجه فهي لتأليف قلوبهم وتشجيعهم على اعتناق الإسلام، وقد حصل ذلك عندما تزوّج النبي -عليه السلام- زوجته جويرية بنت الحارث، التي كان معظم قومها أسرى في يد النبي عليه السلام، فلمّا رأى الصحابة زواج النبيّ من السيدة جويرية أطلقوا سراح الأسرى لأنّهم أصبحوا أصهار النبي، فأعتق بسببها مئةً من قومها، فكانت من أكثر النساء بركةً على قومها.[4]
المراجع
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 6.
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 53.
- ↑ "الأدب مع أمهات المؤمنين"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-12. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث "زوجات نبينا صلى الله عليه وسلم وحكمة تعددهن"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-12. بتصرّف.
- ↑ "زوجات النبي صلى الله عليه وسلم"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-12. بتصرّف.
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 5.
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 37.