كم كان عمر الرسول عندما تزوج خديجة
عمل الرسول بالتِّجارة
بدأ الرَّسول صلى الله عليه وسلم حياته العمليّة برعي الأغنام، وعندما أصبح شاباً بدأ العمل بالتِّجارة مع السَّائب بن أبي السَّائب؛ فانتشر بين النَّاس بأنّ محمَّداً يمتاز في معاملاته بالأمانة والصِّدق والعفاف، وفي ذات الوقت كانت خديجة بنت خُويلد من أفضل نساء قريشٍ مالاً ونسباً، وكانت تدفع بمالها للتُّجار ليتاجروا به؛ فلما سمعت عن صِدق النّبي صلى الله عليه وسلم ونُبل أخلاقه طلبت منه أنْ يُتاجر بمالها إلى الشَّام؛ فوافق النَّبي صلى الله عليه وسلم وخرج إلى الشَّام مع غلامٍ للسّيدة خديجة يُدعى ميسرة؛ فربح في التِّجارة وعاد بالمال الوفير لخديجة.
زواج الرَّسول من خديجة
عندما عاد ميسرة إلى سيدته خديجة وقصّ عليها القصص، وما شاهده من البركة التي حلَّت بالتِّجارة على يد النَّبي صلى الله عليه وسلم، وما امتاز به الرَّسول صلى الله عليه وسلم من كرم الشَّمائل وعذوبة الخِلال؛ فشعرت خديجة بالانبهار العظيم بشخص محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فما كان منها إلا أنْ أرسلت صديقةً لها للنَّبي صلى الله عليه وسلم تُخبره برغبة السَّيدة خديجة في الزَّواج به.
وافق النَّبي صلى الله عليه وسلم على طلب خديجة، وذهب إلى أعمامه وحدَّثهم في الأمر؛ فخطبوها له من عمِّها عمرو بن أسد؛ فوافق عمُّها على هذا الزَّواج وتمّ في محضرٍ من بني هاشمٍ وزعماء قريشٍ، وكان صِداق السَّيدة خديجة عشرين بكرةً، وقيل: ستُّ بكراتٍ.
كان من عادة العرب عند الزَّواج أنْ يتكلَّم أحدهم بخطبة النِّكاح، وقد ألقاها على الحشد عمُّ النَّبي صلى الله عليه وسلم أبو طالب؛ فبدأها بحمد الله والثَّناء عليه، ثُمّ ذكر شرف النَّسب وفضل النّبي صلى الله عليه وسلم، ثُمّ ذكر عقد الزَّواج وبيّن الصَّداق.
عُمر الرَّسول عند زواجه
تمّ زواج الرَّسول صلى الله عليه وسلم بالسَّيدة خديجة بعد شهرين من رجوعه من الشَّام بتجارتها، وكان هذا هو الزَّواج الأول للنَّبي صلى الله عليه وسلم، وكان عُمر النَّبي حينذاك خمساً وعشرين سنةً، أمّا السَّيدة خديجة فكان هذا الزَّواج الثَّالث لها؛ فكان زوجها الأول عُتيق بن عائذ المخزوميّ، وبعد وفاته تزوّجت من أبو هالة التَّيميّ فمات عنها ولها منه ولدٌ، ثُمّ تزوجت بالنّبي صلى الله عليه وسلم، وأنجبت له جميع أولاده عدا إبراهيم، وكانت تبلغ من العُمر أربعين سنةً؛ فسعدت بزواجها بالنَّبي صلى الله عليه وسلم سعادةً يغبطها عليها الأولون والآخرون، فلم يتزوّج عليها غيرها حتى ماتت رضي الله عنها وأرضاها.
وفاة خديجة رضي الله عنها
توفيت بعد وفاة أبي طالبٍ عمّ النَّبي الكريم بفترةٍ وجيزةٍ، وذلك في رمضان في السَّنة العاشرة للبعثة في مكّة؛ فحزن الرَّسول العظيم حُزناً شديدًا على فراقهما معاً؛ وسُميّ هذا العام عام الحُزن.
حزن الرَّسول على فراق زوجته حزناً جمّاً؛ فكانت بالنِّسبة له الزَّوجة والمؤازرة والمستشارة والمساندة والمواسية له بنفسها ومالها، وقاسمته الأذى والهموم، وآمنت به وصدّقته حين تخلّى عنه الجميع؛ لذلك كان النّبي صلى الله عليه وسلم دائم الذِّكر لها، والترحّم عليها، وتأخذ به الرَّأفة والرِّقة كلما ذكرها، لعظيم مناقبها وفضلها، فقد حمل جبريلٌ عليه السَّلام لها السَّلام من ربِّها تعالى في عُلاه، وبشَّرها ببيتٍ في الجنّة من القصب.