-

كيف يحفظ الطفل القرآن

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

أهميّة تربية الأبناء

ذكر الله -تعالى- في كتابه الكريم أنّ الأولاد نعمةٌ منه سبحانه، وهذه النعمة تستحقّ الشكر والاهتمام المناسب؛ لأنّ الأولاد أصبحوا من مسؤوليات الوالدين فهم محاسبون عند الله -تعالى- على تربيتهم، حيث قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)،[1] وقال النبي -عليه الصلاة والسلام- في أهميّة تأديب وتربية الأب لأبنائه: (ما نحَل والدٌ والِداً من نُحلٍ أفضلَ من أدبٍ حسنٍ)،[2] فأفضل ما يقدّم الأب لأبنائه حُسن تأديبهم وتعليمهم الأخلاق الفاضلة، ولقد أولى الإسلام أهميّةً كبيرةً لتربية الأبناء حيث شجّع على كفالة اليتيم ورتّب الأجر العظيم لفاعلها؛ لأنّه يسدّ مقام والده، فيربّيه ويعلّمه.[3]

واهتمّ العلماء بتربية الأبناء وألّفوا الكثير من المؤلفات التي توضّح أساليب التربية الإسلامية الصحيحة، وفضل ذلك وثمراتها، فقد قال الغزالي: (الصبي أمانةٌ عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرةٌ نفيسةٌ ساذجةٌ خاليةٌ عن كلّ نقشٍ وصورةٍ، وهو قابل لكلّ ما نقش ومائل إلى كلّ ما يُمال به إليه؛ فإن عُوِّد الخير وعُلِّمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة أبواه وكلّ معلمٍ له ومؤدب، وإن عود الشر وأُهمل إهمال البهائم شقي وهلك، وكان الوزر في رقبة القيّم عليه والوالي له).[3]

كيفيّة تحفيظ الأطفال القرآن

أثبت العلماء أنّ أوّل خطوةً تستطيع الوالدة تحقيقها لطفلها فيما يتعلّق بالقرآن الكريم وهو لا يزال جنيناً في بطنها، فقد ذكر العلماء أنّ الأمّ الحامل إذا داومت على سماع القرآن الكريم، وشعرت بالراحة النفسية والطمأنينة لهذا الفعل، فإنّ هذه الراحة والسكينة سيشعر بها جنينها في بطنها، حيث تعتبر بداية الألفة بين الطفل والقرآن الكريم، وتستمرّ الخطوات التي يجب أن تحرص عليها الأمّ إذا أرادت تحفيز ابنها ليُتمّ حفظ القرآن الكريم في سنين عمره الأولى، وفيما يأتي ذكرٌ لخطواتٍ عمليّة تُنصح الأمّ بالتزامها إذا رغبت بطريقةٍ سهلةٍ لتحفيظ ابنها القرآن الكريم:[4]

  • إسماع الطفل الرضيع القرآن الكريم، حيث ذكر العلماء أنّ الإنسان البالغ يستمع إلى الكلام ويستطيع استرجاعه، إلّا أنّ الطفل الرضيع يستمع إلى الكلام ومن ذلك القرآن الكريم، ويخزّنه في ذاكرته، ولا يستطيع استرجاعه إلّا بعد فترةٍ من الزمن، فتجد الأمّ أنّ ابنها صار يحفظ الآيات بسهولةٍ ويسرٍ حين يتكلّم؛ وذلك لأنّه كان يستمع منذ طفولته المبكرة إلى الآيات الكريمة.
  • حرص الأمّ والأب على قراءة القرآن الكريم أمام طفلهما، فالطفل بغريزته يحبّ تقليد ما يراه، فحين يرى والديه يقرءان القرآن باستمرارٍ فسيبدأ هو بذلك أيضاً، عن رغبةٍ ومحبّةٍ.
  • إهداء الطفل مُصحفاً، فالإنسان جُبل على حبّ التملّك، فإن أُهدي مصحفٌ للطفل فسيحبّه ويقلّبه وقت ما يشاء، وهذا مفتاح تلاوته له وحفظه كذلك.
  • تحفيز الطفل إن أتقن شيئاً أو حفظ شيئاً من القرآن الكريم، بأن يجعل الوالدين يوم احتفالٍ كبيرٍ إذا ختم طفلهما شيئاً معيناً من القرآن، حيث يشعر الطفل بالفرح، وعظمة إنجازه.
  • قصّ القصص على الطفل، فالطفل يحبّ الاستماع للقصص، ويتفاعل معها بشكلٍ كبيرٍ، فعلى الأمّ أن تستفيد من هذه الرغبة بأن تقصّ عليه القصص الواردة في القرآن الكريم.
  • إعداد المسابقات، وخلق جوٍ من التنافس بين الطفل وأقرانه أو إخوانه، حول بعض الكلمات أو المعاني في القرآن الكريم، ممّا يُعين الطفل على ربطها ببعضها عند الشروع بالحفظ.
  • الاستفادة من التكنولوجيا لتُعين الأمّ طفلها على الحفظ، ومن ذلك التلاوة والتكرير مع الحاسوب، أو استخدام بعض التطبيقات، والبرامج التفاعلية التي تتيح للطفل فرصة تسجيل تلاوته، والاستماع إليها، وتصويبها في المرّات اللاحقة.
  • إشراك الطفل في مسابقاتٍ دائمةٍ لحفظ القرآن الكريم، سواءً كانت في المدرسة أو البيت أو المسجد، فأجواء التنافس تجعل الطفل يرغب بالتقوق وتحقيق أعلى المراتب، ممّا يجعله يركّز في حفظه.
  • حضّ الطفل على إمامة المصلين، وذلك بصلوات النافلة.

فضل حافظ القرآن الكريم

في حفظ القرآن الكريم وتلاوته فضلٌ عظيمٌ يرفع به الله -تعالى- أهله ومن لازم تلاوته وحفظه، وفيما يأتي ذكرٌ لما اختصّ به الله -تعالى- أهل القرآن وحفظته:[5]

  • حافظ القرآن مقدَّمٌ على غيره بالإمامة في الصلاة، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: (يَؤُمُّ القومَ أقرؤُهم لكتابِ اللهِ).[6]
  • حافظ القرآن مقدّمٌ على غيره في دفنه في القبر، وتوجّهيه للقبلة إذا حصل دُفن رجلين معاً في قبرٍ واحدٍ، والنبي -عليه الصلاة والسلام- كان يطلب أن يقرّب إليه أحفظ الصحابة للقرآن الكريم حين كان يدفنهم بعد غزوة أحد.
  • حافظ القرآن الكريم يقدّم في الرئاسة والإمارة إذا كان كفؤاً لهذا المكان.
  • حافظ القرآن ترتفع منزلته في الدرجات بحسب حفظه للقرآن الكريم، حيث قال النبي عليه الصلاة والسلام: (يُقالُ لصاحِبِ القرآنِ اقرأ وارتَقِ ورتِّل كما كنتَ ترتِّلُ في الدُّنيا فإنَّ منزلَكَ عندَ آخرِ آيةٍ تقرؤُها).[7]
  • حافظ القرآن الكريم رفيقاً للملائكة الكرام في الجنّة، فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (مثَلُ الَّذي يقرَأُ القرآنَ، وهو حافِظٌ له، مع السَّفَرةِ الكِرامِ البرَرةِ، ومثَلُ الَّذي يَقرَأُ القرآنَ، وهو يتَعاهَدُه، وهو عليه شَديدٌ، فله أجرانِ).[8]
  • حافظ القرآن يُحلّى يوم القيامة، ويلبس تاج الكرامة وحلّة الكرامة، حيث قال النبي عليه الصلاة والسلام: (يجيءُ صاحبُ القرآنِ يومَ القيامةِ فيقولُ القرآنُ يا ربِّ حَلِّه فيلبسُ تاجَ الكرامةِ ثمَّ يقولُ يا ربِّ زِدْه فيلبسُ حُلَّةَ الكرامةِ ثمَّ يقولُ يا ربِّ ارضَ عنه فيرضَى عنه فيُقالُ له اقرأْ وارقَ ويزدادُ بكلِّ آيةٍ حسنةً).[9]
  • حافظ القرآن الكريم يأتيه القرآن شفيعاً يوم القيامة، حيث ورد عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (اقْرَؤوا القرآنَ، فإنه يأتي يومَ القيامةِ شفيعاً لأصحابه).[10]

المراجع

  1. ↑ سورة التحريم، آية: 6.
  2. ↑ رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن عمرو بن سعيد بن العاص، الصفحة أو الرقم: 3/115، إسناده صحيح أو حسن.
  3. ^ أ ب "أهمية تربية الأولاد في الإسلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-10. بتصرّف.
  4. ↑ "25 طريقة لربط طفلك بالقـرآن الكريم"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-10. بتصرّف.
  5. ↑ "مزايا حافظ القرآن في الدنيا والآخرة"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-10. بتصرّف.
  6. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عقبة بن عمرو بن ثعلبة أبي مسعود، الصفحة أو الرقم: 673، صحيح.
  7. ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 1464، حسن صحيح.
  8. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 4937، صحيح.
  9. ↑ رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2/299، إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما.
  10. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم: 804، صحيح.