كانت السيدة خديجة -رضي الله عنها- ذات مالٍ وفيرٍ، وكانت لها تجارةٌ على الدوام، ولم تكن تسافر بنفسها لتجارتها، ولكنّها كانت تستأمن من يؤدّي هذا العمل عنها، ولقد سمعت عن أمانة النبي -صلّى الله عليه وسلّم- وصدقه؛ فاستأمنته على مالها واستأجرته في سفرٍ لها، فأدّى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- العمل لها على أتمّ وجهٍ، وبارك الله -تعالى- لها في مالها وتجارتها تلك، وكان ممّن خرج في التجارة مع النبي حينها غلامٌ لخديجة اسمه مَيسرة، فرأى ميَسرةٌ من النبيّ صفاته الحسنة؛ ما جعله يخبر السيدة خديجة عن حاله ويثني عليه أمامها.[1]
كانت السيدة خديجة أَيْماً، وقد كانت صاحبة مالٍ وجاهٍ في قبيلتها، وكثيراً ما طلبها الرجال من أشراف قريش، ورغبوا بها، ولكنّها كانت تمتنع عنهم، وورد أنّ السيدة خديجة -رضي الله عنها- كانت تُلقّب في الجاهلية بالطاهرة، ولمّا لمست -رضي الله عنها- حُسن خلق النبي -عليه السلام- رغبت به، وكانت لها صديقةٌ مقرّبةٌ جداً اسمها نفيسة؛ فعرضت على الرسول الزواج من خديجة؛ لكنّه رأى أنّه من الصعب الزواج منها؛ وهو اليتيم الفقير، وهي صاحبة المال والجاه؛ فطلبت منه السيدة نفيسة أن يترك هذا الأمر عليها، وبالفعل أخبرت السيدة خديجة أنّ النبي -عليه السلام- راغبٌ بهذا الزواج كذلك.[2][3]
تزوّج رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من السيدة خديجة، وهو في عمر الخامسة والعشرين، وهي في عمر الأربعين، وقد خطبها النبي -عليه السلام- من عمّها عمرو؛ لأنّ أباها كان قد تُوفّي، ورُزق النبي -صلّى الله عليه وسلّم- منها باثنين من الذكور؛ هما: القاسم، وعبد الله، وأربع بنات؛ هنّ: زينب، ورقية، وأمّ كلثومٍ، وفاطمة، ولم يُرزق النبي بالبنين والبنات إلّا من السيدة خديجة؛ باستثناء ابنه إبراهيم الذي رُزق به من السيدة مارية القبطية.[2]