-

كيف نزل الوحي على الرسول

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الوحي

تشير كلمة الوحي في اللغة إلى عدّة معاني؛ منها: الإشارة والكتابة والسرعة والخفاء، وهو في المعنى الاصطلاحيّ الشرعيّ: إعلام الله -تعالى- أحداً من عباده ممّن اصطفى كلاماً أو علماً بطريقة خفيّة مخصوصة غير معتادة لدى البشر،[1] وللوحي ثلاثة صور رئيسية؛ وهي:

  • إلقاء المعنى في القلب؛ ويُطلق عليه الإلهام، وعبّر الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- عن هذه الصورة بعبارة: النّفث في الروع، فقال: (إنَّ رُوحَ القُدُسِ نفثَ في رُوعِي، أنَّ نفساً لَن تموتَ حتَّى تستكمِلَ أجلَها، وتستوعِبَ رزقَها، فاتَّقوا اللهَ، وأجمِلُوا في الطَّلَبِ).[2][3][4]
  • الكلام من وراء حجاب؛ والمراد به تكليم الله -تعالى- مَن اصطفى من عباده دون رؤيتهم له، وذلك كما حصل مع رسول الله موسى عليه السّلام.[5][4]
  • الوحي الجليّ؛ والمراد به المَلك الذي ينزل على الرسول فيخبره بما يأمره الله به، فإمّا أن يأتيه على هيأته الأصليّة كمَلك، وإمّا أن يأتيه على هيئة بشر، وإما لا يراه الرّسول أبداً وإنّما يسمع صوتاً ودويّاً وصلصلةً تخرج به إلى حالة روحيّة خاصّة إلى أن يتركه، ويسمع الرّسول من المَلك مباشرة ويعي بقلبه ما أراد أن يوحيه إليه.[4][3]

ويمكن للوحي بكلّ صوره أن يأتي الرّسول في يقظته أو منامه؛ أي أن يراه في المنام كرؤيا صادقة،[3] ونزل الوحي على الرّسول محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- بمختلف صوره، فقد ألهمه الله -تعالى- وقذف في قلبه شيئاً ممّا أنزله عليه، وكلّمه كذلك من وراء حجاب في رحلة المعراج وفي منامه أيضاً كما ورد في بعض الأحاديث، وجاءه الوحي على صورة ملَك، وعلى هيئة بشر، وكذلك على شكل صوت يسمعه الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، وهو ما وصفه بصلصلة الجرس.[5]

نزول الوحي على الرسول

إنّ نزول الوحي الأوّل على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كان في غار حراء، حيث كان الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- معتكفاً فيه مرّة فدخل عليه فجأة جبريل -عليه السّلام- بهيئة رجل لا يعرفه ولم يره من قبل، ولم يكن ذلك شيئاً مخيفاً إلى حدٍّ كبير إلّا إنّ ما أخاف الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- هو الطريقة التي عامله بها، فقد قال جبريل -عليه السّلام- لرسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- مباشرةً عند دخوله عليه (اقرأ)، حيث كان الرّسول أميّاً لا يعرف القراءة ولا الكتابة ولا يعرف ماذا يريد منه هذا الرجل فأجابه: (ما أنا بقارئ)، فقام جبريل -عليه السّلام- بالاقتراب من الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- واحتضانه بشدّة حتى بلغ به الجهد والتعب، ثمّ تركه وأعاد القول له: (اقرأ)، فأجاب رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- مرّةً أخرى: (ما أنا بقارئ)، فاحتضنه جبريل -عليه السّلام- مرّةً ثانية بشدّة حتى بلغ التعب من الرسول ثمّ تركه وأعاد الأمر عليه مرّةً ثالثة فقال له: (اقرأ)، فأجاب الرّسول مجدّداً: (ما أنا بقارئ)، فاحتضنه جبريل -عليه السّلام- مرّةً أخيرة بشدّة كبيرة حتى تعب الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ تركه وقرأ عليه أوّل آيات نزلت من القرآن الكريم وهي قول الله عزّ وجلّ: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ*خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ*اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَم*الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ*عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ).[6][7]

ذهب بعدها جبريل -عليه السّلام- واختفى من أمام الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، فعاد إلى بيته خائفاً مذعوراً لا يدري ما الذي حصل معه، ولمّا وصل إلى بيته وجد خديجة -رضي الله عنها- فأخبرها بما حصل معه، فطمأنته وأخبرته بأنّ الله -تعالى- لن يضيعه، ثمّ أخذته إلى ابن عمٍ لها يُقال له: ورقة بن نوفل الذي كان على الديانة النصرانية، فلمّا أخبره الرّسول -عليه السّلام- بما جرى معه قال له ورقة أنّ ذلك كان جبريل عليه السّلام، ممّا يدل على أنّك يا محمّد رسول لله عزّ وجلّ، وانقطع الوحي بعد ذلك أياماً اختلف العلماء في عددها إلّا أنّها غالباً من ثلاثة إلى أربعين يوماً، ثمّ جاء الوحي مرّة أخرى مُعلناً في هذه المرة أنّ محمّداً هو رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فعلاً، ووصف ذلك رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- في الحديث قائلاً: (بَيْنَما أنَا أمْشي، سمعتُ صوتاً من السماءِ، فرفعْتُ بصرِي قِبَلَ السماءِ، فإذَا المَلَكُ الذي جاءَني بِحِراءَ، قاعدٌ على كرسيٍّ بينَ السماءِ والأرضِ، فجَئِثْتُ منهُ، حتى هَوَيْتُ إلى الأرضِ، فجِئْتُ أهلِي فقلْتُ: زمِّلونِي زمِّلونِي، فَزَمَّلونِي، فأَنْزَلَ اللهُ تعالى: يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ*قُمْ فَأَنْذِرْ، إلى قولهِ: فَاهْجُرْ).[8][7]

حال الرّسول عند نزول الوحي

كان الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- إذا نزل عليه الوحي تغيّرت حاله وظهرت عليه علامات خاصّة، منها:[5]

  • شدّة التعرق، فقد كان جبينه يتفصّد عرقاً إذا نزل عليه الوحي حتى في الجو شديد البرودة.
  • سماع من حوله لأصوات غير معتادة عند وجهه، وصفها الصحابة بأنّها دويّ كدويّ النحل.
  • زيادة واضحة في وزن وثقل الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- عند نزول الوحي، حتى إنّه إن كان راكباً على دابّة فإنّها تجلس، وكان مرة يجلس إلى جوار الصحابي زيد بن ثابت -رضي الله عنه- وقد وضع فخذه فوق فخذ زيد، فلمّا نزل عليه الوحي ثقلت فخذه حتى خشي زيد على فخذه أن ترضّ.
  • تغيّر في لون وجه الرّسول عليه السّلام، فقد كان لونه يصبح رمادياً ثمّ أحمراً من شدّة الوحي.
  • تحريك لسان الرّسول -عليه السّلام- بسرعة بالقرآن عند نزول الوحي، وكان يفعل ذلك مخافة أن يتفلت منه ما يوحى إليه من القرآن، حتى طمأنه الله -تعالى- بحفظه.

المراجع

  1. ↑ د. بليل عبدالكريم (2009-11-2)، "مفهوم الوحي"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-17. بتصرّف.
  2. ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم: 2085، صحيح.
  3. ^ أ ب ت "الوحي؛ تعريفه وأنواعه"، www.fatwa.islamweb.net، 2003-10-21، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-17.
  4. ^ أ ب ت " أنواع الوحي"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-17. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت "أنواع الوحي وصوره، وأثرها على النبي، ورد على ادعاء إصابته بالصرع"، www.islamqa.info، 2010-8-21، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-17. بتصرّف.
  6. ↑ سورة العلق، آية: 1-5.
  7. ^ أ ب أ.د. راغب السرجاني (2010-4-21)، "نزول الوحي على رسول الله"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-17. بتصرّف.
  8. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 4926، صحيح.