كيف أكون مؤمناً
تعريف الإيمان
إن العقيدة الإسلامية هي الإيمانُ والتصديق الجازم بالله تعالى، وما جاء من عنده، وفيما يأتي بيانٌ لمعنى الإيمان في اللغة والإصطلاح:[1][2]
- الإيمان لغةً: هو التصديق، أو هو الإقرار والاعتراف.
- الإيمان اصطلاحاً: هو تصديق القلب بالغيب، وأن تكون مؤمناً يعني أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره؛ فكل هذه الأمور تعتبر من الغيبيّات التي لا تُكشف للإنسان في عالم الشهادة، فهي مستورةٌ ولا تظهر، وقياس عالم الشهادة بالنسبة لعالم الغيب كالذرّة للجبل، وعالم الغيب يصدّق به المسلم، ويكذّب به الكافر، وبهذا يتميّز المؤمن عن الكافر، قال تعالى: (الم* ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)،[3] وللإيمانِ شعبٌ كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الإِيمانُ بضْعٌ وسَبْعُونَ شُعْبَةً، والْحَياءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمانِ)،[4] فهو متعلّقٌ بالقول باللسانِ، وتصديقٌ بالجنانِ، وعملٌ بالجوارحِ.
أركان الإيمان
الإيمانُ هو المرتبة التي يسمو ويعلو إليها المسلم، فيرتقي من الإسلام إلى الإيمان كما وضّحها حديث جبريل حين سأل النبي عن الإيمان فأجاب: (أن تؤمِنَ باللَّهِ، وملائكتِهِ، ورسلِهِ، وكتبِهِ، واليومِ الآخرِ، والقدَرِ خيرِهِ، وشرِّهِ)،[5][6] وحتى يكون الإنسان مؤمناً عليه أن يؤمن بكل أركان الإيمان، وفيما يأتي توضيحٌ لهذه الأركان بالتفصيل:[7]
الإيمان بالله تعالى
وهو أن يستقر في قلب المسلم توحيد الله تعالى، فهو متفرّدٌ بالخلق، وهو المدبّر لكل شيءٍ، لا شريك له، لا مدبّر معه، ولا معقّب لحكمه، ولا رادّ لقضائه، وقد أورد الله -تعالى- هذا التوحيد في كتابه كثيراً مطالباً أهل الشرك به، وهو وجوب تفرّد الله سبحانه بالألوهية والعبودية، ووجوب الإخلاص له وحده، فهو الرازق، الخالق، المدبّر، المنزّه عن المثل والكفء، ويلزم المؤمن إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه، وفيما صحّ عن رسول الله من الأسماء الحسنى، والصفات العلى، على الوجه اللائق به سبحانه، من غير تحريفٍ، ولا تعطيلٍ، ولا تكييفٍ، ولا تمثيلٍ، وقد قال تعالى: (فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)،[8] وله سبحانه الكمال المطلق، وهو المنزّهُ عن النقائص والعيوب، واجبٌ على المؤمنينَ نحو أسمائه وصفاته القبول والتسليمَ، وحملها على ظاهرها، والثناء والدعاء بها.[1]
الإيمان بالملائكة
الملائكةُ هي مخلوقاتٌ لطيفةٌ، خلقها الله من نور، قال صلى الله عليه وسلم: (خُلِقَتِ المَلائِكَةُ مِن نُورٍ)،[9] وهم جند الله، قال تعالى: (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ)،[10] وقد جعل الله فيهم القدرة على التشكّل على هيئة أجسامٍ كثيفةٍ، كصورة البشر، كما ظهر جبريل لمريم على صورةِ رجل، وقد ورد في الحديث: (أنَّ الحارِثَ بنَ هِشامٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه سَأَلَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، كيفَ يَأْتِيكَ الوَحْيُ؟ فقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أحْيانًا يَأْتِينِي مِثْلَ صَلْصَلَةِ الجَرَسِ، وهو أشَدُّهُ عَلَيَّ، فيُفْصَمُ عَنِّي وقدْ وعَيْتُ عنْه ما قالَ، وأَحْيانًا يَتَمَثَّلُ لِيَ المَلَكُ رَجُلًا فيُكَلِّمُنِي فأعِي ما يقولُ)،[11] وهم مفطورون على العبادةِ، دون كللٍ أو ملل، قال تعالى: (يُسَبِّحونَ اللَّيلَ وَالنَّهارَ لا يَفتُرونَ)،[12] ومن الأعمال التي تعملها الملائكة:[13][14]
- مرافقة الإنسان في حياته، وتسجيل أعماله، والشهادة عليه يوم القيامة.
- تنفيذ أوامر الله بإنزال العقوبة بالمجرمين المستحقّين للعذاب.
- قبض الأرواح، قال تعالى: (قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ).[15]
- الاستغفار للمؤمنين، والدعاء باللعنة على الكافرين.
- استقبال المؤمنين في الجنات، وسوْق الكافرين إلى النار.
- تهنئة المؤمنينَ عند دخول الجنة، وتعذيب الكافرين بالنار.
الإيمان بالكتب
أرسل الله الرسل لهداية الناس وإرشادهم، وأنزل معهم الكتب والصحف، ولذا من آمن بهذه الكتب فقد صدّق بما جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ومنها ما لا يُعلم عددها ولا أسماؤها، ومن الكتب التي نعلمها:[16][17]
- صحف إبراهيم.
- التوراة.
- الإنجيل.
- الزبور.
- القرآن الكريم الذي جاء به سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين للناس كافة، والإيمان بهذه الكتب واجب.
الإيمان بالرسل
يندرج مفهوم الإيمان بالرسل تحت أربعة مفاهيمٍ مترابطةٍ، وفيما يأتي توضيح ذلك:[18]
- الإيمان بأن الله تعالى قد أرسلَ لكلّ أمّةٍ رسولاً منهم، يدعوهم إلى عبادته وحده، وترك معصيته، والالتزام بأوامره، حيث قال الله تعالى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ).[19]
- الإيمان بجميع الرسل الذين ذُكرت أسماؤهم في كتاب الله -تعالى- وسنة نبيّه محمد صلى الله عليه وسلم، والإيمانُ بالرسل الذين لم تُذكر لنا أسماؤهم، قال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ).[20]
- الإيمان بأن محمداً -صلى الله عليه وسلم- هو آخر الأنبياء والمرسلين، وقد أُنزلَ للناس كافّة، ولا يوجد نبيٌ بعده، قال تعالى: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا).[21]
- الإيمان الجازم بأن الأنبياء والرسل كافّة قد قاموا بدعوتهم كاملة دون نقصٍ، أو زيادةٍ ، أو تقصيرٍ.
الإيمان باليوم الآخر
هو التصديق الجازم بما أخبرنا الله به عمّا بعد الموت، يوم يبعث الناس للحساب الجزاء، وينصب فيه الصراط والميزان، ليأخذ كلُ واحدٍ أجره على ما فعله في الدنيا، فإما الجنة أو النار، ويلحق بهذا الإيمان التصديق بالأحداث التي تحدث من علامات الساعة وأشراطها، وما بعد الموت من فتنة القبر، وعذابه، ونعيمه، ومقدار اليوم الآخر خمسين ألف سنة على الكافر، وعلى المؤمن مقداره كما بين الظهر والعصر؛ ومن أسمائه: يوم القيامة، الآخرة، الساعة، القارعة، الصاخة، وغير ذلك.[22]
الإيمان بالقدر خيره وشره
ركنٌ من أركان الإيمان، وهو التصديق الجازم بأن كل ما يجري في هذا الكون، وكل ما يقع من خيرٍ أو شرٍ، وما يحصل من أحوالٍ، فهو بقضاء الله وقدره، والقدر هو علم الله تعالى بكل شيءٍ، وكتابته له، وتقديره له، ومشيئته له، وهو سرّ الله في خلقه لم يطلع عليه ملكٌ ولا نبيّ، قال تعالى: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ* وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ).[23][24]
المراجع
- ^ أ ب عبد الله القصيّر (1-5-2016)، "تعريف الإيمان بالله لغة واصطلاحا"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-5-2019. بتصرّف.
- ↑ محمد التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، المكتبة الشاملة: بيت الأفكار الدولية، صفحة 71-73، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 1-3.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 35، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 53، صحيح.
- ↑ منذر السقّار، تعرف على الإسلام (الطبعة الأولى)، مكة المكرمة: رابطة العالم الإسلامي، صفحة 56، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ د. محمد حافظ (20-7-2018)، "أركـان الإيمـان"، www.knowingallah.com، اطّلع عليه بتاريخ 15-5-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الشورى، آية: 11.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2996، صحيح.
- ↑ سورة المدثر، آية: 31.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2، صحيح.
- ↑ سورة الأنبياء، آية: 20.
- ↑ منذر السقار، تعرف على الإسلام (الطبعة الأولى)، مكة المكرمة: رابطة العالم الإسلامي، صفحة 56-58، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ "أسماء بعض الملائكة والأمور الموكلة إليهم"، www.islamweb.net، 2000-12-24، اطّلع عليه بتاريخ 12-5-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة السجدة، آية: 11.
- ↑ محمد التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، المكتبة الشاملة: بيت الأفكار الدولية، صفحة 166-167، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ ابن باز، "ما حكم الإيمان بالكتب السماوية وكم عددها"، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 15-5-2019. بتصرّف.
- ↑ محمد شعبان (15-3-2017)، "معنى الإيمان بالرسل"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-5-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة النحل، آية: 36.
- ↑ سورة غافر، آية: 78.
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 40.
- ↑ محمد التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، المكتبة الشاملة: بيت الأفكار الدولية، صفحة 211-217، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة القمر، آية: 49-50.
- ↑ د. مثنى الزيدي (29-12-2010)، "الإيمان بالقدر خيره وشره"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-5-2019. بتصرّف.