كيف تكون مؤمناً
الفرق بين الإسلام والإيمان
الإسلام في اللغة مصدر الفعل أسلم، ويُقصد به الدين الذي بعث الله -تعالى- به محمداً -صلى الله عليه وسلم- لهداية الناس،[1] أمّا الإيمان فهو مصدر الفعل آمن، ويُقصد به التصديق والاعتقاد،[2] وأمّا في الاصطلاح فقد فرّق العلماء بين الإسلام والإيمان بمفاهيم كثيرة، ويدور محورها حول أعمال القلوب والأبدان؛ فقد بيّن الفقهاء أنّ الإسلام يقتصر على الأعمال الظاهرة، والتي قد تصدر من امرءٍ ضعيف الإيمان أو حتى منافق، أمّا الإيمان فيُقصد به الأعمال الباطنة التي يُريد ويبتغي بها المؤمن وجه الله تعالى، وهي أعمال القلوب بما تشمل من الخوف من الله -تعالى- ومحبته ورجاء ما عنده، وقد جاء في شرحٍ آخر بأنّ الإسلام يُقصد به أركان الإسلام؛ وهي الشهادتان، وأداء الصلاة، والصيام، والزكاة، والحج لمن استطاع إليه سبيلاً، في حين أن الإيمان يشمل الإيمان بالله تعالى، وملائكته ورسله عليهم الصلاة والسلام، وكتبه، واليوم الآخر، والقدر خيره وشرّه، وعليه يمكن القول إنّ كل مؤمنٍ مسلماً وليس كل مسلمٍ مؤمناً؛ فالإيمان مرتبة أعلى وأجل من الإسلام.[3]
كيفية الإيمان
إنّ العقيدة الصحيحة هي أوّل ما أراد الله -تعالى- لنبيّه محمد -صلى الله عليه وسلم- تعلّمه، ولتحقيق معنى العقيدة والإيمان الصحيح لا بُدّ من بيان أركان الإيمان وكيف يكون الإيمان بكلٍ منها فيما يأتي:[4]
الإيمان بالله تعالى
إنّ الإيمان بالله تعالى ركنٌ أساسيٌّ من أركان الإيمان، والإيمان به -سبحانه- يكون بتوحيد الله -جلّ جلاله- في ثلاثة أمورٍ عظيمةٍ، وهي كما يأتي:[4]
- توحيد الربوبية: أوضح القرآن الكريم هذا النوع من التوحيد إيضاحاً جليّاً، فقد أشارت إليه سور القرآن الكريم كلّها، ويُقصد بهذا النوع من التوحيد: الاعتقاد والتصديق الجازم بأنّ الله -تعالى- خلق الخلق كلّهم وحده ولم يُشاركه في ذلك أحد، وأنّه مالك الخلق جميعاً، ولا يُنازعه في ذلك أحد، وأنه سبحانه يُدبّر شؤون خلقه كلهم، وإنّ استحقاق الله -تعالى- للربوبية واضح؛ فسبحانه الذي خلق ورزق وقدّر وأمات وأحيا وهدى، ويجدر الذكر أنّ أهل النفاق والباطل اعترفوا بهذا النوع من التوحيد، وممّا يدلّ على ذلك ما جاء في قول الله -تعالى- في محكم كتابه الكريم: (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّـهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّـهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ).[5]
- توحيد الألوهية: ويُقصد بتوحيد الألوهية إفراد الله -تعالى- بالعبادة والاعتقاد المطلق والصادق بأن لا إله إلا هو، وإنّ توحيد ألوهية الله -تعالى- يدفع المسلم لعبادة الله تعالى، وحبّه، والتوكّل عليه، والتذلّل والخضوع له، ويدعوه على الدوام.
- توحيد الأسماء والصفات: ويُقصد بهذا التوحيد الاعتقاد الجازم بأنّ الله -تعالى- منزّهٌ عن كل نقصٍ، وله صفات الكمال كلّها، ويكون هذا التوحيد بنفي ما نفاه الله -تعالى- عن نفسه، وإثبات ما أثبته سبحانه لنفسه، وكذلك ما أثبته النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- له.
الإيمان بالملائكة
إنّ الإيمان بالملائكة -عليهم السلام- مثبت في القرآن الكريم، فقد جاءت الأدلة القرآنية على وجودهم وضرورة الإيمان بهم بنصوصٍ كثيرة، ومن ذلك قول الله -سبحانه وتعالى- في حواره مع الملائكة عليهم السلام: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ)،[6] والإيمان بالملائكة -عليهم السلام- يشمل أموراً عديدة؛ منها الإيمان بوجودهم كما بيّنّا، والإيمان بصفاتهم؛ ومنها أنّهم خُلقوا من نور، وللملائكة أجنحة؛ فمنهم من له جناحان اثنان، ومنهم من له ثلاثة، ومنهم من له أربع أجنحة، وقد جاء ذلك في قول الله تبارك وتعالى: (الْحَمْدُ لِلَّـهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّـهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)،[7] ومن صفات الملائكة أيضاً أنّها قادرةٌ على التشكّل ولها قدرات خارقة للعادة، ويُطيعون الله -تعالى- في كل شيءٍ ويخافونه، ومن وظائفهم حفظ المؤمنين وحمايتهم.[8]
الإيمان بالكتب السماوية
إنّ الإيمان بكتب الله -تعالى- التي أنزلها على رسله ركنٌ من أركان الإيمان، ويكون الإيمان بها بتحقيق ما يأتي:[9]
- الإيمان بأنّ الكتب السماوية جميعها من عند الله تعالى.
- التصديق بما جاء فيها.
- الإيمان بأنّ الله تعالى- أنزل مع كل رسولٍ من الرسل كتاباً.
- الإيمان بالتوراة، والإنجيل، وصحف إبراهيم، وصحف موسى، والقرآن الكريم، وكلّ ما علمناه منهم.
الإيمان بالرسل عليهم السلام
يتضمن الإيمان بالرسل -عليهم الصلاة والسلام- الإيمان بما يأتي:[9]
- الاعتقاد الجازم بأنّ الرسل -عليهم الصلاة والسلام- مبعوثون من الله تعالى، وذلك يشمل الإيمان بالرسل كلّهم، فمن كفر برسولٍ كفر بجميعهم.
- الإيمان بما صحّ عنهم من الأخبار.
- العمل بشريعة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم المُرسل للأمّة كافة.
- الإيمان بالرسل عليهم الصلاة والسلام جميعاً، ومن علمنا اسمه منهم باسمه: كسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وإبراهيم، ونوح، وعيسى، وموسى عليهم الصلاة والسلام جميعاً.
الإيمان باليوم الآخر
إنّ الإيمان باليوم الآخر ركنٌ من أركان الإيمان، وتجدر معرفة ما أخبر الله -تعالى- ونبيّه محمد -صلى الله عليه وسلم- عن اليوم الآخر ليستعدّ الإنسان لهذا اليوم المشهود، فالدنيا محطّة يتزوّد بها الإنسان لآخرته، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كُنْ في الدُّنْيَا كَأنَّكَ غَرِيبٌ أوْ عَابِرُ سَبِيلٍ)،[10] وعليه يمكن القول إنّ الإيمان باليوم الآخر يدفع المسلم لاجتناب السيئات وفعل الحسنات، وبهذا يصحّ مساره في دنياه وآخرته، فهو يدرك أنّ العمل الصالح هو الشيء الوحيد الذي ينفع المرء يوم يلقى ربه في آخرته، ومن فوائد الإيمان باليوم الآخر استحضار أنّ لكل ظالمٍ نهاية، وأنّ الله -تعالى- يُحاسب الظالمين ويُجازيهم على ما أساؤوا في دنياهم، وأنّه سبحانه يردّ الحقوق لأصحابها.[11]
الإيمان بالقدر خيره وشره
بيّن أهل العلم والدين أنّ الإيمان بالقدر يأتي على أربع مراتب؛ أمّا المرتبة الأولى فتتمثّل بالإيمان بأنّ الله -تعالى- عالمٌ بكل شيءٍ ومحيطٌ به، وأمّا المرتبة الثانية فهي الإيمان بأن كتاب الله -تعالى- مشتملٌ على كل شيءٍ، حيث كتب فيه المقادير الخمسة وهي: التقدير الأزلي، وكتابة الميثاق، والتقدير العمري، والتقدير الحولي، والتقدير اليومي، والثالثة تتمثل بالتصديق والاعتقاد الجازم بأنّ مشيئة الله -تعالى- نافذة وأنّ قدرته سبحانه شاملة، وأمّا المرتبة الأخيرة فهي الإيمان بأنّ الله -تعالى- خالق كل شيءٍ ومُقدّرٌ له.[12]
المراجع
- ↑ "تعريف و معنى الإسلام في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 26-5-2019. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى الإيمان في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 26-5-2019. بتصرّف.
- ↑ "الفرق بين الإسلام والإيمان"، 25-5-2010، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 26-5-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب الشيخ مثــنى الزيدي (15-10-2010)، "سلسلة اركان الايمان (1) الإيمان بالله تعالى"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-5-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة لقمان، آية: 25.
- ↑ سورة البقرة، آية: 30.
- ↑ سورة فاطر، آية: 1.
- ↑ الشيــخ مثنى الزيدي، "سلسلة اركان الايمان (2) الإيمان بالملائــكة "عليهم السلام""، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-5-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "شرح الإيمان بالكتب والرسل، هل لكل رسول كتاب؟"، 6-9-2013، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-5-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 6416، صحيح.
- ↑ "الإيمان باليوم الآخر"، 20-11-2014، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-5-2019. بتصرّف.
- ↑ د. أمين الدميري (31-5-2014)، "أركان الإيمان"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-5-2019. بتصرّف.