-

كيف تكون تقياً

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

إنّ التقوى هي من أعظم الأمور وأعلى المراتب التي يمكن للمسلم أن يصل لها، فالله تعالى أمر الإنسان بالتقوى وذكر له الطريقة التي يصل بها إليها، ولكن قبل أن يعرف الإنسان كيف يصل إلى التقوى عليه معرفة المعنى الحقيقي لهذه الكلمة التي نسمعها على الدوام والتي جعل الله تعالى لمن يصلها أجراً عظيماً.

التقوى

فالتقوى هي الكلمة المشتقة من وَقَى، فنحن نتقي ما نخاف منه من المخاطر وما هو أعلى منّا سلطةً وقوة، وتأتي تقوى المسلم من ربه من هذا المنطلق، فالمسلم يتقي الله عز وجل الذي يقدر على كل شيءٍ باتقاء ما حرم، فتقوى الله تعالى هي امتثال أوامره والابتعاد عن نواهيه، واتقاء شرّ الشيطان ومكائده التي وعد أن يوقع البشر فيها، واتقاء النفس الأمارة بالسوء والتي تحث على كلّ رذيلة، واتقاء شياطين الإنس الذين يوسوسون للإنسان ليل نهار.

كيف نصل إلى التقوى

فالوصول إلى التقوى طريقٌ ليس بالهين، والصعود على هذا السلم الذي يوصل الإنسان إلى التقوى يحتاج أن يُبنى على أرضٍ صُلبة، فلا يمكن لأي شخصٍ أن يتقي ما ينكر وجوده أو ما لديه شكٌ في وجوده على أقل تقدير، فنحن لا نرى الأشخاص في العادة يتقون من الأشباح بالليل وهذا لأنهم لا يؤمنون بوجودهم، ولكن يتقي جميع الناس من اللصوص بإغلاق الأبواب بإحكام ويضع البعض الكاميرات وغيرها من أجل اتقائهم، فهم يؤمنون حقّ الإيمان بوجود اللصوص في الليل، ولله المثل الأعلى.

لكي تتّقي الله عزّ وجلّ عليك أن تكون مؤمناً في بادئ الأمر بوجوده وبقدرته تعالى، وبرسوله وجنته وناره، وأن تؤمن بأوامره ونواهيه من داخل قلبك، فمن المهم أن تتفكر في الله تعالى ومخلوقاته لكي تبني فلسفة التقوى عندك على أرضٍ من فولاذٍ لا يمكن لها أن تهتز أبداً، فإن آمنت بهذا فتكون قد تخطيت نصف الطريق أو ما يزيد للوصول إلى التقوى، فإنّك إن عرفت الله تعالى ستكون قد عرفت أن الخطر الأكبر الذي من الممكن أن تواجهه هو أن تغضبه تعالى، فالله أعظم وأجلّ وأكبر وأقوى من كلّ شيء، وهو ملك الملوك جميعهم، فقد قال تعالى:" وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ"، فالتقوى الحقيقية لله لا يمكن أن تكون إلّا باكتمال إيماننا به.

أمّا إن عرفت عظمة الله تعالى ودخلت قلبك فيصبح الوصول إلى تقواه سهلاً، فقد ذكر تعالى في العديد من المواضع في القرآن الكريم التقوى وربطها بعددٍ من الأفعال التي من الممكن أن يصل الإنسان بها إلى هذه المرتبة الجليلة، فقد ذكر الله تعالى التقوى في أكثر من ثلاثمائة موقعٍ في القرآن الكريم، فمن الآيات التي ذكر الله تعالى فيها التقوى هي قوله تعالى:" اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ"، فمفتاح الوصول إلى تقواه عز وجل هو أن تعبده، وعبادته لا تكون إلّا باتباع أوامره واجتناب نواهيه كما ذكرنا وإن كان هذا بالصيام والصلاة والتكافل في المجتمع وإقامة العدل في الأرض والابتعاد عن كبائر الإثم وصغائره، والله تعالى يعلم أن هذا الأمر هو أمرٌ صعبٌ لا يمكن أن يقوم به شخصٌ طوال الوقت بطاقته القصوى، فلا بد أن تزل قدم الإنسان فيما بين الحين والآخر، فلا بأس في ذلك ولكن الأمر الأهم والذي يميّز المتقي هو أن يرجع إلى ربه بسرعةٍ بعد أن تزلّ قدمه، ولذلك قال تعالى:" فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ".