-

كيف تصبحين زوجة صالحة

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الزوجة الصالحة

تتساءل الكثير من الفتيات المُقبلات على الزواج عن الطريقة التي يستطعن من خلالها أن يَكُنّ زوجاتٍ صالحات، وهوَ أمرٌ ليسَ بالسهل؛ فعلى الزوجة أن تكونَ على قدرِ المسؤولية حتّى تتمكّن من تحمُّل كافّة التزاماتها وواجباتها الزوجيّة على أكمل وجه، وهذا الأمر لا يتوقّفُ فقط على الزوجة إنّما هوَ أمرٌ قائمٌ على أداء الحقوق والواجبات من الزوج والزوجة، فيجب على كلٍ منهما أن يعلم حقوقه فلا يطلب أكثر منها، وعليه أن يعلم واجباته فيؤدّيها كما ينبغي عليه أداءها، والمرأة المسلمة ينبغي أن تكون حكيمةً تَزِنُ الأمور بعقلانية، ويجب أن تَظهر الحكمة في تصرّفاتها جميعها مع زوجها؛ حيث إنّ الإنسان بطبعه تأسره الكلمة الطيبة، ويلين بالمعاملة الحسنة.

إنّ المرأة الحكيمة تبتعد عن كل ما يسيء لزَوجها أو يجعله يَغضب منها أو ينفر من تصرفاتها، ويجب عليها كذلك أن تتخلّص من كل ما يزعجه من أفعال وأقوال وعادات يرفضها أو يكرهها، وأن لا تُحاول فرضَ تلك العادات عليه، وإظهار شخصيتها ونفي شخصيته، فكل ذلك يقع من الرجل موقعاً صعباً، كونه مجبولاً على إطاعة المرأة له وسيرها تحت ظله، حيث إنّ الله سبحانه وتعالى قد جعل القوامة للرجل وأوكل مسؤولية بيته وأهله له، قال تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ)،[1] فلا ينبغي على الزّوجة منازعة الرجل في ذلك وإشعاره بالنقص خصوصاً أمام أمثاله من الرجال مما يدفعه للانفعال والغضب، وحتى تكون الزوجة صالحةً طائعةً لربها وزوجها يجب عليها القيام ببعض الأمور وإتمام واجباتها تجاهه، وإحسان التعامل معه.[2]

كيفَ تصبحين زوجةً صالحة

من خير ما ذُكر في صفات الزوجة الصالحة ما أوصت به زوجة عوف بن محلم الشيباني ابنتها أم إياس حين عقد قرانها على عمرو بن حجر حيث قالت لها ناصحةً: (أي بنية، إنك فارقت بيتك الذي منه خرجت، وعشك الذي فيه درجت، إلى رجل لم تعرفيه، وقرينٍ لم تألفيه، فكوني له أَمَةً يكن لك عبداً، واحفظي له خصالاً عشراً يكن لك ذخراً، أمّا الأولى والثانية: فالخشوع له بالقناعة، وحسن السمع له والطاعة.، وأما الثالثة والرابعة: فالتفقد لموضع عينه وأنفه، فلا تقع عينه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا الطيب ريح، وأما الخامسة والسادسة: فالتفقد لوقت منامه وطعامه، فإنَّ تواتر الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة، وأما السابعة والثامنة: فالاحتراس بماله، والإرعاء على حشمه وعاليه، وملاك الأمر في المال حسن التقدير، وفي العيال حسن التدبير، وأما التاسعة والعاشرة: فلا تعصين له أمراً ولا تفشين له سراً، فإنك إن خالفت أمره أوغرت صدره، وإن أفشيت سره لم تأمني غدره، ثم إيّاكِ والفرح بين يديه إذا كان مهتماً، والكآبة بين يديه إذا كان فرحاً)،[3]ويمكن تلخيص ما ينبغي على الزوجة فعله والتنبّه له حتى تكون زوجة صالحةً بالآتي:[3]

  • السمع والطاعة له مع القناعة بما طلب منها فعله والرضا به، وعدم مُعاندته فيما يطلب أو إهمال أوامره.
  • الاستماع لمشاكله ومحاولة معالجتها إذا دعت الحاجة، وعدم إظهار التذمّر من كثرة طلباته أو تلبيتها بلا رضى.
  • عليها التزيّن له في البيت فلا يرى منها إلا ما يسرّه ويعجبه ويحبّبها له، ولا يشم منها رائحة سيئة تنفره منها.
  • أن لا تزعجه إذا خلد إلى النوع بطلبها منه ما يمكن أدؤاه في وقتٍ آخر، أو تعمّد إلى العمل في البيت بما يؤدّي إلى إزعاجه وعدم استطاعته النوم بهناء.
  • أن تعنتني بماله إذا غاب عنها أو أوكل أمره إليها فلا تضيعه فيما لا قيمة له.
  • أن تُربّي أبناءه على تقوى الله وطاعته، والتذلّل لأبيهم واحترامه وتوقيره، وأن تُعلّمهم الفضائل والأخلاق الحميدة، وتبعدهم عن الرذائل، وتُبيّن لهم خطورة الوقوع في المحرّمات والمنهيات وغيرها، حتى ينشؤوا بأحسن ما يرغب فيه هو.
  • أن لا تعصي له أمراً إذا طلب منها شيئاً مُباحاً، وإن طلب منها محرماً فتطيعه بالمعروف بحسن الردّ وردعه عما يُريد بالحسنى لا بالرفض والازدراء.
  • أن تحفظ سره فلا تفشيه وتنشره خصوصاً لمن يكره أن يطلع على أسراره ولو كان من أحبّ أهلها إليها.
  • أن لا تفرح وقت حزنه، أو تحزن وقت فرحه، فإنما يحب الرجل أن يجد زوجته تقف إلى جانبه في عسره ويسره، ولا أفضل في هذا الباب من قول المصطفى - صلى الله عليه وسلم - حيث روى ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه: (لمَّا نزلت هذه الآيةُ (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)،[4] قال: كبِر ذلك على المسلمين، فقال عمرُ: أنا أُفرِّجُ عنكم فانطلق، فقال: يا نبيَّ اللهِ إنَّه كبِر على أصحابِك هذه الآيةُ، فقال: إنَّ اللهَ لَم يفرِضْ الزَّكاةَ إلَّا ليُطيِّبَ ما بقي من أموالِكم، وإنَّما فرض المواريثَ – وذكر كلمةً – لتكونَ من بعدَكم، لتُطيَّبَ لمن بعدَكم. قال: فكبَّر عمرُ، ثمَّ قال له رسولُ اللهِ – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم -: ألا أُخبِرُك بخيرِ ما يَكنِزُ المرءُ؟ المرأةُ الصَّالحةُ، إذا نظر إليها سرَّته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفِظته).[5]

واجبات الزوجة تجاه زوجها

حتى تكون الزّوجة صالحة يجب كذلك أن تدرك الواجبات التي أوجبتها عليها الشريعة الإسلامية تجاه زوجها، والتي كانت من مستلزمات عقد النكاح، فكما أنّ الزوج مُلزمٌ بدفع المهر والإنفاق على زوجته وتحمل واجباته تجاهها، فإن له حقوقاً يجب عليها أن تؤدّيها له، ومن حقوق الزوج على زوجته واجبات الزوجة تجاهه الآتي:

  • وجوب الطاعة على الزوجة: فإن الله - عزَّ وجلَّ - قد جعل الرّجال قوامين على النساء يُنفقون عليهن ويتدبرون أمورهن ويديرون الحياة بالحكمة والعقل، حيث إنّ الله أعطى للرجال ما لم يُعط للناس من تقديمٍ للعقل على العاطفة، كما أن له من القدرة الجسدية ما يعينه على تحمل أعباء العمل وتحمل الضغوط النفسية والبدنيّة المُترتّبة على الشقاء والخروج والذهاب في العمل،[6] قال تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ)،[7]
  • تمكين زوجها من الاستمتاع بها وفق ما هو مباح شرعاً: حيث إنّ عقد الزواج قائمٌ على تمكين الزوجة لزوجها كل ما طلب ذلك بالمعروف، فمن حق الزوج على زوجته أن تُمكّنه من نفسها وتعفه في نفسها عن الوقوع في المحرم، فإذا طلب الزوج زوجته لمعاشرتها، ثم تمنعت عنه ومنعته من حقه فإنها تكون قد عصت الله سبحانه وتعالى، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (إذا دعا الرَّجُلُ امرأتَه إلى فِراشِه فأبَتْ أن تجيءَ، لعَنَتْها الملائكةُ حتى تُصبِحَ)،[8] ويجوز لها أن ترفض ذلك إذا كان لها عذرٌ شرعي أو مرضٌ طارئ يمنعها من الجماع شريطة أن تخبر زوجها بسر امتناعها وتمكنه من نفسها بما دون الجماع.[9]
  • من واجبات الزوجة تجاه زوجها كذلك أن تمنع من يكره من دخول بيته إلا إذا أذن له هو أو أخبرها برضاه بدخوله إلى بيته؛[10] فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه).[11] وعن جابر - رضي الله عنه - قال: قال صلى الله عليه وسلم: ( ... فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح ولهن عليكم رزقهنّ وكسوتهن بالمعروف).[12]
  • من واجبات الزوجة أيضاً أن لا تخرج من بيت زوجها إلا بعلمه وموافقته، فإن لم يرض ذلك لها لم يجز لها الخروج، حتى إن كانت تقصد زيارة والدها أو والدتها المريضين.[13]

المراجع

  1. ↑ سورة النساء، آية: 34.
  2. ↑ "خلافات مع زوجها ، وتسأل كيف تصبح زوجة صالحة ؟"، الإسلام سؤال وجواب، 8/5/2003، اطّلع عليه بتاريخ 14/1/2017. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ابن عبد ربه الأندلسي، العقد الفريد، صفحة 420، جزء 2. بتصرّف.
  4. ↑ سورة التوبة، آية: 34.
  5. ↑ رواه عبدالحق الإشبيلي، في الأحكام الصغرى، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 360، إسناده صحيح.
  6. ↑ محمد صالح المنجد (25/2/2001)، "ما هي حقوق الزوج وما هي حقوق الزوجة"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 8/1/2017. بتصرّف.
  7. ↑ سورة النساء، آية: 34.
  8. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 5193.
  9. ↑ مجموعة من المؤلفين (1424هـ)، الفقه الميسر في ضوء القرآن والسنة، السعودية: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، صفحة 306. بتصرّف.
  10. ↑ محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، بيروت: بيت الأفكار الدولية ، صفحة 142-145، جزء 4. بتصرّف.
  11. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 4899.
  12. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم ، عن جابر بن عبدالله السلمي، الصفحة أو الرقم: 1218.
  13. ↑ كمال بن السيد سالم (2003)، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، مصر: المكتبة التوفيقية، صفحة 192-195، جزء 3. بتصرّف.