-

كيفية الدعوة الى الله

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الدّعوة إلى الله

الأصل الأول الذي وُجد لأجله الإنسان في الحياة الدنيا هو عبادة الله سبحانه وتعالى، وتوحيده دون غيره من المخلوقات، فقد قال: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)،[1] والطريق إلى عبادة الله -سبحانه وتعالى- يكون عن طريق الدعوة إلى الإيمان به، لمن أشرك به أو كفر بوجوده، ليعلم أنّ الكُفر أو الشِّرك به باطل، وأنّ الحقّ يكون في اتّباع ما أمر به الله تعالى، وترك ما كان يعبد الناس من أصنام وأوثان من دون الله، والدعوة تكون بالحكمة والموعظة الحسنة وتبادل الأدلّة بالمنطق؛ لتبيين الحقّ ودحض الباطل، قال الله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)،[2] فينبغي أن تكون الدعوة كما أمر الله -تعالى- بالحكمة والموعظة الحسنة، فما هي كيفيّة الدعوة إلى الله؟

معنى الدَّعوة إلى الله

للدعوة عدّة معانٍ لغةً واصطلاحاً حسب المراد منها، وفيما يأتي بيان ذلك:

  • الدَّعوة لغةً: مصدر دَعا يدعو دَعوَةً، وجمعها دَعْوات ودَعَوات، والدعوة تأتي بمعنى الدعاء، والدعوة الإسلاميّة هي الدعوة إلى الإسلام، وشهادة أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمداً رسول الله.[3]
  • الدَّعوة اصطلاحاً: يُقسَم معنى الدعوة اصطلاحاً إلى معنيين رئيسين؛ الأوّل بمعنى الرسالة، وتختصّ هذه الحالة برسالة الإسلام، والثاني هو نشر رسالة الإسلام وتبليغها للناس كافّةً، وبناءً على هذين المعنيين، فإنّ معاني الدعوة اصطلاحاً كالآتي:[4]
  • الدَّعوة بمعنى الإسلام أو الرسالة: هي دين الله الذي بعث به الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، والذي تجدّد على لسان نبيّ الله محمد صلّى الله عليه وسلّم، فجاء بشريعةٍ كاملةٍ وافيةٍ لصلاح الدنيا والآخرة، وهي دين الله -تعالى- الذي ارتضاه للعالمين؛ تمكيناً لخلافتهم، وتيسيراً لضرورتهم، ووفاءً بحقوقهم، ورعايةً لشؤونهم، وحمايةً لوحدتهم، وتكريماً لإنسانيّتهم، وإشاعةً للحق والعدل فيما بينهم، وعرّفها آخرون بأنّها مجموعة من الضوابط المتكاملة التي تضبط السلوك الإنساني وتحدّده، ومن خلالها يتمّ تقرير الحقوق والواجبات.
  • الدعوة بمعنى نشر رسالة الإسلام وتبليغها للناس: هي عند شيخ الإسلام ابن تيمية الدعوة إلى الإيمان بالله تعالى، وبما جاء به رسله عليهم السلام؛ بتصديقهم فيما أخبروا به، وطاعتهم فيما أمروا، وذلك يتضمّن الدعوة إلى الشهادتين، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحجّ البيت، والدعوة إلى الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والبعث بعد الموت، والإيمان بالقدر خيره وشرّه، ودعوة العبد إلى عبادة الله -تعالى- كأنّه يراه، وقيل في تعريفها إنّها تبليغ الإسلام للناس، وتعليمه إيّاهم، وتطبيقه في واقع الحياة، أو هي حثّ الناس على القيام بالأفعال الخيّرة، واجتناب أفعال الشرّ، وأمر الناس بالمعروف، ونهيهم عن المنكرات، وتحبيبهم بالفضائل، وتنفيرهم من الرذائل.

كيفيّة الدّعوة إلى الله

تتنوع الوسائل والأساليب والكيفيات التي يمكن للداعية أن يدعو بها إلى دين الله تعالى، وينشره بين الناس، وهي على النحو الآتي:[5]

  • الاستعانة بإرسال الرُّسل، والدّعاة إلى شتّى أرجاء الأرض؛ بقصد نشر رسالة الإسلام، وتبليغها للناس، فقد كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يستخدم هذه الوسيلة في دعوة الأقوام، والأمم والقبائل الأخرى، ويظهر ذلك في حديث معاذ رضي الله عنه، لمّا بعثه النبي -صلّى الله عليه وسلّم- في إحدى البعثات بقصد الدعوة، حيث قال: (بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: إِنَّكَ تَأْتِي قَوْماً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ).[6]
  • استخدام وسائل التسلية؛ لتنشيط المدعوّين، والخروج من الجمود في الدعوة إلى الله تعالى، لتتقبل نفوسهم الدين بصدرٍ رحب، وهمّة عالية.
  • الجهاد في سبيل الله، وهذه الوسيلة يتم اللجوء إليها لمن يعادي دين الله تعالى، وقد لجأ المسلمون لهذه الوسيلة، وضحّوا بأرواحهم فداءً لدعوة الحقّ، قال الله تعالى: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً).[7]
  • الدعوة إلى الله تعالى عن طريق المساجد والمنابر، من خلال الخُطَب والدروس والمواعظ، وقد كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يستخدم هذه الطريقة في خُطَبه، فثبت عن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- في خطبة الوداع قوله: (إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا).[8]
  • زيارة المدعوّ شخصيّاً، ودعوته إلى دين الله تعالى.
  • الاستعانة بالكتب والرسائل التي تبيّن حقيقة الإسلام.

أساليب الدعوة إلى الله

الأساليب التي ينبغي اتّخاذها في الدعوة إلى الله تعالى، هي كما يأتي:[5]

  • التدرّج في الدعوة؛ فيبنغي أن يكون الداعية حكيماً في عرض الفكرة للمدعو، بحيث يُمهّد له في الأحكام والجزئيات، حتى يكون استقباله للدعوة متناسباً مع ما يُدعى إليه.
  • استخدام طريقة السؤال والجواب، لعرض المسائل التي يطرحها المدعو، وتُمثّل عقبات في نفسه لقبول الدعوة والإيمان بها، ثمّ الإجابة عنها بإجابات دقيقة وافية.
  • الاستفهام الاستنكاري.
  • التشبيه وضرب الأمثال.
  • الترغيب؛ وذلك بتبيين النتيجة الحسنة التي سيؤول إليها من يؤمن بالله تعالى.
  • الترهيب؛ ببيان عقوبة العُصاة والمُكذّبين بالدعوة.

المراجع

  1. ↑ سورة الذاريات، آية: 56.
  2. ↑ سورة النحل، آية: 125.
  3. ↑ "تعريف ومعنى دعوة"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 24-12-2017. بتصرّف.
  4. ↑ محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله المرحوم (19-11-2016)، "تعريف الدعوة لغةً واصطلاحاً"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-12-2017. بتصرّف.
  5. ^ أ ب عبد القادر بن فالح الحجيري السلمي، "أساليب الدعوة إلى الله"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-12-2017. بتصرّف.
  6. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم: 19، صحيح.
  7. ↑ سورة الأحزاب، آية: 23.
  8. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 1218، صحيح.