-

كيفية الطهارة الصحيحة

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

يشترط عند القيام بأي عبادة من العبادات أن يكون المسلم على طهارة، والطهارة تعني زوال حدث أو خبث، أو رفع الحدث وإزالة النّجس، أو ما في معناهما أو على شاكلتهما. وقال المالكيّة في تعريفها أنّها صفة حكميّة توجب للموصوف بها جواز استباحة الصّلاة به، أو فيه، أو له. (1) وسنذكر في هذا المقال كيفيّة أداء الطهارة بشكل صحيح.

كيفية الطهارة الصحيحة

تقسم الطهارة إلى قسمين: طهارة من الحدث، وطهارة من النّجاسة، والأخيرة على نوعين أيضاً، حكمية وحقيقيّة.

الطهارة من الحدث

يعرف الحدث بأنّه: الحالة النّاقضة للطهارة شرعاً، بمعنى أنّ الحدث إذا صادف الطهارة نقضها، وينقسم الحدث إلى قسمين: (1)

  • الحدث الأكبر: ويشمل كلاً من الجنابة، والنّفاس، والحيض.

أمّا كيفيّة الطهارة من الحدث الأكبر فإنّها تقوم على أساس الغسل، وهو: (2)

    • أن ينوي المسلم الغسل بقلبه دون أن ينطق بالنّية.
    • أن يسمّي فيقول:" بسم الله ".
    • أن يتوضّأ وضوءاً كاملاً.
    • أن يحثو الماء على رأسه، فإذا أرواه أفاض عليه ثلاث مرّات.
    • أن يغسل سائر بدنه.

    وأمّا الطهارة من الحيض فتجب عندما ترى المرأة واحدةً من علامات الطهر، وهما: رؤية القصّة البيضاء أو جفاف المحل من الدم، ويكون الغسل من الحيض مثل الغسل من الجنابة، وصفة الغسل هي ما رواه الشّيخان عن عائشة رضي الله عنها قالت:" كان رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه، ثمّ يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه، ثمّ يتوضّأ، ثمّ يأخذ الماء فيدخل أصابعه في أصول شعره، ثمّ حفن على رأسه ثلاث حفنات، ثمّ أفاض على سائر جسده، ثمّ غسل رجليه ". (3)

    • الحدث الأصغر: مثل البول، والغائط، والرّيح، والمذي، والوذي، وخروج المني بغير لذّة، والهادي: وهو الماء الذي يخرج من فرج المرأة عند الولادة. (1)

    أمّا في حال خروج المني في اليقظة بلذّة فإنّ الغسل واجب بلا اختلاف بين الفقهاء، قال الكاساني:" الجنابة تثبت بأمور بعضها مجمع عليها، وبعضها مختلف فيه، أما المجمع عليها فنوعان: أحدهما: خروج المني عن شهوة دفقاً من غير إيلاج، بأي سبب حصل الخروج، كاللمس، والنّظر، والاحتلام، حتى يجب الغسل بالإجماع ". وقال النّووي:" وقد أجمع المسلمون على وجوب الغسل على الرّجل والمرأة بخروج المني ". ولكنّ العلماء اختلفوا في حالة خروج المني بدون لذّة، كما لو خرج بسبب وجود علة من مرض أو برد وغيرهما، فأمّا مذهب الجمهور فإنّه لا يجب عليه الغسل إلا إذا خرج دفقاً بلذّة، وأمّا مذهب الشّافعي فإنّه يجب الغسل على أيّ صفة خرج فيها، سواءً أكان بدفق أم بغيره، وسواءً كان بلذّة أم بغير لذّة.

    أمّا في حال خروج المني حال النّوم، فإنّ له ثلاث حالات هي:

      • أن يتأكّد أنّه مني، فهنا يجب عليه أن يغتسل، سواءً أذكر أنّه احتلم أو لم يذكر، ولا يشترط أن يكون خروجه دفقاً أو بلذة، لأنّ الإنسان في حالة النّوم من الممكن أن يخرج منه المني وهو لا يشعر، والدّليل على هذا القول هو ما رواه البخاري من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة أم المؤمنين أنّها قالت:" جاءت أم سليم امرأة أبي طلحة إلى رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - فقالت: يا رسول الله، إنّ الله لا يستحيي من الحقّ، هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ فقال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - نعم إذا رأت الماء "، رواه البخاري ومسلم، فلم يشترط النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - لوجوب الغسل إلا رؤية الماء.
      • أن يتيقن أنّه مذي، فقيل: أنّه يجب عليه الغسل مطلقاً، سواءً أذكر احتلاماً أو لم يذكر، وهو قول أبي حنيفة ومحمد، والسّبب في ذلك قولهم أنّ المني يرقّ بإطالة المدّة، فتصير صورته صورة المذي، لا حقيقة المذي. أمّا مذهب الجمهور في هذا فإنّه لا يجب عليه الغسل مطلقاً، سواءً أذكر احتلاماً أو لم يذكر، ودليلهم على ذلك أنّ المذي لا يوجب الغسل، وقد أرشد الرّسول - صلّى الله عليه وسلّم - إلى غسل ذكره، والوضوء منه فقط.
      • أن يشكّ هل هو مني أم مذي، فإن شكّ في ذلك فإنّه يجب عليه الغسل في المذهب الحنفي، وإن شكّ ولم يذكر احتلاماً فإنّه يجب عليه عند أبي حنيفة ومحمد، ولا يجب عند أبي يوسف. وأمّا في المذهب المالكي فإنّه يجب عليه الغسل مطلقاً مع الشكّ. وأمّا في المذهب الشّافعي فإنّه لا يجب عليه الغسل مطلقاً، وأمّا مذهب الحنابلة فينصّ على أنّه إذا رأى بللاً وجهل كونه منيّاً، فإن لم يتقدّم نومه سبب من نظر، أو فكر، أو ملاعبة، أو انتشار، فإنّ الغسل وجب عليه، وإن تقدّم نومه سبب ممّا سبق لم يجب عليه الغسل. (4)

      وأمّا الحدث الأصغر مثل خروج شيء من أحد السّبيلين سواءً أكان بولاً، أو مذياً، أو غائطاً، أو حصاةً، أو غير ذلك، فإنّه يوجب الوضوء. ومن ذلك أيضاً مسّ الفرج ببطن الكفّ، وزوال العقل بنوم، أو إغماء، أو سكر، ولمس المرأة الأجنبيّة المشتهاة، وهذا على رأي بعض أهل العلم، ومن ذلك أيضاً أكل لحم الجزور، وهو رأي لبعض أهل العلم أيضاً. (5)

      الطهارة من النجس

      يعتبر النّجس من الخبث، وهو عبارة عن النجاسة القائمة بالشخص، أو الثّوب أو المكان. وقد شرعت الطهارة من النّجس، وتعني طهارة المكان الذي يصلى عليه، بقوله تعالى:" وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ "، المدثر/4، وقوله تعالى:" وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا "، المائدة/6، وقوله تعالى:" وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيل أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ "، البقرة/125، وَبِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:" اغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي "، أخرجه البخاري. والطهارة من ذلك كله شرط من شروط صحّة الصّلاة. (1)

      آداب الطهارة

      من أهمّ الآداب التي على المسلم اتباعها أثناء الغسل والطهارة، ما يلي: (4)

      • عدم الإسراف في الماء مع التأكّد من إحكام الغسل: فقد كره جمهور العلماء الإسراف في ماء الغسل، كما أنّ الفقهاء قد اتفقوا على أنّه لا يشترط قدر معيّن في ماء الغسل، فإذا استوعب الماء كلّ الأعضاء فإنّه يكفيه بأيّ قدر كان.
      • أن يستتر المسلم عن أعين النّاس: ويكون السّتر عامّةً للبدن وللعورة.
      • أن يذكر التسمية في أوله: وقد اختلف الفقهاء في التّسمية للغسل، والتّسمية سنّة في المذهب الحنفي والشّافعي، وأمّا في المذهب المالكي فتمّ ترجيح أنّها غير مشروعة.
      • غسل اليدين قبل الوضوء وقبل غسل الفرج.

      فروض الطهارة

      هناك مجموعة من الأمور التي لا تصحّ الطهارة بدونها، منها: (4)

      • الماء الطهور مع القدرة عليه: لأنّه لا يرفع الحدث إلا الماء الطاهر مع وجوده، ولا يرفع الحدث الماء النّجس، وهذا بإجماع العلماء. قال ابن المنذر:" أجمع العلماء على أنّ الحدث لا يرفع بسائل آخر غير الماء، كالزّيت، والدّهن، والمرق ".
      • النّية: وقد اختلف العلماء في حكم النّية في طهارة الحدث عموماً، سواءً أكان الحدث الأصغر والأكبر، فمذهب الحنفيّة في ذلك أنّ النّية سنّة في طهارة الوضوء والغسل، وشرط في طهارة التّيمم. وأمّا مذهب المالكيّة، والشّافعيّة، والحنابلة، فهو أنّ النّية شرط لطهارة الحدث مطلقاً، الأصغر والأكبر، بالماء أو التّيمم، وقيل: يجزئ الوضوء، والغسل، والتّيمم بلا نيّة، وهو قول الأوزاعي.
      • تعميم جميع الجسد بالغسل: اتفق الفقهاء على أنّ تعميم الجسد كله بالماء فرض من فروض الغسل.

      المراجع

      (1) بتصرّف عن الموسوعة الفقهيّة الكويتية/ وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية- الكويت/ مطابع دار الصفوة- مصر/ الطبعة الأولى.

      (2) بتصرّف عن كتاب من الأحكام الفقهية في الطهارة والصلاة والجنائز/ محمد بن صالح العثيمين/ وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والرشاد- المملكة العربية السعودية/ الطبعة الأولى.

      (3) بتصرّف عن فتوى رقم 3893/ كيفية الطهارة من الحيض/ 25-2-2001/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net

      (4) بتصرّف عن كتاب موسوعة أحكام الطهارة/ دبيان بن محمد الدبيان/ مكتبة الرشد- الرياض/ الطبعة الثانية.

      (5) بتصرّف عن فتوى رقم 95785/ الطهارة ،، شروطها وكيفيتها/ 14-5-2007/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net