-

كيف أقضي على الغيرة

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الله سبحانه وتعالى يغار على عبده ومحبوبه، ألّا تأخذه الدنيا، أو الهوى، أو يجعل لله شريك ، والعبد يغار على ربه، في ألّا يسبقه أحد إليه، فاللهم اجعلني أقرب من تقرب إليك، وأوجه من توجه إليك، العبد يغار على محبوبه، غيرتان، فيقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- (غيرتان، إحداهُما يُحبّها الله، وأُخرى يبغضها الله).

أنواع الغيرة

الغيرة المُستحبة

وهي شعور داخلي يجعلك بحاجة للاحتفاظ بالشيء، دون وجود منافس لك، وهي تجعلك في تحسن مستمر بغاية الاحتفاظ بما تريد، فالغيرة الإيجابية هي التي تحفزك وتدفعك للحصول على شيء يعجبك، فمثلاً حصل صديقك على سيارة جديدة، فأعجبتك، فانتابك شعور الغيرة، فتمنيت له الخير، وتمنيت أن يرزقك الله بمثلها، وعملت بجد لتحصل عليها، هنا تكون الإيجابية.

الغيرة العاطفية المُستحبة

هي الغيرة التي تنتج بين اثنين بينهم مشاعر مشتركة وتكون الغيرة بغاية إظهار مقدار الحب بينهم، وتكون لها آثار إيجابية على العلاقة فتزيد الحب والمحبة، من خلال سعى كل من الطرفين ورغبته في الاحتفاظ بالطرف الآخر، وإظهار أنّه يحب أكثر من أي أحد، والدليل على أن الغيرة شعور لم ينه عنه، قصص سيدتنا عائشة _ رضي الله عنها_ التي كانت تغار على نبي الله، وكان دائماً _عليه الصلاة والسلام_ يمازحها ويقول: (غارت أُمكم، غارت أُمكم) فلم يظهر عصبيته عليها رغم المواقف التي كانت تحدث من غيرتها، فهذه قصتها عندما لحقت به ليلاً لترى إن كان قد خرج لإحدى زوجاته، فوجدته ذاهب للبقيع ليدعوا الله، عندما عاد همت بالهرولة للمنزل، فرأى أنها لحقت به، فلم يعنفها بل قال لها أتغارين وأنت تعلمين، أنك أحب الناس لي، هذا هو القدوة التي يجب التعلم منها، فلو رأى أحدنا زوجته تمسك هاتفه المحمول لهمّ بضربها.

الغيرة المذمُومة

التي تشكل عبئ على حياتك، وهي الغيرة التي تولد عدم الثقة، وعد الثقة يولد الشك والحسد، فالشك: هو عبارة سلوك، مثل التفكير والظن، مولد الشك هو عدم الثقة، وتتولد عدم الثقة من خلال نقص في المعلومات، فعندما تبدأ في البحث في هذه المعلومات الناقصة يتولد الشك، فلا يجوز قول إن الغيرة هي مولد الشك، فالغاية لا تبرر الوسيلة، والشك منهي عنه كسلوك؛ لأن الله عزّ وجل يقول: (إنَّ بعضّ الظّن إثم)، والحسد عبارة عن شك أيضاً، فهو شك في نعم الله، فالشخص الحسود، شخص لا يوجد عنده ثقة بالله، الذي يعطي النعم لجميع الخلق.

كيف تقضي على الغيرة

تحديد السبب ومصدر الغيرة

  • هل غيرتك بسبب الحب، هل غيرتك بسبب مشاعرك اتجاه شريك حياتك، فهو شعور فيه حب للتملك، وكراهية شراكة الغير في هذا الحق، لكن لا يجب أن تتعدى هذه المشاعر الحدود فتقتل الحياة الزوجية، فالغيرة التي تتولد بسبب الحب، محمودة ومطلوبة، لإحساس كل من الزوجين أن شريك حياته يخاف عليه، يشتاق إليه ويوده وأن يكون له وحده، وهذا شعور سوى، نبيل ورائع، يجعل الطرف الآخر يحس بحب شريك حياته له، إذن، فالغيرة هنا هي دليل وبرهان على الحب، وتزيد العلاقة قوية، وتجعلها مستقرة أكثر وتمد الزوجين بنوع من الاطمئنان النفسي، فوقع شعور غيرة الزوج على زوجته أو العكس، يعنى أنه يحبها وأنها تحبه، وهذا هو الوجه الصحيح للغيرة وهذه هي الغيرة التي تتولد بسبب الحب، فالغيرة التي تتولد بسبب الحب واجبة، كغيرة المسلم على حرمات الله، وغيرته على محارمه، فالديوث هو الذي لا يغضب ولا يغير على عرضه، ومن مميزات الغيرة صيانة وحماية الأعراض، أما الغيرة المذمومة هي الغيرة المرضية التي تتعدى الحدود، فالغيرة بين الزوجين دليل على الحب إذا كانت في المستوى المطلوب، أما إذا أدت إلى الشك فقد تقتل الحياة الزوجية.
  • هل غيرتك بسبب عدم الثقة في النفس؟ فقد يكون هذا الشخص الغيور إنسان ضعيف الشخصية ولا يوجد لديه ثقة بنفسه فدائماً يكون تفكيره لماذا هذا الشخص مرتبط بي، هل سيتخلى عني لأني لا أمتلك مهارات معينة؟ هل يحبني فعلنن أم أنه يمثل؟ هل سيبقى يحبني أم سيتغير مع مرور الوقت؟ إذا كانت هذه هي الأفكار التي بداخلك اتجاه شريك حياتك فكن على علم أن مشاعرك ستصل له، في هذه الحالة يجب أن تعملي على اكتساب وتنمية الثقة بنفسك من خلال الإيمان بذاتك والثناء عليها، فإذا لم تثق بنفسك، من سيثق بك؟
  • هل غيرتك بسبب تصرفات شريك حياتك؟ هل فعل شيء بالسابق وما زلت لم تغفر له وتخاف من عودته؟ هل شريك حياتك شخص لا تستطيع الوثوق به؟ في هذه الحالة يجب عليك أن تقوم بمواجهته، ومعرفة الحقيقة، مع الأخذ في عين الاعتبار أن بعض الظن إثم، فشكك هذا سلوك نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فحاول أن تصارح وتناقش شريك حياتك، في كل صغيرة وكبيرة لكي تكسب ثقته، فإذا وثق فيك فيتغير الوضع.

العمل على التخلص من مشاعر الغيرة

فإذا عرف السبب بطل العجب، فبعد أن تعرفتي على الأسباب تستطيعين إيجاد الحلول المناسبة ومنها:

  • الرضا بما قسمه الله، فالقناعة كنز لا يفنى، ومن امتلك هذه النعمة امتلك مفاتيح الدنيا والآخرة، فلا تقارن نفسك بالآخرين في أمور الدنيا، ولا تنزعجي بما يملكونه من قدرات وإمكانيات وصفات، فهذه وهبها الله لهم وهو القادر على أن يهبك أكثر و أفضل، فالطلب يوجه إلى مالك الملك فهو المغني والمعطي وبيده كل شيء، فإذا كنت قليلة الجمال، أو شخصيتك غير ضحوكة، فانظري إلى الأشياء الأكثر تميزاً لديك، فالله عزّ وجل خلق لكل منا شيء يميزه عن غيره، قد يحبونك الناس لهذه الصفة فما عليك سوى الثقة بالله. واعلمي أن نعم الله مقسمة بين الناس، وأن السعيد من أدرك نعم الله عليه، وعرف قيمة هذه النعم في حياته، فشكر الله على هذه النعم كي ينال المزيد ويفوز برضا الله الكريم العليم بحالنا، كما أن الشكر سبب لحفظ النعم فلا تفنى ولا تبيد.
  • الثقة: الثقة هي الدعامة التي تجعلك تحقق لنفسك حياة أفضل، فالثقة بالنفس تجعل تفكيرك إيجابي في جميع نواحي حياتك، وثقتك بمن حولك ستقلل من الغيرة التي بداخلك، وذلك لأنك تعلم شخصية الذي أمامك، والثقة لا تأتي من يوم وليلة بل هي مجموعة من المواقف والتجارب التي تمر بينك وبين شريك حياتك، تجعلك تثق بأفعاله، فأنت تعرف أتك تعيش مع إنسان يحبك أم لا؟ هل لديه شخصية وفية أم لا؟ فلما تشكك في وفائه وحبه لك، فغيرك وعدم ثقتك قد تعطي فعل معاكس، ويقل حب الشخص لك،
  • تحويل مشاعر الغيرة، لمشاعر حب وإخاء، فمشاعر الغيرة المفرطة تنفذ طاقتك، ومشاعرك، فإذا استخدمت هذه الطاقة في شيء مفيد ويزيد الحب، سيكون أفضل لك، وسيزيدك ثقة بنفسك، كالتفكير في قضاء يوم جميل مع شريك حياتك، يسعدكم ويجدد مشاعر الحب بينكم، وكذلك تستطيع التعامل مع مشاعر الغيرة بين الأصدقاء، فاحرص على تقديم الهدايا لأصدقائك حتى ولو كانت رمزية، أو قضاء العطلة معاً، عليك أن تكن رمز للأخلاق والاحترام.
  • حُسن الظن: ويكون ذلك من خلال التماس الأعذار، وجمع المعلومات قبل الحكم على الأمور، كذلك يجب التحرر من الأهواء وتحكيم العقل قبل القلب.