-

كيفية صنع الصوف

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الصوف

الصوف (بالإنجليزية: Wool) هو عبارة عن ألياف حيوانية تُمثل الطبقة الواقية للثدييات الشعرية (بالإنجليزية: Hairy Mammals) مثل الأغنام، والماعز والإبل، وقد استخدم الإنسان منذ القِدم الصوف لِيَكسو نفسه، حيث صنع منه نسيجاً استخدمه في صناعة الملابس،[1] كما صنع من الصوف السجاد والبطاطين وغيرها من المُنتجات، تحافظ المنسوجات الصوفية على رونقها وجمالها حيث إنها تقاوم الانكماش، وهي سهلة التنظيف، وقادرة على امتصاص الرطوبة، والصوف عازل للحرارة والبرودة، جميع هذه الصفات جعلت منه الخيار الأفضل لصناعة السُّترات، والمعاطف، والجوارب، والقفازات وغيرها.[2]

وتكون الألياف الصوفية أسطوانية الشكل تقريبا، ويتم تلبيدها لتصبح قادرة على المقاومة والتحمل ولزيادة تماسكها؛ وذلك عن طريق تشكيل طبقة سطحية عليها بفعل الحرارة والضغط والرطوبة، وهناك قانون يجبر كل دولة تنتج الملابس الصوفية بوضع علامة عليها لِتدل على درجة نقاء الصوف، ووضع علامة إرشادية لتعريف المنتجات الصوفية وتصنيفها، ويدخل ضمن الأصواف ألياف أخرى تُؤخذ من مصادر متعددة، مثل: الألبكة، وهو نوع من الألياف الصوفية المأخوذة من حيوان الألبكة الذي يُعد من أنواع اللاما، وهناك وبر الجمال، والكشمير الذي يُؤخذ من ماعز الكشمير، والموهير الذي يعد ماعز الأنجورا مصدره الأساسي، ويصدر الصوف الخام من العديد من دول العالم بكميات كبيرة، مثل أستراليا، والصين، والأرجنتين ونيوزيلندا.[2]

يعد الصوف من ألياف الملابس الرئيسية الأكثر قابلية للتدوير وإعادة الاستخدام، حيث يمكن تحويله إلى ملابس، وتنجيده، أو صناعة المنتجات المقاومة للحرارة الشديدة، كما يمكن استخدام الصوف في العديد من أمور العزل الحراري، والصوتي، أو في صناعة وسائد خاصة لامتصاص النفط في حال تسرُّبه، وتُقلِّل الألياف الطبيعية مثل الألياف الصوفية من التلوث البيئي الحاصل من صناعة النسيج في مراحل التخلُّص، حيث إن الألياف الطبيعية كالصوف تتحلل في الظروف الرطبة الدافئة، مثلاً يمكن للصوف أن يتحلل داخل التربة بسبب عمل الفطريات والبكتيريا لتكوين العناصر اللازمة لنمو الكائنات الحية، مثل: الكبريت، والنيتروجين، وتعد هذه العملية جزءاً من دورات الكربون ودورات التغذية التي تحدث في الطبيعة.[3]

كيفيّة صنع الصوف

إن أول خطوة لتصنيع الصوف هي إنماؤه، ويكون ذلك بتربية المواشي التي يؤخذ الصوف منها، مثل: الجمال، والماعز، والأغنام،[3] وبتوفُّر مصدر الصوف يمكن البدء بصنعه عن طريق الجز، ومن ثم التنظيف والفرز أو التصنيف، ومن ثم الغزل، وبعدها عملية صناعة النسيج التي تتضمن عمليات التشطيب وإنهاء النسيج،[4] وفيما يأتي بيان لكل عملية:

الجز أو القص

تتم عملية الجز أو القص (بالإنجليزية: Sheering or Harvesting) مرة واحدة كل عام، وعادة ما تكون في فصل الربيع أو في بداية فصل الصيف، وفي بعض الدول قد يحصل الجز مرتين كل عام، والصوف الذي ينتُج من الجز هو الصوف الخام، أو الصوف الشحمي (بالإنجليزية: Grease Wool)، ويستخدِم معظم جزازي الأغنام آلات جز كهربائية وهناك أيضاً العديد من الجزازين يجزون الأغنام باستعمال أيديهم بدلاً من الآلات، يمكن للواحد منهم جز ما يقارب 200 رأس من الأغنام بشكل يومي، وإنتاج ما يقارب 6-18 رطلاً أو ما يعادل 2.7-8.1 كغم من الصوف، ويُجز الصوف كقطعة واحدة عادة ومن ثم تُصنف الجزة إلى أجزاء تبعاً للمنطقة المأخوذة منها، فعلى سبيل المثال يُعتبر الصوف الذي يُغطي جوانب الأغنام وأكتافها هو أفضل أنواع الصوف، أما الصوف المأخوذ من أسفل الساقين فيعتبر أقل جودة.[2][3][4]

الفرز والتصنيف

في مرحلة الفرز والتصنيف (بالإنجليزية: Grading and sorting) يُصنف الصوف وفقاً لطول الألياف ونعومتها، حيث يختلف طول الألياف تبعاً لنوع المواشي التي أُخذ الصوف منها ومصدرها، مثلاً الصوف الأسترالي المارينو يكون طول الألياف 3-5 بوصة، أما السلالات المأخوذة من تكساس وكاليفورنيا فيكون طول الألياف 2.5 بوصة تقريباً، وهناك أنواع من الصوف يصل طولها إلى 15 بوصة،[3] وإن معرفة طول الألياف يعد أمراً ضرورياً لتحديد العمليات اللازمة من الغزل والنسيج.[2]

وفي هذه المرحلة أيضاً تُقسّم الجزة إلى أجزاء وفقاً للأماكن التي أُخذت منها، فكما ذُكر سابقاً يكون الصوف المأخوذ من منطقة أسفل الساقين أقل جودة من صوف الجوانب والأكتاف، وعادة ما يُستخدم الصوف ذو الجودة الأقل في صناعة السجاد، و إن الجودة العالية هنا ليس بالضرورة أن تعني المتانة والقوة العالية،[4] أما الأجزاء التالفة من الجزة أو التي تحتوي على بقع فتُزال ويتم التخلص منها، وبالإضافة إلى تصنيف الصوف تبعاً لطول الألياف، فإنه يُؤخذ بعين الاعتبار أيضاً النعومة أي قطر الألياف، ودرجة التجعد واللون.[2]

وتُقاس درجة النعومة أو القُطر في أوروبا عادة بوحدة الميكرون، وهو واحداً من مليون من المتر، أما في مناطق أخرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية فتُعرف مدى نعومة الألياف بمقارنتها بألياف المارينو، وبالتطرق إلى درجة التجعد أو ما يُعرف بالتنسيج، فيجدر الذكر أن التجعُّد الطبيعي في الألياف يُعتبر خاصية مميزة لها، حيث يُعطيها ذلك مرونة عالية، ويُمكِّنها من العودة إلى طبيعتها بعد عصرها، وإن أفضل الألياف الصوفية هي ذات التموجات المنتظمة، وبالنسبة لألوان الصوف، فإن معظمه يتدرج من اللون الأبيض إلى اللون العاجي الداكن، وأفضل أنواع الصوف هي ذات اللون الأبيض، حيث يحتاج النَّساجون في كثير من الأحيان إلى تبييض الصوف الداكن قبل صبغه بلون آخر.[2]

تنظيف الصوف

يحتوي الصوف الخام على العديد من الأوساخ والرمال والزيوت والعرق الجاف الذي ينتج عن أجساد الأغنام، ويجب تنظيفه جيداً قبل نسجه وغزله، وفي التنظيف يُوضع الصوف في حمامات قلوية خاصة تحتوي على مزيج من الماء والصابون والصودا أو أي مادة قلوية مماثلة لها، وبعد انتهاء التنظيف تعصر البكرات الخاصة بآلات التنظيف الماء الزائد من الصوف، والجدير بالذكر أنه لا يتم تجفيف الصوف تماماً بعد تنظيفه، حيث يُعالَج بالزيت لإعطائه المرونة للتعامل معه بسهولة، وينتج عن تنظيف الصوف منتجات ثانوية مثل مادة اللانولين (بالإنجليزية: Lanolin) المستخرجة من زيوت الصوف بعد إزالتها والتي تُستخدم في العديد من المنتجات الأخرى مثل مُطريَّات اليدين وبعض من مواد التجميل الأخرى.[2][4]

تمشيط الصوف

بعد تنظيف الصوف يجب تمشيطه أو تسريحه، وتختلف عدد الخطوات اللازمة لهذه العملية باختلاف نوع الصوف المراد إنتاجه، وفي تمشيط الصوف (بالإنجليزية: Carding)، يُمرَّر الصوف خلال سلسلة من الأسنان أو الأسلاك المعدنية الرفيعة، وتفك الأسنان أو الأسلاك التجاعيد والتشابكات الموجودة في الألياف الصوفية، وتُزيل الألياف القصيرة وتُبقي الألياف الطويلة التي يتم ترتيبها على هيئة شريط مُسطّح يُسمى النسيج، والذي يُحوَّل فيما بعد إلى خيوط رفيعة تُسمى بالشلة أو الفضة، وتُزيل عملية التمشيط أي أوساخ أخرى عالقة لم تُزَل خلال عملية التنظيف،[2][4] مثل: البذور، وأوراق الأشجار، والأغصان الصغيرة، أما عملية إزالة الألياف القصيرة فهي مهمّة جداً أيضاً لأنه يصعب التعامل معها في عمليات الغزل.[5]

غزل الصوف

تختلف صناعة الخيوط بعد التمشيط وفقاً لطول الألياف، فالألياف الممشطة تُستخدم في صناعة الغزل الصوفي، في حين تُستخدم الألياف الممشطة الفرنسية في صناعة الغزل الجوخي، وبعد تمشيط الألياف تُشد الشلة وتُلوى لتصبح خيوطها أرفع وتُسمى بالسحب الفتلي أو السلك، حيث تلوي آلات الغزل السلك على شكل غزل، ويكون الغزل الصوفي منفوشاً ومزغباً، في حين أن الغزل الجوخي يكون ناعماً وذا ألياف متوازية وجيدة الالتواء،[2] والجدير بالذكر أن آلات الغزل الصوفي تختلف عن آلات الغزل الجوخي، فالغزل الصوفي يتم باستخدام آلة النول، في حين أن الغزل الجوخي يتم باستخدام عدد من آلات الغزل الأخرى.[4]

ويُنسج خيط الصوف من خيطين أو ثلاثة أو أربعة يتم جدلها مع بعضها البعض، ويسهل جدلها وتماسكها لأن الألياف الصوفية تتماسك بطبيعتها، وبعد انتهاء النسج يُلف الخيط الناتج على بكرات أو مخاريط، [4] وهناك ما يُعرف بالغزل الفردي، وفيه يُؤخذ الخيط ويُلوى ويتم لفه على بكرة بسرعة عالية جداً، ويكون الخيط في الغزل الفردي رقيقا جداً، والجدير بالذكر أن الخيط المُستخدم في عملية الغزل كمادة خام هو خيط ناتج عن عملية تُسمى السحب (بالإنجليزية: Drafting)، حيث تُسحب الألياف لِتصبح رفيعة جداً جاهزة للغزل.[5]

صناعة النسيج

في عملية النسيج تُستخدم طريقتان أساسيتان، وهما النسيج العادي أو البسيط (بالإنجليزية: Plain Weave)، والنسيج القطني الطويل (بالإنجليزية: Twill)، أما الغزل الصوفي فيتم إنتاجه باستخدام النسيج العادي، ونادراً ما يُستخدم في الغزل الصوفي الطريقة الأخرى، ويكون النسيج الناتج ناعماً وليناً وعديم اللمعان أو بلمعان خفيف جداً، أما الغزل الجوخي فهو أكثر نعومةً وإحكاماً وترتيباً ويُنسَج باستخدام طريقة النسيج القطني، وهو مُكلف أكثر من النسيج الصوفي العادي.[4]

ويُستخدم الغزل الصوفي في صناعة الأقمشة التي تُصنع منها القمصان، وفي الغزل اليدوي، ومنسوجات الملتون، والسكسوني وغيرها، أما غزل الجوخ فيستخدم في الأقمشة العريضة وصناعة الكريب، وفي الشال، والشاركتسين المخططة والعريضة،[2] ويمكن استخدام الغزل الناتج أيضاً في صناعة السجاد إذا كان خشناً، أو في صناعة الملابس إذا كان ناعماً، ويكون استعماله في التصنيع تبعاً لنوع الخيوط الخام،[5] أما صباغة النسيج فهي إما أن تكون قبل الغزل وتُسمى صباغة القمة أو صباغة التجهيز، وإما أن تكون بعد الغزل وتُسمى صباغة الخيوط، أو صباغة الخصلة، أو صباغة الحزمة، وإما أن تكون بعد صناعة النسيج المطلوب وتكون عندئذٍ صباغة الجزء، وتُستخدم هذه الصباغة للمنسوجات ذات الألوان الثابتة، أما صباغة التجهيز وصباغة الخيوط فعادة ما تكون للأنسجة المزخرفة.[2]

تمر المنسوجات الصوفية بلمسات أخيرة لإكسابها الملمس والشكل المطلوبين، فبعض المنسوجات الصوفية تُنقَع بالماء وتُمرَّر خلال دلافين، وهذه العملية تُكسب القماش قوة إضافية وتساعد على تلبده وتشابكه، أما المنسوجات الجوخية فتتعرض إلى مرحلة التشبُّع، وفيها يوضع النسيج في ماء مغلي ثم في ماء بارد، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة قوته، وبعد اللمسات الأخيرة يُحوَّل النسيج إلى المنتجات والأقمشة المختلفة، وهناك بعض المنسوجات تتقلص عند تنظيفها تنظيفاً جافاً، ولتفادي ذلك يقوم بعض من صناع الصوف بتقليص النسيج بشكل مُسبق بالقيام بعمليات خاصة بالتقليص.[2]

المراجع

  1. ↑ "Wool", www.britannica.com, Retrieved 2018-7-31. Edited.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س هيئة من المؤلفين (1999)، الموسوعة العربية العالمية ، الرياض- المملكة العربية السعودية: مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع، صفحة 203-206، جزء 15 (ص-ض-ط-ظ). بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث "Wool fiber – Basics, Characteristics, & Properties", www.textileschool.com, Retrieved 2018-7-31. Edited.
  4. ^ أ ب ت ث ج ح خ د "Wool", www.madehow.com, Retrieved 2018-7-31. Edited.
  5. ^ أ ب ت "Wool processing: fleece to fabric", www.sciencelearn.org.nz, Retrieved 2018-8-1. Edited.