كيفية أداء صلاة الجمعة طب 21 الشاملة

كيفية أداء صلاة الجمعة طب 21 الشاملة

الصّلاة

الصَّلاة عَمودُ الإسلام القويم، ورُكنُهُ المتين، فهي الرُّكن الثّاني من أركان الإسلام بعد الشَّهادتين، وذلك إن دلَّ على شيءٍ فإنّما يدلُّ على مكانتها وأهميّتها في الإسلام، وقد اختار الله عزَّ وجلَّ السّماوات العُلى لتُفرضَ فيها بخلاف بقيمة الفرائض التي نزل الوحي بفرضيّتها إلى المصطفى - عليه الصّلاة والسّلام -، وليس ذلك إلا ليدُلِّل على عُلوِّ شأنها، وكما خَصَّ الله عزَّ وجلَّ الصّلاة من بين الفرائض، فقد خصَّ صلاة الجُمُعة من بين الصّلوات بأحكامٍ وقيمٍ وأهميّةٍ أكبر من غيرها من الصّلوات، وقد جاءت أهميّتها تلك من أهميّة وأفضليّة يوم الجُمعة عند الله عزَّ وجلّ.

معنى صلاة الجمعة

الجُمعة في اللغة جَمعُها جُمُعات، وجُمَعْ، سُمِّيَت بذلك لاجتماع النّاس فيها، والجُمْعة على تَخْفيف الجُمُعة، والجُمَعة: الَّتِي تجمع النَّاس كثيراً، كَمَا قَالُوا: رجل لعُنَةَ، يُكثر لعن النَّاس، وَرجل ضُحكَة: يُكثر الضّحك، وقيل: إنَّ أول من سَمَّاهُ كَعْب بن لؤَي، وَكَانَ يُقَال لَهَا الْعرُوبَة. وقيل: إِنَّمَا سُمِّيَ يَوْم الجُمُعة لِأَنّ الله جمع فِيهِ خلق آدم، وَقَيل: إِنَّمَا جاءت تسمية الجُمُعة فِي الْإِسْلَام وَذَلِكَ لِاجتِمَاعِهِم فِي المَسجِد. وَقيل: إِنَّمَا سُمِّيَ يَوم الجُمُعَة لاجتماع قُريش إِلى قُصيّ فِي دَار النّدوة،[1] وقيل: لكثرة ما جَمَع الله فيها من خصائلَ الخيرِ، وهي اسمٌ شرعيّ، وقيل: لأنّ المخلوقات تمّت فيها واجتمعت، وعن ابن سيرين أنّ أهل المدينة سمّوها الجمعة.[2]

حُكم صلاة الجمعة

ثبتت فرضيّة صلاة الجمعة بالكتاب والسُّنة والإجماع، وبيان ذلك فيما يأتي:

كيفيّة أداء صلاة الجُمُعة

صلاةُ الجُمُعة كسائر الصّلوات تُصلّى بتكبيرة إحرامٍ وقراءة قرآن وركوعٍ وسجود وقيام، وإنَّما تميّزت عن باقي الصّلوات ببعض الأمور منها ما يُشرع قبل البدء بالصّلاة ومنها ما هو داخلٌ في الصّلاة وبيانها على النّحو الآتي:

أفعال ما قبل الخُطبة والصَّلاة

تمتازُ صلاةُ الجُمُعة ببعض الأعمال والتَصرُّفات قبل الصَّلاة منها:[8]

كيفيّة الصَّلاة والخُطبة

تنقسم صلاة الجُمعة إلى ركعتين وخُطبتين قبلها، وهي في أصلها أربع ركعاتٍ كالظّهر؛ إلا أن الفُقهاء قالوا إنّ خُطبتَي الجمعة تُحسبان بركعتين ثم تُصلّى تتمّة الأربعة ركعتين وهي صلاة الجُمعة، قال عمر: (صلاةُ الأضحى ركعتانِ، وصلاةُ الفطرِ ركعتانِ، وصلاةُ الجمعةِ ركعتانِ، وصلاةُ المسافرِ ركعتانِ، تمامٌ غيرُ قصرٍ، على لسانِ نبيِّكُم صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ، وقد خاب من افترى)،[11] فلها رُكنان أساسيّان هما: الصَّلاة والخُطبَة، والصّلاة ركعتان بقراءةٍ جهرية إجماعاً:

حكم تارك صلاة الجُمعة

إنّ تَعَمُّد تَرك صلاة الجُمعة ذَنبٌ عظيم، فقد ورد عن النبيّ عليه الصّلاة والسّلام قوله: (من ترك ثلاث جمعات من غير عذرٍ كُتِب من المنافقين).[13] وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: (من ترك الجمعة ثلاث جمع مُتواليات فقد نَبَذ الإسلام وراء ظهره)،[14] والأحاديث في هذا كثيرة، وفيها دلالةٌ واضحةٌ على عظيم شأن صلاة الجمعة، وأنّ من تركها أو تساهل بها فهو على خطرٍ عظيمٍ؛ إنّه مُتوعّد بالختم على قلبه، فلا تغشاه رحمة الله تعالى، ولا ألطافه، فلا يُزكّيه ولا يُطهّره، بل يبقى دَنَساً تغشاه ظلمات الذّنوب والمعاصي.[15]

وقد اختلف الفُقهاء في حكم تارك صلاة الجُمعة؛ فذهب ابن وهب من المالكيّة إلى أنّ تارك الجُمعة بِقرية تُقام فيها الجمعة دون سببٍ شرعيّ كمَرَضٍ أو عِلّة لا تُقبل شهادته، وقال سحنون: إنّ تركها ثلاثاً مُتوالياً تسقط شهادته، وقال ابن القاسم: تُردّ شهادته إلّا أن يكون ممّن لا يُتَّهَمُ على الدّين؛ لبروزه في الصّلاح وعلمه، وقيل: تُردّ شهادته بتركه إيّاها مرّة واحدة دون عذر؛ لأنّها فريضة كفريضة الصّلاة لوقتها يتركها مرّة واحدة لوقتها عمداً، روي عن عمر بن عبد العزيز أنّه كان يأمر إذا فَرَغَ من الجمعة أنّ من وُجِدَ لم يشهدها؛ رُبِطَ في عمود وعوقب.[16]

وشدّد الشافعيّة فقالوا: يُقتَل تارك الجُمعة إن تركها في مَحَلٍّ مُجمَعٍ على وجوبها فيه، كالأمصار لا القرى لعدم وجوبها فيها عند أبي حنيفة، وذلك ما لم يَتُب بأنّ يُصلّي بالفعل، ولا يكفي قوله أُصلّي، فإن قال: صلّيت أو تركتها لعذر، كعدم وجود الماء، صُدِّقَ فلا يُقتَل، حتّى لو ظُنَّ كَذِبُه لكن يُؤمَر بأن يُصلّي،[17] ويُحمَل سبب تشديد الشافعيّ على من ترك صلاة الجمعة جحوداً لها وإنكاراً لفرضيتها على حُكم تارك الصّلاة جحوداً.

كفّارة من ترك صلاة الجُمعة

ثبت أنَّ من ترك الجُمعة بغير عذرٍ فقد أُثِم، فإن أراد أن يُكَفِّر عن ذنبه بتركها فيجب عليه أن يتوب عن ذلك ويَعزم ألا يعود إلى ذلك الفعل وعليه التَصدُّق، فقد أخرج أحمد وأبو داود والنسائيّ والحاكم وابن ماجه عن عنترة بن جندب، عن النّبي -عليه الصّلاة والسّلام- قال: (من ترك الجمعة من غير عذر فليتصدّق بدينار، فإن لم يجد فبنصف دينار)،[18] وأخرج أبو داود عن قُدامة بن وبرة قال: قال رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- قال: (من فاتته الجمعة من غير عذر فليتصدّق بدرهم أو نصف درهم، أو صاع حِنطةٍ أو نصف صاع).[19]

فضل يوم وصلاة الجمعة

ليوم الجمعة وصلاته فضلٌ عظيم، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - عليه الصّلاة والسلّام -: (خير يوم طلعت عليه الشّمس يوم الجمعة، فيه خُلِق آدم، وفيه أُدْخِلَ الجنّة وفيه أهبط منها، ولا تقوم السّاعة إلا في يوم الجمعة)،[20] وزاد مالك، وأبو داود: (وفيه تَيُب عليه، وفيه مات، وما من دابّة إلا وهي مُصيّخة يوم الجمعة من حين تُصبح حين تطلع الشّمس شفقاً من السّاعة إلا الجنّ والإنس)، وزاد الترمذيّ: (وفيه ساعة لا يوافقها عبد مُسلم يُصلّي يسأل الله فيها شيئاً إلا أعطاه إيّاه).[21]

وصَحَّ من حديث سلمان رضي الله عنه قوله - عليه الصّلاة والسّلام- (أتَدرونَ ما الجمُعة؟ قلتُ: اللَّهُ ورسولُهُ أعلمُ، ثمَّ قالَ: أتَدرونَ ما الجمعة؟ قلتُ: اللَّه ورسولُهُ أعلَمُ. ثم قال أتَدرونَ ما الجمُعة؟ قلت: اللَّه ورسوله أعلم. ثم قالَ: أتَدرونَ ما الجمُعة؟ قلت: في الثَّالثةِ أوِ الرَّابعةِ هوَ اليومُ الذي جَمعَ فيهِ أبوكَ، قالَ: لا، ولَكِن أخبِرُكَ عنِ الجمعةِ، ما من أحدٍ يتطَهَّرُ، ثمَّ يمشي إلى الجمُعةِ، ثمَّ يُنصِتُ حتَّى يَقضيَ الإمامُ صلاتَهُ، إلَّا كانَ كفَّارةُ ما بينَهُ وبينَ الجمعةِ الَّتي قبلَها ما اجتَنبْتَ المَقتلةَ).[22]

مقدار الجماعة في الجُمعة

اختلف الفُقهاء في مقدار الجماعة المَشروط لصحّة صلاة الجُمعة؛ وبيان ذلك على النّحو الآتي:

على من تجب صلاة الجمعة

تَجِب صلاة الجُمعة على من اجتمعت فيه شروطٌ ثمانية وهي:[25]

متى تسقط صلاة الجمعة

صلاةُ الجُمعة واجبةٌ في الكتاب والسُنّة وإجماع الفقهاء، إلا أنّ هنالك بعض الحالات التي تسقط فيها صلاة الجمعة مُجملها فيما يأتي:[27]

المراجع

  1. ↑ أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيده (2000)، المحكم والمحيط الأعظم (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 350، جزء 1. بتصرّف.
  2. ↑ أبو محمد محمود بن أحمد العينى (2000)، البناية شرح الهداية (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 39، جزء 3.
  3. ↑ سورة الجمعة، آية: 9.
  4. ↑ محمد بن أحمد بن أبي سهل شمس الأئمة السرخسي (1993)، المبسوط، بيروت: دار المعرفة، صفحة 21، جزء 2.
  5. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 652.
  6. ↑ رواه الطبراني، في المعجم الأوسط، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 7/192.
  7. ↑ أبو الطاهر إبراهيم بن عبد الصمد بن بشير التنوخي المهدوي (2007)، التنبيه على مبادئ التوجيه، بيروت: دار ابن حزم، صفحة 611-614، جزء 2. بتصرّف.
  8. ^ أ ب عبد الكريم بن محمد الرافعي القزويني، فتح العزيز بشرح الوجيز (الشرح الكبير)، بيروت: دار الفكر، صفحة 614-622، جزء 4. بتصرّف.
  9. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 850.
  10. ↑ رواه الألباني، في صحيح ابن ماجة، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم: 907، حسنٌ صحيح.
  11. ↑ رواه ابن حزم، في المحلى، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 4/365، يُحتج به.
  12. ↑ وهبة مصطفى الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، دمشق: دار الفكر، صفحة 1291، جزء 2.
  13. ↑ رواه الكمال بن الهمام، في شرح فتح القدير، عن أسامة بن زيد بن حارثة، الصفحة أو الرقم: 2/48.
  14. ↑ رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 1/352، إسناده صحيح.
  15. ↑ ابن قيم الجوزية (2006)، الجَامعُ لأحكامِ الصَّلاة وصِفة صَلاة النَّبيِّ (الطبعة الأولى)، بيروت: الكتاب العالمي للنشر، صفحة 132.
  16. ↑ محمد بن محمد ابن عرفة (2014)، المختصر الفقهي (الطبعة الأولى)، الإمارات العربية المتحدة: مؤسسة خلف أحمد الخبتور للأعمال الخيرية، صفحة 243، جزء 9.
  17. ↑ أحمد سلامة القليوبي، أحمد البرلسي عميرة (1995)، حاشيتا قليوبي وعميره، بيروت: دار الفكر، صفحة 372، جزء 1.
  18. ↑ رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن عنترة بن جندب، الصفحة أو الرقم: 1053.
  19. ↑ رواه الألباني، في ضعيف الجامع، عن قدامة بن وبرة، الصفحة أو الرقم: 5717، ضعيف.
  20. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 854.
  21. ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 491.
  22. ↑ رواه العيني، في نخب الافكار، عن سلمان الفارسي، الصفحة أو الرقم: 6/39 .
  23. ↑ علاء الدين، أبو بكر بن مسعود بن أحمد الكاساني (1986)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 268، جزء 1.
  24. ↑ رواه الألباني، في صحيح ابن ماجة، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، الصفحة أو الرقم: 893، حسن.
  25. ↑ عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار (1425)، الصلاة وصف مفصل للصلاة بمقدماتها مقرونة بالدليل من الكتاب والسنة (الطبعة العاشرة)، الرياض: مدار الوطن للنشر، صفحة 231.
  26. ↑ رواه النووي، في المجموع، عن طارق بن شهاب، الصفحة أو الرقم: 4/483، إسناده صحيح على شرط الشيخبين.
  27. ↑ محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، بيروت: بيت الأفكار الدولية، صفحة 561، جزء 2.