-

كيفية أداء العمرة الصحيحة

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

العمرة

تُعرّف العمرة لغةً بإنّها الزيارة، وأمّا اصطلاحاً فتعرّف العمرة بأنّها زيارة بيت الله الحرام، للقيام بأعمالٍ مخصوصةٍ، ومن الجدير بالذكر أنّ العمرة واجبةٌ على المسلم مرةً واحدةً في العمر، في حال القدرة عليها، على الراجح من أقوال العلماء، وذلك ما ذهب إليه الشافعية والحنابلة، وقال الإمام النووي في كتابه منهاج الطالبين: (الحجّ هو فرضٌ، وكذا العمرة في الأظهر)، وقال المرداوي في كتابه الإنصاف: (والعمرة إذا قلنا تجب فمرةً واحدةً بلا خلافٍ، والصحيح من المذهب أنّها تجب مطلقاً ؛أيّ علي المكي وغيره، وعليه جماهير الأصحاب منهم المصنف).[1]

أداء العمرة الصحيحة

يُشترط لصحّة العبادة شرطان، وهما: أن تكون العبادة خالصةً لله -تعالى- خاليةً من الرياء، وأن تكون موافقةً لهدي النبوة، وما أمر به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولذلك فإنّ العمرة الصحيحة يجب أن تؤدّى كما أدّاها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ويُمكن القول بأنّ العمرة مكونةٌ من أربعة أمورٍ، وهي: الإحرام، والطواف، والسعي بين الصفا والمروة، والحلق أو التقصير، وفيما يأتي بيان كيفية العمرة الصحيحة:[2]

  • الإحرام: يعرّف الإحرام بأنّه نيّة الدخول في العبادة، ويُستحبّ قبل الإحرام الاغتسال للرجال والنساء؛ كغسل الجنابة، حتى وإن كانت المرأة حائضاً او نفساء؛ لأنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أمر أسماء بنت عميس أن تغتسل، عندما أحرمت وهي نفساء، ومن السنّة التطيّب بأفضل ما يجد المرء من المسك، أو غيره من العطور، فيوضع على الرأس واللحية، ولا بأس إن بقي أثره بعد الإحرام، ودليل ذلك حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أنّها قالت: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إذا أراد أن يُحرِمَ، يتطيَّبُ بأطيبِ ما يَجِدُ، ثم أرى وبيصَ الدُّهنِ في رأسِه ولِحيتِه، بعد ذلك)؛[3] والوبيص هو اللمعان أو البريق، وبعد الاغتسال والتطيّب، يتم ارتداء ملابس الإحرام، ومن ثمّ أداء صلاة الفريضة، في حال كان الإحرام في وقت صلاة فريضةً، أو صلاة ركعتين سنة الوضوء، ثمّ الإحرام من الميقات، وقول: (لبيك اللهم عمرة)، ويجوز الاشتراط في حال الخوف من عدم إكمال المناسك؛ بسبب مرضٍ، أو خوفٍ من العدو، أو حبسٍ، أو غير ذلك، حيث يُقال: (إن حبسني حابسٌ فمحلّي حيث حبستني)، ثمّ الانطلاق نحو مكة، والبدء بالتلبية؛ وهي قول: (لبَّيْكَ اللَّهمَّ لبَّيْكَ، لبَّيْكَ لا شريكَ لَكَ لبَّيْكَ، إنَّ الحمدَ والنِّعمةَ لَك والمُلكَ، لا شريكَ لَك)، ويستحبّ للرجال رفع أصواتهم بالتلبية، وذلك لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (أتاني جبريلُ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ، فأمرني أن آمرَ أصحابي ومن معي أن يرفعوا أصواتَهم بالإِهلالِ أو قالَ بالتَّلبيةِ)،[4] وأمّا النساء فتُلبين بصوتٍ لا يسمعه إلّا من بجوارهن، وإن كان من بجوارهن ليس من محارمهن؛ فيُلبين سرّاً، وتستمر التلبية إلى حين الشروع بالطواف، ومن السنن أيضاً الاغتسال قبل دخول مكة إذا تيسّر ذلك.
  • الطواف: عند الوصول إلى المسجد الحرام يُستحبّ الدخول بالقدم اليمنى، وقول دعاء دخول المسجد؛ وهو: (بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك، أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وبسلطانه القديم من الشيطان الرجيم)، ثمّ التوجّه إلى الكعبة المشرفة، واستلام الحجر الأسود باليد اليمنى، وتقبيله إن أمكن، فإن كان في تقبيله صعوبةٌ ومشقةٌ، فيُلمس باليد اليمنى وتُقبل اليد، وإن لم يتسنّى استلامه وتقبيله، فيُستقبل، ثمّ يُشار إليه مع التكبير، فعلى الرغم من الفضل العظيم لاستلام الحجر الأسود، حيث قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن الحجر الأسود: (واللهِ ليبعثنَّه اللهُ يومَ القيامةِ، له عينانِ يبصرُ بهما، ولسانٌ ينطقُ به، يشهدُ علَى مَنْ استلمَه بحقٍّ)،[5] إلّا أنّ الترك أفضل في حال التسبّب في ضرر المسلمين، مصداقاً لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لعمر بن الخطاب: (يا عمرُ، إنَّكَ رجلٌ قويٌّ، فلا تؤذِ الضَّعيفَ، وإذا أردتَ استلامَ الحجرَ، فإنْ خَلا لك فاستلِمْهُ، وإلَّا فاستقبِلْهُ وكبِّرْ)،[6] ثمّ يُشرع بالطواف، ويُستحبّ قراءة قول الله تعالى: (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)،[7] بين الحجر الأسود والركن اليماني، وعند الوصول إلى الركن اليماني، يُستحبّ استلامه، فإن تعذّر ذلك فلا بأس بتركه، ومن السنة الاضطباع في أشواط الطواف السبعة؛ وهو وضع وسط الرداء تحت الأبط الأيمن، ووضع طرفيه فوق العاتق الأيسر، والرمل في أول ثلاثة اشواطٍ، والرمل هو المشي السريع مع مقاربة الخطوات، وذلك للرجال دون النساء، وبعد الانتهاء من أشواط الطواف السبعة، يستحبّ صلاة ركعتين خلف مقام إبراهيم، ثمّ استلام الحجر الأسود إن أمكن، فإن تعذّر ذلك يجب الانصراف إلى السعي.
  • السعي بين الصفا والمروة: بعد الانتهاء من الطواف يجب التوجّه إلى جبل الصفا في بداية السعي، ويُستحبّ قراءة قول الله تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا)،[8] ثمّ يصعد على الصفا حتى يرى الكعبة، فيذكر الله تعالى، ويدعو بما تيسّر من الدعاء، ويُستحبّ قول دعاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له، له الملكُ وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قديرٌ، لا إله إلّا اللهُ وحده، أنجز وعدَه، ونصر عبدَه، وهزم الأحزابَ وحدَه)،[9] ويُكرّر الذكر ثلاث مراتٍ، ثمّ يكون المشي باتجاه المروة، ويستحبّ الركض عند الوصول إلى الأبطح؛ وهو الموضع الذي عنده علمٌ أخضرٌ، وعند الوصول إلى المروة يتم تكرار الأذكار والأدعية التي سبق ذكرها على الصفا، ومن الجدير بالذّكر أنّ السعي سبعة أشواطٍ، والذهاب من الصفا إلى المروة شوطٌ، والإياب شوطٌ.
  • الحلق أو التقصير: يُفضّل حلق الرأس كاملاً؛ لأنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- دعا للمحلّقين ثلاث مراتٍ، بينما دعا مرةً واحدةً للمقصّرين، وأمّا المرأة فإنّها تقصّر من شعرها مقدار أنملةٍ، وبعد الحلق أو التقصير تكون العمرة قد تمّت، وحلّ الإحرام.

محظورات الإحرام

ثمة أمورٌ يجب على المحرم اجتنابها؛ لأنّها محظورةٌ عليه، ومنها ما هو خاصٌ بالرجال؛ وهو لبس ما فصّل على قدر العضو، ومنها ما هو خاصٌ بالنساء؛ وهو ارتداء ما يغطي الوجه، في حال عدم وجود الأجانب من الرجال، ولبس القفّازين، ومن المحظورات ما هو خاصٌ بالرجال والنساء، وهي: قتل الصيد، واستعمال الطيب، وحلق الشعر، وقص الأظافر، والجِماع ومقدماته، وعقد النكاح.[10]

المراجع

  1. ↑ "العمرة، معناها، حكمها وأحوالها"، fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-9-2018. بتصرّف.
  2. ↑ "صفة العمرة"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 29-9-2018. بتصرّف.
  3. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1190، صحيح.
  4. ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داوود، عن السائب بن خلاد، الصفحة أو الرقم: 1814، صحيح.
  5. ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 961، صحيح.
  6. ↑ رواه الألباني، في مناسك الحج والعمرة، الصفحة أو الرقم: 21، قوي.
  7. ↑ سورة البقرة، آية: 201.
  8. ↑ سورة البقرة، آية: 158.
  9. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 1218، صحيح.
  10. ↑ "ما يحظر على المحرم -رجل وامرأة-"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-9-2018. بتصرّف.