جعل الله سبحانه وتعالى صلاة قيام الليل رحمة لعباده، فيستطيع العبد من خلالها تعويض ما فاته، وأن يستكمل النقص في دينه، عندما يُدرك أنّه مقصراً تجاه خالقه عز وجل، وأوضح نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم، أنّ ما شُرع في صلاة قيام الليل، أن تكون ركعتين ركعتين، وتنتهي بركعة الوتر، وكان الرسول صلوات الله عليه وسلامه يُصلّي إحدى عشرة ركعة، لا يزيد عليها سواء في رمضان أو في غيره، لحديث عائشة رضي الله عنها وأرضاها: (ما كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يَزيدُ في رمضانَ ولا في غيرِهِ على إحدى عشرةَ ركعةً، يُصلِّي أربعًا، فلا تَسَلْ عن حُسنهِنَّ وطُولهِنَّ، ثمّ يُصلِّي أربعًا، فلا تَسَلْ عن حُسنهِنَّ وطُولهِنَّ، ثمّ يُصلِّي ثلاثًا. قالت عائشةُ: فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، أتنامُ قبلَ أن تُوتِرَ؟ فقال: يا عائشةُ، إنَّ عيني تنامانِ ولا ينامُ قلبي).[1] ولكن ليس من الضروري أن يُصلّي العبد إحدى عشرة ركعة، بل يُمكن أن يزيد عليها وإن شاء أنقص وفقاً لقدرته وما تيسر له، فإن وجد نفسه ذا همة عالية ونشاط، صلّى ما شاء الله له أن يُصلّي، وذلك في الفترة ما بين صلاة العشاء إلى صلاة الفجر، وأفضل وقت لهذه الصلاة في آخر الليل، ففي هذا الوقت ينزل الله سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا، وتُفتح أبواب السماء، والمشروع للعبد أن يلزم هذه العبادة ولا يقطعها ما دام قد شرع فيها، شريطة ألّا يُرهق نفسه، بل يُؤدي ويلتزم ما بإمكانه تأديته، وله أن يُقسّم ليله بين راحة وعبادة، فالعبادة التي يستمر عليها العبد مع ربه عبادة فاضلة.[2]
عدد ركعات صلاة الشفع والوتر ثلاث ركعات فقط، للشفع ركعتين وللوتر ركعة واحدة، فبالنسبة للشفع تتم قراءة الفاتحة وسورة الأعلى في الركعة الأولى، والفاتحة وسورة الكافرون في الركعة الثانية ثمّ التسليم، أما ركعة الوتر فتتم قراءة الفاتحة فيها وسورة الإخلاص، كما جاء في الحديث: (أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ كانَ يوتِرُ بسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وقُلْ يَا أيُّهَا الْكَافِرُونَ، وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ).[3] ويمكن وصل هذه الركعات الثلاث مع بعضها، شريطة ألّا يكون هناك تشهدٌ أوسط، فتشبه بذلك صلاة المغرب، وليس فيها إلّا تشهداً واحداً وهو التشهد الأخير، ويمكن أيضاً أن يكون الوتر بخمس ركعات أو سبع أو تسع أو إحدى عشرة ركعة،[4] لقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: (الوِترُ حقٌّ على كلِّ مسلمٍ، فمن أحبَّ أن يوترَ بخمسٍ فليفعل، ومن أحبَّ أن يوترَ بثلاثٍ، فليفعل ومن أحبَّ أن يوترَ بواحدةٍ فليفعَلْ).[5]
لقيام الليل أسباب مُيسّرة ظاهرة وأخرى باطنة يجب على العبد الأخذ بها، وهي كما يأتي وفق ما ذكرها أبو حامد الغزالي:[6]
الأسباب الباطنة:
الأسباب الظاهرة: