أفتى جمهور علماء الأمة بتحريم مسِّ المصحف، وقراءته للحائض، وقد استدلوا على هذا التحريم بقوله تعالى عن القرآن الكريم: (لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ)،[1] وقد بين الحافظ ابن كثير في تفسير معنى المطهرون، فذكر أنّها تحتمل قولين: فقد تشير إلى الملائكة الذين طهرهم الله، وقد تشير إلى معنى المتطهرين من الجنابة والحدث، وفي حال كان معنى المتطهرين أنّهم الملائكة فهي تدلّ من باب أولى على وجوب الطهارة في حقّ غيرهم، كما استُدِلّ على تحريم مسّ المصحف للحائض، والجنب بحديث النبي عليه الصلاة والسلام حينما قال: (ألَّا يمسَّ القرآنَ إلا طاهرٌ)،[2] وكذلك ما نُقل عن الصحابة رضوان الله عليهم من أقوال تُبيّن حرمة مسّ الحائض، والجنب للمصحف.[3]
أفتى جماعة من أهل العلم منهم المالكية بجواز قراءة الحائض للقرآن الكريم دون مسّه، واستدلوا على ذلك بأنّ النبي عليه الصلاة والسلام لم ينه النساء في عهده أن تقرأَ القرآن، ولم يرد دليل صحيح في ذلك، كما أنّ قياسَ الحائض على الجنب قياس خاطئ؛ لأنّ الجنب يكون باختياره إزالة الجنابة عن نفسه، وهو مأمور بإزالتها عند حضور وقت الصلاة، بينما نجد الحائض لا إرادةَ لها في إزالة الحيض، كما قد تطول مدة الحيض، فيضيع عليها ثواب قراءة القرآن.[4]
تستطيع الحائض قراءة القرآن الكريم من غير أن تمسَّه عن طريق حائلٍ يحول بينهما وبينه، مثل القفازين، أو الخرقة الطاهرة، كما تستطيع الحائض تقليب صفحات القرآن الكريم عن طريق أداة معينة مثل القلم، أو العود، أو أن تقرأَه عن ظهر قلب، بما تحفظه في صدرها من آياته وسوره.[4]
أجاز العلماء للحائض أن تقرأَ القرآن الكريم عن طريق الهاتف المحمول، لأنّه يختلف عن المصحف، فلا توجد فيه سورُ القرآن الكريم بصورة مكتوبة مقروءة كما هو حال المصحف، وإنّما تتكون حروفه وكلماته من خلال تجمع ذبذبات معينة تطبع صورة لصفحات القرآن، تظهر، ثمّ تختفي بالانتقال من صفحة إلى أخرى، فلا حرجَ في قراءة الحائض للقرآن من الهاتف المحمول، ولا حرجَ لها في مسّه.[5]