كيف اتوب توبة نصوحة

التوبةما يزال الإنسان يتقلّب في حياته بين الصواب والخطأ، بين الحلال والحرام، حتى وإن كان مؤمناً يحبّ الله تعالى ورسوله، ولقد أوضح النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-

التوبة

ما يزال الإنسان يتقلّب في حياته بين الصواب والخطأ، بين الحلال والحرام، حتى وإن كان مؤمناً يحبّ الله تعالى ورسوله، ولقد أوضح النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- للمؤمنين أنّه ما من بأسٍ في أن يذنب المرء ذنباً، لكنّ علامة المؤمن العودة والإنابة والندم على الخطأ سريعاً، قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (كلُّ بني آدمَ خطَّاءٌ، وخيرُ الخطائين التوابونَ)،[1] ولقد ذكر الله تعالى غير مرّةٍ في كتابه الكريم أنّه يحبّ التوابين، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)،[2] ولقد ذكر العلماء معانٍ متقاربةً في تعريف التوبة لغةً واصطلاحاً، منها ما يأتي:

  • التوبة لغةً: هي مصدر الفعل تاب، وتحتمل معاني الرجوع والعودة والإنابة إلى الصواب، فإن قيل إنّ فلاناً تائبٌ؛ فإنّه قد عاد إلى الصواب بعد الخطأ، وإن قيل تاب الله على إنسان؛ فإنّه وفّقه للتوبة والرجوع بعد الذنب.[3]
  • التوبة اصطلاحاً: هي عودة الإنسان عن معصية الله واقتراف الذنوب، إلى طاعته ورضوانه.[4]
  • تعريف التوّاب: وتأتي من الفعل تاب، وهي صيغة مبالغةٍ من اسم الفاعل تائب، وهو كثير التوبة، والرجوع من الخطأ إلى الصواب، والتوّاب كذلك اسمٌ من أسماء الله الحسنى، ويأتي بمعنى دائم قبول التوبة عن عباده سبحانه.[5]
  • تعريف التوبة النصوح: هي التوبة الخالصة الصادقة المقبولة عند الله تعالى، وهي التي لتمامها وفضلها يغفر الله تعالى بها جميع الذنوب مهما عظمت وكثرت، وذلك مصداق قول الله تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).[6][3][4]

ولقد أوجب الله تعالى التوبة على عباده، وأمرهم بتجديدها دائماً، وذكر ذلك في القرآن الكريم مراراً ومثال ذلك في قوله تعالى: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)،[7] فالأمر هنا كنايةٌ عن الواجب، ولقد قرن الله تعالى بين فلاح الإنسان في الدنيا والآخرة، وبين توبته لله وعدله عن الذنب إلى رضاه سبحانه، ولقد رغّب الله تعالى عباده بالتوبة بتكرار ذكرها في القرآن الكريم، وفي حديث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، إذ قال عليه السّلام: (إنّ اللهَ عزّ وجلّ يبسطُ يدَه بالليلِ؛ ليتوبَ مسيءُ النهارِ؛ ويبسطُ يدَه بالنهارِ؛ ليتوبَ مسيءُ الليل، حتى تطلعَ الشمسُ من مغربِها)،[8][9] وكذلك فإنّ الله تعالى قرن بين التوبة والخشوع له سبحانه؛ ممّا يلوّح بضرورة تجديد التوبة كلّ حينٍ، قال تعالى: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ)،[10] وللمؤمنين في نبيهم -صلّى الله عليه وسلّم- قدوةٌ حسنةٌ في التوبة والاستغفار إذْ قال عليه السّلام: (إنه لَيُغانُ على قلبي، وإنّي لأستغفرُ اللهَ في اليومِ، مائةَ مرةٍ).[11][12]

كيفيّة تحقيق التوبة النصوح

ذُكرت التوبة النصوح في القرآن الكريم، وحثّ الله تعالى عباده أن تكون توبتهم عن الذنوب توبةً نصوحاً؛ أي توبةً عامّةً وشاملةً عن جميع الذنوب والخطايا، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ۖ )،[13] وللتوبة النصوح شروطٌ ودلائل تدلّل أنّ صاحبها حقّقها فعلاً، فنال أجرها وفضلها وبركتها، فيما يأتي ذكرٌ لصفات التوبة النصوح:[14]

  • التوبة النصوح توبةٌ خالصةٌ لله تعالى لا شريك له فيها، ولا مصلحة ولا غاية للإنسان يدركها إلا رضا الله تعالى عنه بها.
  • التوبة النصوح يُصاحبها الندم والاستغفار والتوبة، والاطمئنان لعدم العودة للذنب بعد ذلك.
  • التوبة النصوح يصاحبها بغض الذنب وكراهية تذكره ذكر إتيانه فيما سبق.
  • التوبة النصوح تشمل ردّ المظالم والحقوق إلى أصحابها إن لحق ذلك بالعبد.
  • التوبة النصوح يلازمها بكاءٌ على الظلم الذي ألحقه الإنسان بنفسه بسبب أخطائه.
  • التوبة النصوح لها ثلاث علاماتٍ، هنّ: البكاء، ومخالفة الهوى، ومكابدة الجوع والظمأ؛ زهداً في الدنيا، ورغبةً فيما عند الله تعالى ورضاه.
  • التوبة النصوح تذهب بالذنب كلّه من فكر الإنسان وهواه، فينساه الإنسان؛ لشدّة بغضه له وعدم التفكير فيه.
  • التوبة النصوح تشجّع صاحبها على دوام نصح إخوانه المؤمنين من حوله؛ ليكونوا توّابين هم كذلك، فيفرحون ويفوزون بفضلها بإذن الله.

أمورٌ معينةٌ على التوبة

هناك أمورٌ يأتيها العبد تعينه على تحقيق التوبة النصوح التي ترضي الله تعالى، من هذه الأمور ما يأتي:[9]

  • استحضار عظمة الله تعالى وفضله العظيم على الإنسان، وتذكر أنّ الإنسان المؤمن عليه أن يقابل هذا الإحسان وهذه العظمة بالطاعات والأعمال الصالحة لا المعاصي والذنوب.
  • استحضار المنقلب السيّء للذنوب والمعاصي، وأنّها تجلب سخط الله تعالى وعقوبته للعبد؛ فهي سببٌ للكثير من المصائب التي قد تحلّ بالإنسان في حياته، قال تعالى: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ).[15]
  • استحضار أهميّة التوبة وفضلها العائد على العبد، وأنّها تجلب محبّة الله تعالى ورضوانه، وتذكّر ضرورة المسارعة فيها قبل أن يباغت الإنسان الموت.
  • تذكّر المسلم وقوفه بين يدي الله يوم الحساب، وشدّة وهول ذاك اليوم العظيم، ومحاسبة العبد على صغير الذنوب وكبيرها، فيبادر بالتوبة قبل إتيان هذا اليوم العظيم.
  • حفظ القرآن الكريم وكثرة تلاوته، تعين العبد على استحضار التوبة ومعانيها؛ من استقامةٍ وأعمالٍ صالحةٍ.
  • مجالسة أصدقاءٍ صالحين، يذكّرون العبد بالله تعالى، ويحثّونه على الثبات الدائم.

المراجع

  1. ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 4515 ، حسن.
  2. ↑ سورة البقرة، آية: 222.
  3. ^ أ ب "معنى كلمة التوبة"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-8-31. بتصرّف.
  4. ^ أ ب "ما تعريف التوبة وشروطها"، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-8-31. بتصرّف.
  5. ↑ "معنى كلمة تائب"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-9-2. بتصرّف.
  6. ↑ سورة الزمر، آية: 53.
  7. ↑ سورة النور، آية: 31.
  8. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي موسى الأشعري، الصفحة أو الرقم: 2759 ، صحيح.
  9. ^ أ ب "أمور تعين على التوبة"، www.fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-9-2. بتصرّف.
  10. ↑ سورة الحديد، آية: 16.
  11. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن الأغر المزني أبي مالك، الصفحة أو الرقم: 2702 ، صحيح.
  12. ↑ "التوبة ( حكمها وفضلها وشروطها )"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-9-2. بتصرّف.
  13. ↑ سورة التحريم، آية: 8.
  14. ↑ "الله يحب التوابين"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-9-2. بتصرّف.
  15. ↑ سورة الشورى، آية: 30.

المقال السابق: كيفية القضاء على التلوث
المقال التالي: تعريف حضارة المايا

كيف اتوب توبة نصوحة: رأيكم يهمنا

0.0 / 5

0 تقييم

5
(0)

4
(0)

3
(0)

2
(0)

1
(0)