كيف تكون التوبة الى الله
الخطأ وطبيعة الإنسانخلق الله -تعالى- الإنسان، وجعل من طبيعته السّهو والزّلل والخطأ؛ فهو ليس ملَكاً مطهّراً، ولا نبيّاً معصوماً، والإسلام يعترف بطبيعة الإنسان
جدول المحتويات
الخطأ وطبيعة الإنسان
خلق الله -تعالى- الإنسان، وجعل من طبيعته السّهو والزّلل والخطأ؛ فهو ليس ملَكاً مطهّراً، ولا نبيّاً معصوماً، والإسلام يعترف بطبيعة الإنسان وميله أحياناً إلى الخطأ، لذا فقد شرع المولى -سبحانه- لعباده باب التوبة، والإنابة، وجعل سبيل ذلك مُيسّراً سهلاً لمن أراد، وقد تعهّد الله -عزّ وجلّ- بمغفرة ذنوب عباده التائبين، والعفو عمّا اقترفوا من معاصي وآثامٍ إذا تابوا إلى الله بصدقٍ، وفي هذا يقول المولى جلّ وعلا: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ)،[1] وفي سبيل ترغيب العباد بالتوبة، وقطعاً للطريق على تيئيس الشيطان للعبد من قبولها فقد قال سبحانه: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)،[2] ويتساءل الكثيرون عن طبيعة التوبة إلى الله، وشروط قبولها، ووسائلها؛ فكيف تكون التوبة إلى الله تعالى؟
كيفية توبة العبد
التوبة الصادقة لها سبيلها وطرائقها، وأهمّ ما تنشأ عنه التوبة الشّعور بألم المعصية، وفداحة الفعل المُحرّم، ومن الأمور التي تعين المسلم لمعرفة كيفية التوبة إلى الله -عزّ وجلّ- أنْ:[3]
- يصدق النية مع الله سبحانه؛ فإنّه إنْ مكّن قلبه من هذا العزم أعانه الله تعالى، وأمدّه بالقوّة على نفسه وشيطانه، وصدق الله إذ يقول عن يوسف عليه السّلام: (كَذلِكَ لِنَصرِفَ عَنهُ السّوءَ وَالفَحشاءَ إِنَّهُ مِن عِبادِنَا المُخلَصينَ).
- يحاسب نفسه؛ فإنّ محاسبة النفس تجعل العبد يتفقّد حاله مع الله، فيكون ذلك سبباً في تدارك ما فاته من الأجر والثواب، وعوناً له على المبادرة بالتّوبة من المعاصي والآثام، وأنْ يتدبّر في عقواب الذّنوب، وأنّ من عمل خيراً يره، ومن عمل شرّاً يره، وأنْ ليس للإنسان من جزاء عند لقاء الله -تعالى- إلّا ما سعى به في الحياة الدنيا.
- أنْ يذكّر نفسه بالموت، ويعظها بدنوّ الأجل، ويخوّفها من عاقبة العصاة، ويخوّفها من عقاب الله؛ ففي ذلك عونٌ لنفسه أنْ تبادر بالتوبة والاستغفار، وأن يذكّرها بنعيم الجنة، وما أعدّه الله لمن تاب عليهم، وقَبِلَهم في رحمته، ويذكُر نار جهنّم وحرّها وسمومها.
- يحرص على اعتزال المواطن التي تقود إلى المعصية، والاقتراب من البيئة الصالحة التي تُعينه على الطاعة، وتعوّده على سرعة الامتثال لأوامر الله تعالى، واجتناب نواهيه.
- الابتعاد عن صحبة الأشرار ورفقاء السّوء، حتى لو قاد ذلك إلى تغيير مسار الخروج من المنزل والعودة إليه؛ فإنّ أثر رفيق السّوء لا يخفى؛ فهو لا يرضى إلا بالإغواء، ولا يرتاح إلا بالصدّ عن سبيل الله، وقد حذّر النبي -صلّى الله عليه وسلّم- من الأثر السيء للصديق والخِلّ؛ فقال: (الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل).[4]
- يشغل نفسه بالنّافع؛ فالنّفس إنْ لم يشغلها العبد بالطاعات شغلته بالمعاصي والموبقات، كما يبتعد ما استطاع عن الفراغ والوحدة؛ ففيهما من الشّر ما لا يعلمه إلّا الله، حيث يقودان صاحبهما سريعاً إلى الانحراف عن جادّة الصّواب، والانغماس في الشّذوذ والشهوات، والسّقوط في مراتع الإدمان.
- يعوّد نفسه على مخالفة هواهها؛ فالعبد التّائب يتعالى على كلّ نداءات المعصية بداخله، ويتسامى فوق كلّ لذّةٍ رافقتها معصية، قال الله تعالى: (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ).[5]
- يدعو الله -سبحانه- أنْ يهيء له سُبل التوبة النصوح، وأنْ يثبّته على الطاعة، وأنْ يصرف عنه المعصية وأبوابها، كما يحرص على دوام الذّكر، وخاصّةً الاستغفار، وتلاوة القرآن الكريم مع التدبّر.
- يتدرّب على الصبر عند الشّروع في التّوبة، خاصّةً في بدايتها وأوّل أمرها.
- حذّر أهل العلم من تهاون الإنسان بالصّغائر، واستخفافها، وعدم الالتفات إلى كونها معصية وإنْ لم تصل حدّ الكبائر، ونبّهوا إلى خطورة ما يقع به بعض من يستمرأون على فعل الصّغائر مقارنة أنفسهم بأصحاب الكبائر، وذكروا أنّ صغائر الذّنوب تعظُم بالإصرار على فعلها، وأنّ من صفات المؤمنين أنّهم يستعفرون مباشرةً ممّا قد يعتري حياتهم من أخطاءٍ، والأهم من ذلك أنّهم لا يُصرّون على فعلهم، قال الله سبحانه: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ).[1][6]
شروط التوبة الصادقة
عدّ الفقهاء التوبة واجبةً على العبد من كلّ ذنبٍ اقترفه، صغيراً كان أم كبيراً، وللتوبة الصادقة عند أهل العلم عدّة شروطٍ، إذ ينبغي على العبد التائب إلى ربّه -جلّ وعلا- مراعاتها، أملاً في قبول توبته، وغفران زلّته أو خطيئته، وبيان ذلك فيما يأتي:[7]
- إذا كانت التوبة من معصيةٍ بين العبد وبين الله سبحانه، ولا تتعلّق بحقّ شخصٍ آخر، فشروط رضا الله -تعالى- وقبوله لها ثلاثة شروطٍ:
- إذا فقدت التوبة إحدى هذه الشروط الثلاثة؛ فإنّ توبته لا تصحّ.
- إذا كانت التوبة من معصيةٍ تتعلّق بآدمي؛ فشروطها عند أهل العلم أربعة شروطٍ:
- قرّر أهل الفقه أنّه يجب على العبد أنْ يتوب من كلّ الذنوب والآثام التي فعلها ويفعلها، ولكن إنْ تاب من بعض ذنوبه بالشّروط المقرّرة صحّت توبته من ذلك الذنب، ويلزمه التوبة من باقي الذنوب.
- التوبة التي يريدها الله -عزّ وجلّ- من عباده هي التّوبة النّصوح، وهي التي يكون فيها العبد صادقاً ومخلصاً فيها لله وحده، وهي بهذا المفهوم تقوده لزيادة الإيمان، وتدفعه للعمل الصالح والقُربات، والأصل أنْ يرافقها تغيّراتٍ ملموسةٍ في سلوكه وحياته نحو الأفضل تجاه علاقته بالله تعالى، وعلاقته بمن حوله من الناس.
- الأول: الإقلاع عن فعل المعصية.
- الثاني: أنْ يشعر العبد بالنّدم على فِعْلها.
- الثالث: أن يعزم على ألّا يعود إلى فعلها أبداً.
- الشروط الثلاثة السّابقة.
- أنْ يتبرّأ العبد المذنب من حقّ صاحبها، وأنْ يردّ المظالم إلى أهلها؛ فإن كانت مالاً أو حقّاً مادّياً أعاده إليه، وإن كانت حقّاً معنوياً استحلّه منها واستسمحه، مثل: الغيبة، والهمز، واللمز.
المراجع
- ^ أ ب سورة آل عمران، آية: 135.
- ↑ سورة الزمر، آية: 53.
- ↑ "كيف أتوب ؟"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2-8-2108. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 3545، حسن.
- ↑ سورة الجاثية، آية: 23.
- ↑ رامي حنفي (31-10-2012)، "كيف نتوب كما ينبغي؟"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2-8-2108. بتصرّف.
- ↑ طارق امعيتيق (16-5-2009)، "التوبة النصوح"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2-8-2108. بتصرّف.
المقال السابق: طريقة مشوي دجاج بالفرن
المقال التالي: كيف يتم تشخيص الحمل خارج الرحم
كيف تكون التوبة الى الله: رأيكم يهمنا
0.0 / 5
0 تقييم