كيف أقوي روحانيتي
تقوية الروحانيات
يسعى الإنسان الذي يطمح لأن يرتقي بنفسه والسّمو بها إلى تقوية الجانب الرّوحي عنده، وقد ميّز علماء النّفس والاجتماع بين الجانب المادي الذي يتعلّق بالنّفس من نزواتٍ ورغبات وشهوات نفس يسعى الإنسان لتحقيقها، وبين الجانب الرّوحي للإنسان الذي يتعلّق بالأمور الغيبيّة أو غير المشاهدة التي لا يعاينها النّاس وإنّما يشعرون بها بروحهم ومشاعرهم، فالإنسان على سبيل المثال يحتاج إلى الماء والطّعام كحاجة عضويّة أساسيّة ضروريّة في حياته، وهناك حاجات روحيّة للإنسان مثل حاجته للرّاحة، وصفاء الذّهن، والشّعور بالسّعادة، وكذلك من الأمور الرّوحانيّة الأمور التي تتعلّق بمصير الإنسان بعد الحياة والقضاء والقدر والإيمان بهما، وهناك أيضا الحدس والفراسة كجانب روحي لا يتعلّق بالمادّة وإنّما يتعلّق بروح الإنسان، ولا شكّ بأنّ هناك أمور تقوي من روحانيّات الإنسان نذكر منه:
- الصّلاة والصّوم كعباداتٍ تزيد من روحانيّات الإنسان، فالصّلاة تعمّق الجانب الرّوحي في الإنسان عندما توثّق صلة العبد بربّه فتفيض عليه الفيوضات الرّبانيّة وتتجلّى عليه الرّحمات والسّكينة فيستشعر علوّ روحه وسموّها، بينما ينخفض مستوى الرّوحانيّة لديه كلما ابتعد عن تلك اللّحظات الإيمانيّة إلى المادّيات والتّعلق بالحياة، وفي الحديث لو بقيتم على ما بقيتم عليه لصافحتكم الملائكة في الطّرقات، وهذا يعني أنّ المسلم وفي لحظات إيمانيّة معيّنة يرتقي بروحه ويسمو بها إلى مراتب عليا تصفو فيها النّفس وتتخلّى عن كدر الحياة وآفاتها.
- التّأمل والتّدبر في الكون والآفاق، فالتّأمل والنّظر فيما خلق الله تعالى في السّماء والأرض والآفاق تزيد من روحانيّة الإنسان وتعلّيها عندما يرى الإنسان آيات الله في خلقة ومعجزاته الباهرة الدّالة على عظمته سبحانه وقدرته في الخلق والإبداع، وهناك رياضات معيّنه تقوم على التّأمل والنّظر تقوّي من روحانيّة الإنسان وتعليها مثل رياضة اليوجا حيث يمارس النّاس طقوساً معيّنة تقوّي الجانب الرّوحاني في النّفس.
- الإيمان القلبي بالله تعالى، فالإيمان في القلب يزيد وينقص تبعاً لأعمال الإنسان ومدى قربه من ربّه عزّ وجل والتزامه بأوامره واجتنابه لنواهيه، وفي الحديث الشّريف:" اتقوا فراسة المؤمن فإنّه ينظر ويرى بنور الله"، فالمؤمن له نظرة ثاقبة وحكمة بالغة وحدس لا يخطىء.
- الزّهد في الحياة وملذاتها والإقبال على التّفكر في الحياة الآخرة ونعيمها وما أعدّه الله تعالى لعباده فيها، وإنّ من شأن ذلك أن يقوّي من روحانيّات الإنسان ويعليها بحيث يترك الإنسان التّعلق بشهوات الحياة الدّنيا من مالٍ ومتاعٍ ويقبل على الدّار الآخرة، وقد ضرب السّلف الصّالح خير النّماذج والمثل حيث عمّقوا الجانب الرّوحي لديهم بتقواهم وزهدهم وترفّعهم عن ملذات الحياة الفانية .