-

كيف تستغل أوقات الفراغ

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

أهمية الوقت

قياس تقدّم المجتمعات مرتبط بإدراك وتقدير أفراد المجتمع لأهمية الوقت، وما يعكس الإطار الثقافي لمجتمع ما هو قيام أفراده بالسيطرة على الوقت، فأوقات الفراغ تختلف من مجتمع، لآخر فهناك مجتمعات ترى بأنه وقت للتأمل وأخرى ترى أنه وقت للعب والتسلية، ومن يرى أنّ الوقت من ذهب، وحتى بين أفراد المجتمع نفسه نرى اختلاف في تقدير قيمة الوقت، والوقت من النعم العظيمة التي أنعمها الله على الإنسان.

وقت الفراغ هو ذلك الوقت الذي يجعل الإنسان يقوم بنشاطات مختلفة وأن يختار بحرية النشاط الذي يريد القيام به دون أن يكون ملزماً على أداء نشاط معيّن، ولكن أوقات الفراغ أحياناً تكون مرهقة للإنسان أكثر من الوقت الذي يعمل فيه اذا ما استغلها بالمفيد الجيد، وإذا لم يستغلها سوف يشعر بالضجر والكآبة ما يجعله يسيء استغلال ذلك الوقت، فالعمل هو الذي يخلص الإنسان من الكآبة والضجر ويملأ فراغه.

لجسد الإنسان حقٌ عليه وبالتالي يجب منحه وقت فراغ لكي يقوم باستثمار هذا الحق، كأن يمتع عينيه برؤية المناظر الطبيعية الخلابة أو أن يريح جسده بعد عناء العمل، وتقسيم وقت الفراغ من الأشياء كثيرة الأهمية حتى يستطيع الإنسان استغلاله بفائدة، والكثير من الشباب في سن المراهقة يجد صعوبة في استغلال وقت فراغه وأحياناً نجد سوء استغلال للوقت من قبلهم وهذه مشكلة تواجه الكثير من الشباب في وقتنا الحاضر.

أما عن الأطفال فهم يحتاجون لأوقات فراغ تمكنهم من ممارسة هواياتهم والأشياء التي يحبونها والأهم من ذلك أن لا يشعر الطفل بضغط الوقت وأن يمارس ما يريد بحرية دون إجبار، لأنّ الطفل إن لم يجد وقت فراغ سوف يعاني من الضغوطات ويعيش حالة من العزلة، وقد أجريت مجموعة من الدراسات في جامعة مالاغا الاسبانية أن الضغوطات التي يتلقاها الطفل من المدرسة وأحياناً من الأهل تسبّب مشاكل لدى الأطفال منها مشاكل في الأكل وفي النوم وآلام في البطن وتراجع المستوى الدراسي وتغيّر السلوك نحو العدوانية.

الأطفال يتميزون بطاقة وحيوية كبيرة وإن عدم توفر وقت فراغ كافي للطفل كي يفرغ طاقاته قد يصيبه ذلك بالأمراض وهذا ما ننصح به أولياء الأمور بتنظيم وقت الطفل وتشكيل مجموعة من الفعاليات التي يقوم بها.

أهداف أوقات الفراغ

  • التخفيف من حدة التوتر النفسي الذي يصيب الإنسان بعد فترة من العمل والمجهود الشاق وبذلك فإنّ حسن إدارة الوقت هي أساس التعامل الفعال مع الضغوطات النفسية.
  • تشعر الإنسان بالمسؤولية الاجتماعية تجاه المجتمع وتجعله أقدر على احترام القوانين والأعراف وتنمية التعاون بين أفراد المجتمع.
  • الحد من الضغوطات الجنسية التي تواجه الشباب وتوجيهها نحو نفع المجتمع ونحو مصلحة الشخص وأسرته.

أهمية وقت الفراغ

  • أجرى علماء النفس بعض الدراسات حول أهمية الوقت كضرورة لحسن تنظيمه واستغلاله بما يعود على الفرد والمجتمع بالفائدة.
  • الوقت يمر ولا نشعر به فهو يمرّ بسرعة كبيرة والأعمار تمضي ولا ندرك ذلك فالوقت محدود وكل لحظة وكل دقيقة تمضي فقد ذهبت ولا يمكن بأي حال من الأحوال استعادتها وبهذا لا يمكن تعويضها، المهام العظيمة ينجزها الشخص حين يستغل وقته بكفاءة وفاعليه اذا ازدهار وتقدم المجتمعات يقاس بإدارتهم للوقت.
  • تساعد الإنسان على إنجاز أهدافه وطموحاته.
  • تقوية الروابط الاجتماعية من خلال قضاء الوقت مع العائلة والأصدقاء.
  • اعطاء الشخص إحساساً بالراحة والسعادة عند الخروج لرحلات ترفيهية.
  • يستطيع الإنسان تطوير نفسه ذاتياً.
  • زيادة دخل الفرد وتحسين إنتاجيته من خلال السرعة في أداء الأعمال.

كيفية استثمار أوقات الفراغ

هناء الكثير من الأنشطة التي يمكن للإنسان ممارستها في وقت فراغه:

  • الجانب الثقافي: حيث يمكن للشخص أن يستثمر وقته بالقراءة والكتابة والتعرف على الثقافات وقراءة المعلومات القيمة.
  • أن تستغل هذا الوقت في فهم قدراتك وفهم من هم حولك.
  • أن تستطيع تفسير وتحليل ما يحدث حوالك من ظواهر سياسية واجتماعية واقتصادية وبطريقة واقعية ومنطقية.
  • أن تجيد فنون التعامل مع الآخرين وانتقاء الكلمات المناسبة وحسن الحديث على أساس الحق.
  • أن تسلك سلوكاً يعكس دينك وثقافتك المجتمعية ويعزز ثقتك بنفسك.
  • أن تستغل ما اكتسبته من معلومات وعلوم ومعارف في خدمة الدين والمجتمع والناس.

النشاطات الترفيهية

  • وهي النشاطات التي يختارها الفرد بعد مجهود وتعب أو بعد معاناة نفسية، فيضفي لنفسه شعور بالفرح والراحة والطمأنينة والسعادة، والنشاطات الترفيهية إمّا أن تكون رياضية جسدية وعقلية باكتساب المعرفة أو أن تكون نفسيه بالقيم الإيمانية.
  • مشاهدة بعض الأفلام الدينية والتاريخية ومشاهدة القنوات التعليمية.
  • عمل زيارات ميدانية لدور الأيتام والمحتاجين وأيضاً كبار السن ورفع الروح المعنوية لديهم.
  • قضاء الوقت بالقيام ببعض الواجبات الاجتماعية كزيارة الأقارب.
  • مساعدة الأسرة في الأعمال المنزلية.
  • قراءة المجلات الثقافية والصحف الإخبارية والتعليمية.
  • ممارسة النشاطات الرياضية اليومية.
  • القيام ببعض الرحلات الترفيهية مع العائلة والأصدقاء.
  • زيارة المتاحف والمعارض والأماكن الأثرية.
  • جمع الصور والكتب العلمية القيمة.
  • التعلم والاستفادة من الدورات التي تنظمها المؤسسات.
  • اقتناء الكتب وعمل مكتبة خاصة داخل المنزل للقراءة والتثقف والتعلم في وقت الفراغ.
  • الذهاب إلى دور العبادة.
  • تطوير مهارات الأفراد كل فرد في مجاله الذي يدرسه أو يعمل فيه.

العلاقة بين وقت الفراغ والجانب الاقتصادي

هناك بعض الدراسات التي كشفت عن وجو علاقة تفاعلية بين وقت الفراغ وبين الجانب الاقتصادي للمجتمع وهذه العلاقة لا تتم إلّا إذا اكتمل الوعي الثقافي لدى الشباب في المجتمع بأهمية الوقت وأهمية استغلاله جيداً وهذا الدور يقع على عاتق المؤسسات التعليمية التي تخرج أجيالاً من الطلاب ويجب أيضاً توفير الإمكانيات المادية لإنشاء النوادي والمكتبات وعمل ندوات لتوعية الأسر في مجال إدارة الوقت.

ساعات الفراغ يمكنها أن تنمّي القدرات والمهارات الكامنة داخل الإنسان وتطوره ليصبح فرداً فعالاً في المجتمع وتحرّره من روتين الحياة اليومية، ولهذا فإنه يمكننها أن نعتبر وقت الفراغ حق إنساني للجميع وهو ثروة ثمينة من ثروات تقدم الأمم والمجتمعات، والدولة التي توفر الإمكانيات وتهيء المناخ المناسب لأفرادها وتحثهم على استغلال وقت فراغهم فإنها تخفف وتمنع وقوع الجريمة في المجتمع من خلال استيعاب الاطفال والشباب في النوادي الرياضية والمكتبات الثقافية التي تبعدهم عن جو الطرقات والشوارع قدر الإمكان، وإذا رجعنا في إلى الإنسان القديم وكيف كان يقضي وقت فراغه دون وجود الأجهزة الالكترونية والذكية ووجود شبكات التواصل الاجتماعي فإننا نجد أن الإنسان كان يستمتع في قضاء وقته بالرقص والصيد والموسيقى وركوب الخيل وتعلم الرماية والسباحة، وقد تفوق الشعب الصيني القديم وعرف بصنع الطائرات الورقية ذات الألوان الزاهية التي كانوا يستخدمونها في أعياد الميلاد والمناسبات الخاصة، وكذلك ألعاب الرماية وألعاب القوى البدنية من صيد وسباحة ومصارعة.

أما في عصرنا الحديث ومع التطور التكنلوجي والتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية نجد تطوّر في مفهوم استغلال الوقت، ولا بدّ هنا من ذكر المادة 24 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي يؤكد وينص على حق كل فرد من أفراد المجتمع بأوقات للفراغ والراحة، ولكن لا ننسى أن هناك معوقات قد تحول دون أداء الكثير من المهمات في أوقات الفراغ وعدم اهتمام المدارس والجامعات بالطلبة وتطوير مهاراتهم وهواياتهم، رغم ذلك لا بدّ من التأكيد على أنّ الوقت نعمة وثروة يجب استغلالها وعدم الاستهتار بها.