صلاة الفجر
لم يفرض الله تعالى على عباده إلا ما يستطيعون القيام به، حيث قال الله سبحانه: (لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)،[1] والصلاة من الأمور اليسيرة التي افترضها الله تعالى، وهي العمل الذي يخفّف على النفس ما تلقان من الهموم والغموم، كما أنه أول الأعمال التي يحاسب عليها العبد يوم القيامة، ومن الصلوات المفروضة صلاة الفجر التي تميّز المؤمن والمنافق، فإما أن يتعلّق قلب العبد بها، فيحرص على أدائها جماعةً، فيكون من الفالحين والفائزين، وإما أن يمتنع العبد عن أدائها، فيُحرم نيل بركة الاصطفاف بين المصلّين في صلاة الفجر، ولذلك فقد بيّن الرسول عليه الصلاة والسلام أن صلاة الفجر الدليل الذي يفصل بين الإيمان والنفاق، حيث روى الإمام مسلم في صحيحه عن الصحابي أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (إنَّ أثقلَ صلاةٍ على المنافقِينَ صلاةُ العشاءِ وصلاةُ الفجرِ).[2][3]
وكان الرسول عليه الصلاة والسلام إن تردّد في إيمان أحد ما بحث إن كان من المؤدين صلاة الفجر أم لا، وتجدر الإشارة إلى أن صلاة الفجر محدّدة بوقت معيّن، بيّنه السرول عليه الصلاة والسلام بقوله: (وقتُ صلاةِ الصُّبحِ مِن طُلوعِ الفَجرِ، ما لَم تَطلُعِ الشَّمسُ)،[4] فالاعتقاد بأن وقت صلاة الفجر يمتدّ إلى ما قبل الظهر اعتقادٌ خاطئٌ.[3]
كيفية الاستيقاظ لصلاة الفجر
يستطيع العبد المحافظة على أداء صلاة الفجر في وقتها المحدّل لها، بالعديد من الوسائل والطرق، وفيما يأتي بيان البعض منها:[5][6]
- الحرص على النوم في ساعة مبكرة من الليل، وتجنّب السهر ليلاً، فورد عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه كان يحرص على النوم بعد أداء صلاة العشاء، إلا أن طرأ أمراً ما يحقّق المصلحة والخير.
- الحرص على الآداب المتعلّقة بالنوم، منها: الدعاء قبل النوم، وجمع الكفين والنفث فيهما، وقراءة سورة الإخلاص والمعوذتين، والنوم على طهارة.
- عدم الإكثار من تناول الطعام والشراب ليلاً، فكثرة الطعام تثقل النوم، وتقلّ بالتالي الطاعات، وينعدم الخشوع فيها.
- الابتعاد عن القايم بالعصي والفواحش نهاراً، وحفظ الجوارح عن المحرّمات، مثل الغيبة أو الكلام الباطل أو النظر إلى الحرام أو أكل الحرام، وفي المقابل يجب أن يحرص المسلم على القيام بالطاعات والعبادات، مثل: صلة الرحم، والبر بالوالدين، والإحسان إلى الجيران، والصدقة بالسر، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والسعي في حاجات المسلمين، ومصاحبة الصالحين من العباد الذي يُعينون العبد على الأعمال الصالحة والقُربات.
- تذكّر الأجر الذي أعدّه الله تعالى للصابرين، والأجر على أداء صلاة الفجر في وقتها.
- التقرّب إلى الله تعالى بالدعاء وسؤال الحاجات منه، ومن ذلك سؤاله التوفيق لأداء صلاة الفجر جماعةً، فالدعاء من أعظم وأكبر الأسباب التي تؤدي إلى الفلاح والفوز والنجاة.
- استعانة العبد بمن يُعينه على الاستيقاظ لأداء صلاة الفجر جماعةً، كالاستعانة بالأهل أو الوالدين أو الأصدقاء أو الجيران وتوصيتهم بإيقاظه.
- استشعار الفضل العظيم الذي أعدّه الله تعالى للمحافظين على أداء صلاة الفجر جماعةً، منها قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من صلى العشاءَ في جماعةٍ فكأنما قام نصفَ الليلِ . ومن صلى الصبحَ في جماعةٍ فكأنما صلى الليلَ كلَّهُ)،[7] كما بيّن الرسول عليه الصلاة والسلام أيضاً ذنب تأخير صلاة الفجر، ووبّخ وزجر المقصّر في أدائها، حيث روى الصحابي عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي أنه قال: (ذُكِر عِندَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رجلٌ نام ليلةً حتى أصبَحَ ، قال : ذاك رجلٌ بال الشيطانُ في أذُنَيه ، أو قال : في أذُنِه).[8]
أهمية صلاة الفجر
تكمن أهمية صلاة الفجر في العديد من الأمور التي تبيّن ذلك، وفيما يأتي بيان البعض منها:[9][10]
- الدخول في ذمة الله تعالى، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (من صلى الصبحَ فهو في ذمةِ اللهِ . فلا يطلبنَّكم اللهُ من ذمتِه بشيٍء فيُدركُه فيكبَّهُ في نارِ جهنمَ)،[11] أي أن الذي يؤدي صلاة الفجر يدخل في أمان الله تعالى، وعهده وضمانه، فلا أحد يتعرّض له بسوءٍ.
- نيل أجر قيام الليل، ودليل ذلك ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن الصحابي عثمان بن عفان أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من صلى العشاءَ في جماعةٍ فكأنما قام نصفَ الليلِ . ومن صلى الصبحَ في جماعةٍ فكأنما صلى الليلَ كلَّهُ).[12]
- البراءة من النفاق، حيث روى الصحابي أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليس صلاةٌ أثقَلَ على المُنافِقين من الفَجرِ والعِشاءِ).[13]
- شهادة الملائكة للعبد، حيث قال الله تعالى: (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلوكِ الشَّمسِ إِلى غَسَقِ اللَّيلِ وَقُرآنَ الفَجرِ إِنَّ قُرآنَ الفَجرِ كانَ مَشهودًا)،[14] ومشهوداً أي أن الملائكة تشهده، أما لمفرّط في صلاة الفجر فيخسر شهادة الملائكة له، وبذلك يخسر الأجر العظيم من الله تعالى، والحسنات والدرجات المعدّة للمحافظين على أداء صلاة الفجر.
- نيل شرف الدخول إلى الجنة والنجاة من نار جهنم، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لن يلجَ النارَ أحدٌ صلى قبل طلوعِ الشمسِ وقبل غروبها يعني الفجرَ والعصرَ)،[15] فن لم يؤدِ صلاتي الفجر والعصر فلن يكون ممن نال البراءة من النبي عليه الصلاة والسلام، فالصلاة من أسباب فلاح العبد في حياته الدنيا والآخرة، وفي فضل صلاتي الفجر والعصر قال الحافظ ابن حجر: ( أن الصلاة أفضل الطاعات، وقد ثبت لهاتين الصلاتين من الفضل على غيرهما ما ذكر من اجتماع الملائكة فيهما، ورفع الأعمال، وغير ذلك، فهما أفضل الصلوات، فناسب أن يجازي المحافظ عليهما بأفضل العطايا، وهو النظر إلى الله تعالى يوم القيامة).
المراجع
- ↑ سورة البقرة، آية: 286.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 651، صحيح.
- ^ أ ب "صلاة الفجر الفريضة الغائبة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 20-11-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 612، صحيح.
- ↑ "من فوائد صلاة الفجر"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-11-2018. بتصرّف.
- ↑ "كن من رجال الفجر"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-11-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم: 656، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 3270، صحيح.
- ↑ "الفوائد العشر لصلاة الفجر في جماعة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-11-2018. بتصرّف.
- ↑ "البشائر العشر لمن حافظ على صلاة الفجر"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-11-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جندب ببن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 657، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم: 656، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 657، صحيح.
- ↑ سورة الإسراء، آية: 78.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمارة بن رؤيبة، الصفحة أو الرقم: 634، صحيح.