-

كيف كان رسول الله يصلي

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الصلاة

تُعرّف الصلاة بأنّها عبادةٌ ذات أقوالٍ وأفعالٍ مخصوصةٍ، تُفتتح بالتكبير، وتُختتم بالتسليم، وقد أوجبها الله -تعالى- على كلّ مسلمٍ عاقلٍ بالغٍ، وأمر أولياء الأطفال بتعليم أبنائهم الصلاة من عمر سبع سنواتٍ، وضربهم عليها عند العاشرة من العمر؛ حتى يتدرّب الطفل على أدائها عند البلوغ، وقد وعد الله -تعالى- تارك الصلاة بالعذاب الشديد، ودليل ذلك قول الله تعالى: (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ*الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُون)،[1] ومن الجدير بالذكر أنّ علماء الأمة أجمعوا على كفر تارك الصلاة جحوداً، ولكنّهم اختلفوا في حكم من ترك الصلاة تكاسلاً، حيث قال فريقٌ منهم: أنّه فاسقٌ مرتكبٌ لكبيرةٍ، وليس بكافرٍ، بينما قال الآخرون: بل هو كافرٌ خارجٌ عن الملّة، واستدلّوا لذلك بقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ بين الرجلِ وبين الشِّركِ والكفرِ تركُ الصلاةِ)،[2] وفي الحقيقة أنّه لا دينٌ من غير صلاةٍ، فهي ثاني أركان الإسلام بعد الشهادتين، وعمود الدين الذي لا يقوم إلّا به، وهي أول ما يُحاسب عليه العبد يوم القيامة، فإذا صلحت صلاة العبد فاز ونجح، وإن فسدت خسر وندم.[3]

كيفية صلاة الرسول

بما أنّ الصلاة ركنٌ من أركان الإسلام، فلا بُدّ من المسلم أن يحرص على أدائها بشكلٍ سليمٍ، كما كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يؤديها، مصداقاً لقوله: (صلّوا كما رأيتموني أصلّي)،[4] وفيما يأتي بيان كيفية صلاة الرسول صلّى الله عليه وسلّم:[5]

  • استقبال القبلة: كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يستقبل الكعبة المشرّفة عند قيامه للصلاة، حيث إنّ استقبال القبلة ركنٌ من أركان الصلاة، ولا تصحّ الصلاة إلّا به، باستثناء حالة الخوف الشديد، وصلاة الخوف، وحالة المرض المسبّب للعجز.
  • القيام: كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يؤدي صلاة الفريضة قائماً، إذ إنّ القيام مع القدرة ركنٌ من أركان الصلاة، ولا تصحّ الصلاة من غيرها؛ باستثناء حالات القتال الشديد، وصلاة الخوف، والمرض المسبّب للعجز عن القيام، ولا بدّ من الإشارة إلى جواز أداء صلاة النافلة قياماً، أو قعوداً.
  • الصلاة إلى سترةٍ: قبل الدخول في الصلاة كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يجعل أمامه سترةً، ويقترب منها حتى ما يكون بينها وبين موضع سجوده إلاّ ممر شاةٍ، وروي عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (لا تُصَلِّ إلَّا إلى سُترةٍ، ولا تدَعْ أحداً يمُرُّ بينَ يدَيْك، فإنْ أبى فلتُقاتِلْه فإنَّما هو شيطانٌ)،[6] وقد نهى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- عن المرور بين يدي المُصلّي، ودليل ذلك قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (لو يَعلَمُ المارُّ بين يدَيِ المُصلِّي ماذا عليه، لكان أن يَقِفَ أربعينَ خيراً له من أن يمُرَّ بين يدَيه).[7]
  • النية: كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ينوي بقلبه أداء الصلاة، من غير أن يتلفّظ بها بلسانه، ولذلك يُعتبر التلفّظ بالنية بدعةٌ.
  • تكبيرة الإحرام: عند الدخول بالصلاة كان رسول الله يستفتح بقوله: (الله أكبر)، ودليل ذلك قوله: (مفتاحُ الصلاةِ الطُّهور، وتحريمُها التكبيرُ، وتحليلُها التسليمُ)،[8] وكان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يرفع يديه بمحاذاة منكبيه، مع التكبير، وفي بعض الأحيان يرفعها قبله، أو بعده.
  • وضع اليدين: بعد التكبير كان يضع النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يده اليمنى على ظهر كفّه اليسرى، وعلى الرسغ والساعد، ويضع يديه على صدره، ثمّ ينظر إلى موضع السجود.
  • دعاء الاستفتاح: كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يقرأ أحد أدعية الاستفتاح، حيث كان يقول: (سبحانَكَ اللَّهمَّ وبحمدِكَ، وتبارَكَ اسمُكَ وتعالى جدُّكَ، ولا إلَهَ غيرَكَ).[9]
  • قراءة الفاتحة: كان الرسول يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ويُبسمل سراً في الصلاة الجهرية، والسريّة، ثمّ يقرأ الفاتحة كاملةً، والبسملة منها، وكان يقف على رأس كلّ آيةٍ، ومن الجدير بالذكر أنّ قراءة الفاتحة من أركان الصلاة، فلا تصحّ الصلاة إلّا بها.
  • قراءة ما تيسّر من القرآن: كان سول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يقرأ ما تيسّر من القرآن الكريم، بعد الفاتحة في الركعتين الأولتين، حيث كان يطيل في الركعة الأولى أكثر من الثانية، ويُطيل القراءة في صلاة الفجر أكثر من باقي الصوات الخمس، ويقصّر من القراءة في حالات السفر، أو المرض، أو بكاء صبيٍ، وينبغي الإشارة إلى أنّ القراءة في صلاة الفجر، والمغرب، والعشاء، والجمعة، والعيدين، والاستسقاء، والكسوف، تكون جهريةً، بينما تكون سريةً في صلاتي الظهر والعصر، وفي الركعة الثالثة من صلاة المغرب، وآخر ركعتين من صلاة العشاء.
  • الركوع: كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يكبّر عند الركوع، ويرفع يديه بمحاذاة منكبيه، ثمّ يركع بقدر ما تستقرّ مفاصله، ويأخذ كلّ عضوٍ مأخذه، واضعاً يديه على ركبتيه، مباعداً مرفقيه عن جنبيه، ثمّ يقول: (سبحان ربي العظيم)، ثلاث مراتٍ، أو أكثر، وفي الحقيقة إنّ الركوع ركنٌ من أركان الصلاة.
  • الاعتدال من الركوع: كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يرفع صلبه من الركوع بطمأنينةٍ، رافعاً يديه بمحاذاة المنكبين، ويقول: (سمع الله لمن حمده)، والرفع من الركوع ركنٌ أيضاً.
  • السجود: كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يقول: الله أكبر، ويسجد، واضعاً يديه على الأرض، قبل ركبتيه، ثمّ يضمّ أصابع كفّيه، ويوجّهها إلى القبلة، وكفّيه بمحاذاة منكبيه، رافعاً ذراعيه عن الأرض، واضعاً أنفه وجبهته الشريفة على الأرض، وركبتيه، وأطراف قدميه أيضاً، ثمّ يقول: (سبحان ربّي الأعلى) ثلاث مراتٍ أو أكثر، وتجدر الإشارة إلى أنّ السجود ركنٌ من أركان الصلاة.
  • الاعتدال من السجود: كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يرفع من السجود مكبراً، ورافعاً يديه في بعض الأحيان، ناصباً القدم اليمنى، ومُفترشاً القدم اليسرى، وجالساً عليها، ثمّ يقول: (اللهم اغفر لي، وارحمني، واجبرني، وارفعني، وعافني، وارزقني).
  • السجدة الثانية: كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يكبّر، ويسجد السجدة الثانية، وكان يفعل كما في السجدة الأولى.
  • الركعة الثانية: كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يكبّر، ويقوم معتمداً على يديه، وهما مقبوضتان، ثمّ يُعيد ما فعله في الركعة الأولى، من غير دعاء الاستفتاح.
  • الجلوس للتشهّد: بعد الانتهاء من السجود في الركعة الثانية، كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يجلس للتشهّد، واضعاً يديه على ملتقى الفخذ مع الركبة، وكان يرفع سبابة اليد اليمنى، ويُشير بها إلى القبلة، ويحرّكها من أول التشهّد إلى آخره.
  • الركعة الثالثة والرابعة: كان النبي يكبّر قائماً للركعة الثالثة، ويفعل فيها كما في الركعتين الأولى والثانية، والرابعة كذلك أيضاً، وكلّ ركعةٍ من ركعات الصلاة ركنٌ لا تصحّ الصلاة من دونها.
  • التشهّد الأخير: بعد الانتهاء من السجود في الركعة الأخيرة، كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يكبّر، ويرفع للجلوس الأخير، ويكرّر ما فعله في التشهّد الأول، إلّا أنّه كان يتورّك في الجلوس؛ أيّ يفضي بوركه اليسرى تحت ساقه اليمنى، وينصب قدمه اليمنى، أو يفرشها في بعض الأحيان، ويذكر الصلاة على النبي، حيث كان يقول: (اللهمَّ صلِّ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ، كما صلَّيتَ على إبراهيمَ، وعلى آلِ إبراهيمَ، إنكَ حميدٌ مجيدٌ، اللهمَّ بارِكْ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ، كما باركتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ، إنكَ حميدٌ مجيدٌ)،[10] ويستعيذ بالله من أربعٍ، حيث كان يقول: (اللهم إني أعوذُ بك من عذابِ جهنمَ، ومن عذابِ القبرِ، ومن فتنةِ المحيا والمماتِ، ومن شرِّ فتنةِ المسيحِ الدجالِ)،[11] ثمّ يدعو بما شاء.
  • السلام: كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يختم الصلاة، بالسلام عن اليمين، حتى يُرى بياض خدّه الأيمن، وعن اليسار حتى يرى بياض خدّه الأيسر.

أخطاء شائعة في الصلاة

ثمة عددٍ من الأخطاء التي تتكرّر من قِبل المصلّين، وفيما يأتي بيان بعضها:[12]

  • التساهل في تسوية الصفوف، حيث إنّ البعض لا يعطي تسوية الصف أيّ اهتمامٍ، ولا يسدّ الفُرج بين المصلّين، وربما جهل قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (لَتُسَوُّنَّ صُفوفكمْ، أو ليُخالِفَنَّ اللهُ بينَ وجوهكمْ).[13]
  • عدم الطمأنينة في الصلاة، حيث إنّ البعض يسرع في صلاته، فتكون كنقر الديك، ولا يخشع فيها، ولا يطمأن، مع إنّ الطمأنينة في الصلاة ركنٌ من أركان الصلاة، ولا تصحّ الصلاة من دونه، ودليل ذلك قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (لا صلاةَ لمن لا يقيمُ صلبَهُ في الرُّكوعِ والسُّجودِ).[14]
  • الجلوس في الفريضة مع القدرة على القيام، إذ إنّ البعض يتساهل في القيام أثناء الصلاة، فيصلّي جالساً على الرغم من قدرته على الوقوف، فلا تصحّ صلاته بذلك؛ لأنّ القيام مع القدرة ركنٌ من أركان الصلاة، وحتى في حال وجود مرضٍ يمنع من السجود والركوع، فلا بدّ من القيام، وعند الركوع والسجود يجوز الإيماء.

المراجع

  1. ↑ سورة سورة الماعون، آية: 4-5.
  2. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 82، صحيح.
  3. ↑ "تعريف الصلاة وفضلها وحكمها"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-10-2018. بتصرّف.
  4. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن مالك بن الحويرث، الصفحة أو الرقم: 631، صحيح.
  5. ↑ "دليل المسلم الجديد - (10) كيفية صلاة النبي صلى الله عليه وسلم"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-10-2018. بتصرّف.
  6. ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 2362، صحيح.
  7. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي الجهيم بن الحارث بن الصمة الأنصاري، الصفحة أو الرقم: 510، صحيح.
  8. ↑ رواه القرطبي المفسر، في تفسير القرطبي، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 1/268، صحيح.
  9. ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داوود، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 775، صحيح.
  10. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن كعب بن عجرة، الصفحة أو الرقم: 3370، صحيح.
  11. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 588، صحيح.
  12. ↑ "جملة من بعض أخطاء المصلين"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-10-2018. بتصرّف.
  13. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن النعمان بن البشير، الصفحة أو الرقم: 717، صحيح.
  14. ↑ رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن علي بن شيبان، الصفحة أو الرقم: 718، صحيح.