-

كيف تحفظ القرآن الكريم

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

القرآن الكريم

عرّف العلماء القرآن الكريم بأنّه كلام الله -تعالى- المُنزل على عبده ورسوله محمّد صلّى الله عليه وسلّم، المعجز بأقصر سورةٍ منه، المتعبّد بتلاوته حروفاً ومعاني، المبدوء بقول الله تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)،[1] والمختوم بقوله: (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ)،[2] وممّا لا شكّ فيه أنّ لحفظ القرآن الكريم عدّة ثمارٍ تتحقّق لحافظه، فإذا كانت تلاوته تنزل منزلة العبادة لله تعالى، فإنّ حفظه كذلك، وتكراره رغبةً في تثبيته عن ظهر قلبٍ هي في مكان العبادة أيضاً، فالقرآن كلام الله تعالى، ومعجزة محمّد صلّى الله عليه وسلّم، والمصدر الأول من مصادر التشريع الإسلاميّ، فحفظ القرآن الكريم يعدّ سنّةً متّبعةً، ومنفعةً عظيمةً تعود على صاحبها، فقد حفظ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- القرآن الكريم، وحثّ المسلمين من بعده على حفظه وقراءته وترتيله والعمل به، فحفظ القرآن الكريم من أهمّ القُربات التي يتقرّب بها العبد إلى الله تعالى، وينال بها الأجر العظيم والثواب الكبير من الله عزّ وجلّ.[3]

كيفية حفظ القرآن الكريم

يوجد العديد من القواعد العامّة لمن أراد أن يحفظ القرآن الكريم ليتّبعها؛ حيث إنّها تسهّل عليه الأمر، وتُعينه بإذن الله تعالى، ومن الإرشادات العامّة لكيفيّة حفظ القرآن الكريم:[4]

  • إخلاص النية لله تعالى؛ فلا شكّ أنّ مفتاح قبول أيّ عملٍ، وسرّ التوفيق فيه هو أن تكون النية موجهةً وخالصةً لله -تعالى- وحده، بحيث لا يبتغي المسلم في ذلك رضا أحدٍ سوى الله.
  • البدء في الحفظ في سنٍّ صغيرة؛ فالحفظ في الصغر كالنقش في الحجر أثبت ما يكون، وأقرب للتذكّر بعد مرور السنوات الطوال، ومع أنّ الفهم قد يكون متواضعاً للأطفال في بداية السنين إلّا أنّه سيزيد خلال السنوات، وسيفهم الإنسان حين يشبّ ما حفظه في صغره.
  • اختيار الوقت المناسب للحفظ؛ وأفضل الأوقات للحفظ والتثبيت وقت السحر، حيث يكون الذهن صافياً وبعيداً عن التشويش والفوضى، فالحفظ فجراً خيرٌ من سائر الأوقات الأخرى، وكذلك فالحفظ على جوعٍ خيراً من الحفظ على شبعٍ وتخمةٍ.
  • اختيار المكان المناسب للحفظ؛ فالمكان المرتب قليل الأثاث أو المُلهيات خيراً من المكان المكتظ فيه الأثاث والناس؛ فينشغل القارئ بهم عمّا يقرأ، وقد يضيع منه الوقت منشغلاً بما حوله.
  • الربط بين الآيات باستخدام النغمة والتجويد؛ فقد أوضح الشيوخ ومن اعتاد على تحفيظ القرآن أنّ الحفظ مع أحكام التجويد له نتائجٌ أفضل على الطالب الحافظ، فالقراءة المتأنيّة المتضمنة للمدّ والغنن وغير ذلك تعطي الدماغ مجالاً أطول لتلقّي الكلمات والحروف، ممّا يرسّخ الحفظ بشكلٍ أفضلٍ.
  • مداومة الحفظ بنسخةٍ واحدةٍ من المصحف؛ وذلك لئلا يختلف ترتيب الصفحات والآيات على الحافظ، فيتشوش عليه حفظه، وينسيه أماكن الآيات والسور، فيشت بذلك الذهن بعد الحفظ والإتقان.
  • القراءة الصحيحة أولى من الحفظ؛ فعلى من أراد أن يحفظ القرآن الكريم أن يفهم ذلك، فيداوم على التلاوة عند شيوخٍ متقنين يصحّحون له تلاوته عن المصحف، ثمّ يشرع بعد ذلك بالحفظ إن أراد، بعد أن يطمئن قلبه لتمام التلاوة الصحيحة الخالية من اللحن الجليّ.
  • استخدام الربط بين الآيات، فالبحث عن الترابط بين الآيات وخواتيمها ومفاتيحها وغير ذلك، من أهمّ الأساليب التي على من يحفظ القرآن الكريم أن يتّبعها، فهي تسهّل حفظه وتثبّته، فيسهل عليه مراجعتها بعد حينٍ، عندما يكون قد نظّمها في عقله وفق ترتيبٍ معيّنٍ ربطه عند الحفظ.
  • التكرار؛ فالتكرار من أهمّ الوصايا لتخزين الحفظ وتثبيته، فبعض الشيوخ يوصي طلابه أن يكرّروا الحفظ خمسين مرّةً، وبعضهم ثمانين، وغير ذلك، والمراد من ذلك أن يرسخ الحفظ في العقل أطول مدةٍ ممكنةٍ، إذ لا يريد الحافظ أن يحفظ لأسبوعٍ أو لشهرٍ، بل يحفظ كتاب الله -تعالى- طوال العمر، فبذلك يحتاج أن يكرّره حتى تستقرّ الكلمات في مكانها، وتثبت، ويتذكّرها كلّما أراد ذلك.
  • المداومة على الحفظ المنتظم؛ فالحفظ المنتظم يرتّب خلايا الدماغ، فتنشط الخلايا، وتستعدّ لملاقاة كمّاً معيّناً كلّ فترةٍ زمنيةٍ بحسب التعويد، فإذا نظّم الإنسان أمور حفظه كان ذلك أفضل من الحفظ الفوضوي دون خطةٍ زمنيةٍ واضحةٍ.
  • التركيز على المتشابهات؛ وذلك بربطها بمكانٍ معينٍ، أو كلمةٍ معينةٍ، حتى تستقرّ في الذهن، وتُحفظ دون أن يخلط الحافظ بين الموضعين في كلّ مرّةٍ يقرأ فيها.
  • إقران الحفظ بتطبيقه عملياً؛ وذلك بالتزام الحافظ لأوامر الله تعالى، وطاعته، وتجنّب معصيته ونواهيه.
  • المراجعة الدائمة؛ فالحافظ للقرآن الكريم عليه أن يتعاهده، ويكرّره على مدى الأيام والأزمان، ولا يركن إلى حفظه، ويقف حين يحقّق الختمة في الحفظ، فمن حفظ القرآن الكريم كاملاً عليه أن يضع خطةً للمراجعة اليومية له، بقدر ما يتيسر معه، ولا يترك كتاب الله دون معاهدةٍ ومذاكرةٍ.

فضل حفظ القرآن الكريم

أراد النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أن يعلّم صحابته وجميع المسلمين فضل حفظ القرآن الكريم، وعلوّ منزلة حافظه، فلم يترك موقفاً يمكن أن يغرس فيهه ذلك إلّا وفعله، حيث أعطى الراية في الحرب لأكثر الصحابة حفظاً، وأرسل مجموعةً من الصحابة في مًهمةٍ فأمّر عليهم أكثرهم حفظاً، والإمام في الصلاة هو أكثر المصلّين حفظاً، وحتى في اللحد حين الدّفن قدّم النبي -عليه السلام- من كان حافظاً من القرآن أكثر، وفي ذلك بيانٌ جليٌّ لفضل حافظ القرآن الكريم على مَن سواه عند الله تعالى، وعند نبيّه الكريم، وهناك مميزاتٍ أخرى يتمتّع بها حافظ القرآن أيضاً، منها:[5]

  • حافظ القرآن الكريم يكون يوم القيامة مع الملائكة الكرام السفرة البررة.
  • حافظ القرآن الكريم مقدّم على مَن سواه في أمور الدين والدنيا، في الإمامة، والإمارة، والشورى، وغير ذلك.
  • حافظ القرآن الكريم يعدّ من أهل الله وخاصّته.
  • حافظ القرآن الكريم ينجو من الحرق بالنار.

المراجع

  1. ↑ سورة الفاتحة، آية: 2.
  2. ↑ سورة الناس، آية: 6.
  3. ↑ "في تعريف القرآن الكريم وذكر طرف ممّا يدلّ على فضله "، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-7-5. بتصرّف.
  4. ↑ "طرق إبداعية في حفظ القرآن الكريم"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-7-5. بتصرّف.
  5. ↑ "فضائل حفظ القرآن"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-7-6. بتصرّف.