كيف تكون صلاتك صحيحة
الصلاة
تُعرّف الصلاة لغةً بالدعاء،[1] أما شرعاً فتُعرف الصلاة بأنّها عبادةٌ ذات أفعالٍ وأقوالٍ مخصوصةٍ، تُفتتح بالتكبير وتُختتم بالتسليم، حيث فرض الله -تعالى- على كل مسلمٍ خمس صلواتٍ في اليوم والليلة، وحدّد كل صلاةٍ منها بوقتٍ معينٍ، مصداقاً لقوله تعالى: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا)،[2] وقد أجمع العلماء على أنّ الصلوات الخمس هي؛ صلاة الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، واستدلوا على ذلك بما رُوي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّه قال إنَّ رجُلاً سأل رسول الله عن عدد الصلوات التي افترضها الله -تعالى- على عباده، فقال النبي: (خمس صلواتٍ).[3][4]
وللصلاة فضائلٌ عديدةٌ، حيث إنّها ثاني أركان الإسلام بعد الشهادتين، وعمود الدين، وممّا يدل على عظم أهميتها أنّ الله -تعالى- فرضها على رسوله -صلى الله عليه والسلام- ليلة الإسراء والمعراج فوق سبع سموات، والصلاة سببٌ لمغفرة الذنوب مالم تُرتكب الكبائر، مصداقاً لما رُوي عن النّبي -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (الصَّلواتُ الخمس، والجُمعةُ إلى الجُمعة، ورمضانُ إلى رمضان، مُكَفِّراتٌ ما بينهُنَّ إِذا اجتنب الكبائر).[5][4]
الصلاة الصحيحة
لابدّ أن تتوفر في الصلاة شروطٌ، وأركانٌ، وواجباتٌ، حتى تكون الصلاة صحيحةً ومقبولةً، وفيما يأتي بيان لكل منها بشكل مفصل.
شروط صحة الصلاة
عرّف الأصوليون الشرط بأنّه ما لا يلزم من وجوده الوجود، ولكن يلزم من عدمه العدم، فالصلاة الصّحيحة تعتمد على صحة شروطها، فإذا اختل شرطٌ من شروط صحة الصلاة بطلت الصلاة، ومن هذه الشروط ما هو عامٌ لكل العبادات؛ كالإسلام، والعقل، والتمييز، ومنها ما هو خاص بالصلاة، ويمكن بيانها فيما يأتي:[6]
- دخول الوقت: فقد أجمع العلماء على عدم صحة الصّلاة إلا بعد دخول وقتها، واستدلوا بقول الله تعالى: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا)،[2] وقد بيّن الله -تعالى- أوقات الصلاة بشكلٍ مجملٍ في قوله: (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ۖ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا)، وبيّنها النّبي -عليه الصلاة والسلام- مفصلةً في سنته.[7]
- ستر العورة: حيث إنّ كشف العورة أثناء الصلاة مع القدرة على سترها يُبطل الصلاة، فقد قال الله تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ)،[8] وقد نقل ابن عبد البر -رحمه الله- إجماع العلماء على فساد صلاة من ترك ثوبه وهو قادر على الاستتار به وصلى عرياناً، والعورة تنقسم بالنسبة للمصلين إلى عورةٍ مغلظةٍ وهي عورة المرأة الحرة البالغة، وتشمل جميع بدنها إلا الوجه والكفين، وعورة متوسطة وهي عورة من بلغ عشر سنوات فأكثر من الذكور، وتكون من السرة إلى الركبة، وعورة مخففة وهي عورة الذكر من سن السابعة إلى العاشرة، وهي الفرجان القبل والدبر.
- الطهارة: وتنقسم الطّهارة إلى قسمين؛ طهارة من النّجس، وطهارة من الحدث، ولا تصح الصلاة إلا بعد الطهارة من النجس والحدث، مصداقاً لما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (لا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاةَ أحَدِكُمْ إذا أحْدَثَ حتَّى يَتَوَضَّأَ)،[9] وتكون الطهارة من النجس في ثلاثة مواضع؛ وهي: البدن، والثوب، والمكان.
- استقبال القبلة: فالصلاة إلى غير القبلة باطلةٌ بإجماع أهل العلم إلا في حال عدم القدرة على استقبالها، مصداقاً لقول الله تعالى: (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ).[10]
- النية: فلا تصح الصلاة إلا بالنية، ولا يقبل الله -تعالى- العمل إلا بنية، حيث روى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (إنَّما الأعمالُ بالنِّيّات، وإنَّما لكلِّ امرِئٍ ما نوى).[11]
أركان الصلاة
لا بُد من القيام بجميع أركانها حتى تؤدّى بشكلٍ صحيح، وفي حال اختل ركنٌ من أركان الصلاة سهواً أو عمداً بطلت الصلاة، أو بطلت الركعة التي اختل فيها الركن، ويجب إعادتها، وفيما يأتي بيان أركان الصلاة:[12]
- القيام: حيث يجب القيام في صلاة الفريضة؛ لأنّ القيام مع القدرة ركنٌ من أركانها، مصداقاً لقول الله تعالى: (وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ)،[13] أما صلاة النافلة فيجوز أداؤها جالساً، فقد ثبت أنّ النّبي -عليه الصلاة والسلام- كان يصليها جالساً.
- تكبيرة الإحرام: حيث إنّ افتتاح الصلاة يكون بتكبيرة الإحرام، ولا تصح الصلاة إلا بها، مصداقاً لما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال للرجل الذي أساء صلاته: (ثُمَّ استقبل القبلة، فكبِّر)،[14] وقوله عليه الصلاة والسلام: (تحريمها التكبير وتحليلها التسليم).[15]
- قراءة الفاتحة: فلا بدّ من قراءة الفاتحة في كل ركعة، فقد رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (لا صلاةَ لمن لم يقرأ بفاتحَة الكتاب).[16]
- الركوع: فيجب الركوع في كل ركعة، لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا).[17]
- الرفع من الركوع والاعتدال: فالنبي -صلى الله عليه وسلم- داوم على ذلك.
- السجود: حيث يجب السجود في كل ركعة، ويتم السجود من خلال وضع الأعضاء السبعة على الأرض، وهي: الجبهة، واليدين، والركبتين، والقدمين.
- الجلوس بين السجدتين: إذ يجب الجلوس بعد الرفع من السجدة الأولى، مصداقاً لقول أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- وهي تصف جلوس النبي بين السجدتين: (إذا رفَع رأسَه مِن السُّجودِ لَمْ يسجُدْ حتَّى يستويَ جالسًا).[18]
- الطمأنينة: ولا تصح الصلاة إلا بالطمأنينة في كل الأركان، والطمأنية هي السكون.
- الجلوس للتشهد الأخير: ويشمل الجلوس الأخير الصلاة على النّبي والتّحيات.
- الترتيب بين الأركان: فالنبي كان يصليها مرتبة.
- التسليم: حيث تُختتم الصلاة بالتسليم، مصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تحليلُها التسليمُ).[19]
واجبات الصلاة
هناك العديد من الواجبات التي ينبغي القيام بها، وفي حال تركها سهواً يجبرها سجود السهو، وهي:[20]
- تكبيرات الانتقال: بأن يقول المصلّي: "الله أكبر" عند الانتقال من ركنٍ إلى آخر.
- التسميع: إذ يجب على الإمام والمنفرد قول "سمع الله لمن حمده" عند الرفع من الركوع.
- التحميد: إذ يجب على الإمام والمأموم والمنفرد قول: "ربنا ولك الحمد" بعد الرفع من الركوع.
- التسبيح في الركوع: إذ يجب قول "سبحان ربي العظيم" في الركوع.
- التسبيح في السجود: إذ يجب قول "سبحان ربي الأعلى" في السجود.
- الاستغفار: إذ يجب قول "رب اغفر لي" أثناء الجلوس بين السجدتين.
- الجلوس الأوسط: إذ يجب الجلوس للتشهد الأوسط.
مبطلات الصلاة
ينبغي للمصلي اجتناب مبطلات الصلاة لإتمامها بشكل صحيح، وفيما يأتي ذكرٌ لبعضها:[21]
- سبق المأموم للإمام في أيّ عملٍ من أعمال الصلاة، كأن يسجد قبل الإمام مثلاً.
- تعمد تغيير المعنى في القراءة، كضم تاء "أنعمت"، أو فتح همزة "إهدنا".
- الرجوع للتشهد الأول في حال نسيانه بعد القيام والبدء في القراءة إذا كان عالماً بتحريمه.
- تقدم المأموم على الإمام.
- الضحك حتى القهقهة.
- تعمد الكلام، أو الأكل، أوالشرب.
- السلام قبل إتمام الصلاة.
المراجع
- ↑ "تعريف و معنى الصلاة في معجم المعاني الجامع "، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 9-3-2019.
- ^ أ ب سورة النساء، آية: 103.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 1447، صحيح.
- ^ أ ب " كتاب الصلاة"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 9-3-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 233، صحيح.
- ↑ "شروط صحة الصلاة"، www.islamqa.info، 27-10-2007، اطّلع عليه بتاريخ 9-3-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الإسراء، آية: 78.
- ↑ سورة الأعراف، آية: 31.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6954، صحيح.
- ↑ سورة البقرة، آية: 144.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 1، صحيح.
- ↑ "أحكام الصلاة (2/3) (أركان الصلاة وواجباتها وسننها)"، www.ar.islamway.net، 2017-01-31، اطّلع عليه بتاريخ 9-3-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 238.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6667، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في إرواء الغليل، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 301، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبادة بن الصامت، الصفحة أو الرقم: 756، صحيح.
- ↑ سورة الحج، آية: 77.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1768، أخرجه في صحيحه.
- ↑ رواه ابن حجر العسقلاني، في فتح الباري، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 2/376، إسناده صحيح.
- ↑ "أركان الصلاة وواجباتها وسننها"، www.islamweb.net، 2002-1-6، اطّلع عليه بتاريخ 9-3-2019. بتصرّف.
- ↑ فاطمة فتحي (16-8-2012)، "المختصر في أحكام الصلاة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 9-3-2019. بتصرّف.