ابنُ رُشد هو الحافظُ الجليلُ، والحكيمُ الفقيهُ محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن أحمد رُشد، المُلقَّبُ بأبي الوليد، والمشهورُ باسمِ الحفيد؛ لتمييزِه عن جدّه أبي الوليد محمد بنِ أحمدَ، كما يُلقِّبه البعضُ بالقاضي، وفيلسوفِ الوقت، وُلِد في العام خمسمئة وعشرين للهجرة في مدينةِ قُرطبةَ، والتي كانت آنذاك ملتقى العلماءِ، والمُفكِّرين، وعاصمةَ العلمِ؛ فكان لذلك أثرٌ كبيرٌ في نشأة ابنِ رُشد، وتحصيلِه لكَمٍّ كبيرٍ من العلومِ، والمعرفةِ.[1]
بدأَ ابنُ رُشد حياتَه العلميّةَ بدراسةِ الفِقه، والطبِّ، والرياضيّاتِ، والفلسفةِ، وتتلمذَ على يدِ أكبر علماءِ العصرِ آنذاك ممّن كانوا يجتمعون في مجالسِ الخلفاءِ المُوحِّدين، وبدأ حياتَه العمليّةَ كمُؤلِّف، ثمّ عمِلَ في القضاءِ في قرطبةَ، وإشبيليّة، وكان يُجالسُ الخليفةَ المنصورَ في قصرِه، ويتناقشانِ في أمورِ العِلم، والفلسفةِ، ثم نفاه الخليفةِ إلى بلدةِ اليسانة الواقعةِ بالقربِ من قُرطبةَ؛ نظراً لأنّ الخليفة الذي نشرَ أمراً بالابتعادِ عن الفلسفةِ، وحَرقِ كُتبِها، وفي وقتٍ لاحقٍ تمّت دعوةُ ابن رشد إلى مرّاكشَ بعدَ عَفوِ الخليفةِ عنه.[2]
تمكّنَ ابنُ رُشد من تأليفِ عددٍ كبيرٍ من الكُتبٍ، منها ما هو في الفلسفةِ، والطبِّ، والفلكِ، والفقهِ، وعلمِ الكلامِ، والنحوِ، علماً بأنّ أكثر هذه الكُتبِ شُهرةً هي:[3]
بعد أن انتقلَ ابنُ رُشد إلى مرّاكشَ بقِيَ فيها نحوَ سنة واحدةٍ، ثمّ فارقَ الحياةَ، ووافته المنيّةُ في ليلةِ الخميسِ الموافقِ للعاشر من شهرِ كانون الأوّل/ديسمبر من عامِ ألفٍ ومئةٍ وثمانيةٍ وتسعين للميلادِ (595 للهجرة)، إلّا أنّه لم يُدفَن في مرّاكشَ؛ فقد نُقِل جثمانُه إلى الأندلسِ؛ ليُدفَن في قُرطبةَ، وبوفاتِه -رحمَه اللهُ- تكونُ الفلسفةُ العربيّةُ الإسلاميّةُ فقدت أهمّ، وأشهرَ أعلامِها حتى يومِنا هذا.[2]