معلومات عن الثقافة الإسلامية
مفهوم الثقافة الإسلاميّة
عُرّفت الثقافة الإسلامية كما ذكر الدكتور رجب سعيد شهوان من خلال ثلاثة اتجاهات رئيسية، فالاتجاه الأول يعرفها على أنّها مقومات الأمة الإسلامية العامة من دين، وتاريخ، ولغة، وحضارة، وقيم مشتركة، وتفاعلاتها قديماً وحديثاً، وبالتالي فهذا التعريف يعبر عن حياة الأمة الإسلامية وهويتها الحضارية والدينية، أما الاتجاه الثاني فيعرف الثقافة الإسلامية على أنّها التعرف على مقومات الأمة الإسلامية بتفاعلاتها قديماً وحديثاً، والمصادر التي استقيت منها مقوّمات الأمة، وبالتالي فإن الثقافة الإسلامية وفق هذا التعريف هي مصطلح يعبر عن مجموع علوم الأمة الإسلامية الشرعية والصرفة، والاتجاه الثالث والأخير يعرف الثقافة الإسلامية على أنّها التعرف على التحديات المعاصرة التي تتعلق بمقومات الدين الإسلامي، والأمة الإسلامية، ووفق هذا التعرف فإنّ الثقافة الإسلامية هي علم جديد ظهر نتيجة التحديات المعاصرة للإسلام، فاعتبر كعلم من العلوم الإسلامية، وقد عرف الدكتور عبد الرحمن الزنيدي الثقافة الإسلامية بأنّها علم كليات الإسلام في نظم الحياة كلها بترابطها، كما عرفت الثقافة الإسلامية وفق تعريف مجموعة من الأساتذة المختصين في علم الثقافة الإسلامية بأنّها العلم بمنهاج الإسلام الشمولي في النظم والأفكار والقيم ونقد التراث الإنساني فيها.[1]
خصائص الثقافة الإسلاميّة
من خصائص الثقافة الإسلاميّة نذكر:[2]
- الربانية: الثقافة الإسلامية ربانية مستمدة من الله تعالى في تصورها لخصائص الوجود ومقوماته، فالعقيدة الإسلاميّة لا تنظر إلى الحياة على أنّها المثل الأعلى للإنسان والغاية، إنّما تنظر إليها على أنها عرض زائل، وأنها محدودة بوقت معين ينتهي بالموت، ولا ينفع فيها إلا الأعمال الصالحة، وصلاح الروح والقلب، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ).[3]
- الشمولية: الثقافة الإسلامية تنطلق من شمولية الإسلام في تصوره لقضايا الإنسان والكون والحياة، كما تشمل على جميع جوانب حياة الإنسان العقلية والروحية والجسدية، وتشمل الفرد والجماعة والأمة في الوقت ذاته، وتشمل على الحياة الدنيا والآخرة والعمل لهما في نفس الوقت، وعلاقة الإنسان مع ربه، ونفسه، والآخرين، وكذلك تشتمل على الإيمان بمسائل اعتقادية عدة كالإيمان بالله والملائكة والرسل والكتب السماوية، والقضاء والقدر، فلا يكون في تلك الخاصية تناقض بين أي جانب من جوانب حياة الإنسان، بل تصورات شاملة تبدد القلق والحيرة التي قد تنتاب الإنسان من وراء التصورات المنقوصة عند الثقافات الأخرى.
- الترابط والتكامل: الشمولية التي تتميز بها الثقافة الإسلامية وتعتمد عليها، تحتم التكامل والترابط بين جميع جوانب الحياة الإنسانية، فيكون التكامل في علاقة الإنسان بربه ونفسه والآخرين، وكذلك التكامل بين العمل للحياة الدنيا والآخرة.
- التوازن: الثقافة الإسلامية عملت توازناً عجيباً بين متطلبات كلّ جانب أو مظهر من مظاهر الحياة الإنسانيّة، فهناك توازن بين متطلبات الروح والمادة معاً، وبين الفرد والمجتمع، وبين أن يؤمن الإنسان بالقضاء والقدر، وأن يأخذ بالأسباب، قال تعالى: (ابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ).[4]
- العالمية والعموم: ما يميز الثقافة الإسلامية أنّها لا تنظر إلى الناس وفق معايير اللون، أو الجنس، أو القومية إنّما تنظر إليهم بمقياس واحد، وهي كذلك رسالة عالمية من حيث أنها لم تأت إلى أمة دون أخرى، ولم تختص بزمان أو مكان دون آخر، فهي لكلّ الناس في كل مكان وزمان، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُم).[5]
أهمية الثقافة الإسلاميّة
تتجلى أهمية الثقافة الإسلاميّة فيما يأتي:[6]
- علامة على انتماء المسلم لدينه الإسلام، فالمسلم وفق منظور الدين الإسلامي لا يصح إسلامه، ولا يكون داخلاً في الإسلام إلا بمعرفة حد أدنى من الثقافة الإسلامية معرفة يقينية، تطبق في واقع حياته تطبيقاً عملياً، ومثال على ذلك أركان الإيمان الستة التي لا يصح إيمان المسلم إلا إذا علمها، واعتقد بها اعتقاداً يقنياً جازماً، وهذه الأركان هي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، وكذلك معرفة ما دعا إليه الإسلام من أخلاق ليتحلى الإنسان بها، ومعرفة ما نهى عنه من أمور فيجتنبها.
- الحصانة الفكرية، ففي ظل الانفجار المعرفي الذي يشهده العالم، ووصول الأفكار والمعلومات إلى كلّ مكان بدون وجود حواجز زمنية أو مكانية، كان لا بد للمسلم من أن يكون عنده موازين يستطيع أن يميز بها بين ما هو حق وما هو باطل، وأن يكون عنده كذلك مقاييس تبين له ما يقبله الإسلام وما يرفضه من الأمور، وكل هذه المقاييس والموازيين يكون مصدرها الثقافة الإسلامية التي تسلح الفرد المسلم بها فلا ينجر وراء دعوات خارجة عن الإسلام، ويكون محصناً فكرياً اتجاه الدعوات التي تدس له السم في الدسم.
- الإيجابية في حياة المسلم، فقد خلق الله الإنسان لمهمة عظيمة واستخلفه في الأرض ليعمرها وفق منهجه سبحانه، وإنّ إدراك هذه المهمة العظيمة للإنسان يتطلب أن يكون على معرفة بجميع جوانب ومظاهر المنهج الرباني، وما يتطلبه تحقيقه من معرفة لسنن الله في الكون والناس، والمجتمعات حتى يحقق معنى الإيجابية في حياته، وكذلك معرفة سنن الله تعالى في نشوء الأمم ورقيها، أو سننه في انحدارها وزوالها، والقيم التي تساعد على كلّ ذلك.
- الحاجة إلى معالجة مشكلات العالم بالإسلام، فالمسلم قادر على وضع الحلول لمشاكل الإنسانية من خلال ثقافته الإسلامية ومنهجه الرباني، وقد قدمت الحضارة الإسلامية المستندة على الوحي وهدايات الإسلام النموذج المثالي للحضارة الربانية التي تتمثل فيها كل المعاني الرائعة من عدل ومساواة وعزة وتقدم، وفي المقابل كان في البعد عن التسمك بالإسلام من قبل الحكام والعلماء فشو للظلم والشقاء والضنك في أنحاء المعمورة.
المراجع
- ↑ د. ناصر بن عبد الرحمن اليحيى (2007-6-21)، "مفهوم الثقافة الإسلامية"، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 2018-1-15. بتصرّف.
- ↑ علي محمد مقبول الأهدل (2014-1-21)، "خصائص الثقافة الإسلامية"، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 2018-1-15. بتصرّف.
- ↑ سورة المنافقون، آية: 9.
- ↑ سورة القصص، آية: 77.
- ↑ سورة الحجرات ، آية: 13.
- ↑ أ.د مصطفى مسلم (2014-4-21)، "أهمية الثقافة الإسلامية "، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 2018-1-15.