هو شاعر مصريّ يعتبر أحد رموز مدرسة الإحياء في الشعر العربيّ. كتبَ بعض الكتب في حياته، وتركَ خلفه ديوان شعرٍ من جزأين. عُرفَ بشاعر الشعبِ، وشاعر النيل.[1] ولد الشاعر حافظ إبراهيم على أحد البواخر الراسية على شاطئ النيل، في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر. والده إبراهيم أفندي فهمي وكان يعمل مهندساً، توفي وحافظ في الرابعة من عمره. وأمّه كريمة أحمد لي بك. ويُذكر وجود أخت صغيرة له تصغره بثلاثة أعوام، ولكن لا يوجد الكثير من المعلومات عنها. وبعد وفاة والده، انتقلت به إلى القاهرة عند أخيها محمد نيازى وكان يعمل مهندساً في التنظيم، فقام بالاعتناء بالطفل اليتيم ورعايته. بدأ حافظ تعليمه الابتدائيّ في مدرسة خيريّة بالقلعة، ثم انتقل إلى مدرستين في مرحلته الابتدائية وهما: القربية والمبتديان. وفي المرحلة الثانويّة إلتحق بالمدرسة الخديويّة، ولكنّه لم يستمر في الثانويّة بسبب قلة المال، فانتقل مع خاله إلى طنطا وهو في السادسة عشرة من عمره. أصاب حافظ الحزن واليأس لأنّه لم يكمل تعليمه، فأخذ يتنقل بين جموع الطبقة الشعبيّة، يشعر بمعاناتهم ويجد نفسه واحداً منهم.[2][3]
كان حافظ مقيماً عند خاله، لا يملك عملاً ولا مصدراً للدخل، فشعر بأنه أصبحَ عبئاً على خاله مما أصابه بألم شديد، لذلك قرر أن يبحث عن عملٍ، فاشتغل خلال فترة شبابه بعدة مجالات.[3]
توجه حافظ إبراهيم للعمل في مجال المحاماة نظراً لما يملكه من قدرة على المحاورة وفصاحةٍ في اللغة، فعمل محامياً عند بعض مكاتب المحاماة في طنطا، ولكنّه ما لبث أن ضاق بهذا العمل لما يحتاج من جهدٍ ورتابة مملة. ترك حافظ العمل في المحاماة وتوجه إلى القاهرة لينضم للمدرسة الحربيّة.[4]
انتقل حافظ إلى القاهرة ليلتحق بالمدرسة الحربية هناك، ومن أهم الأسباب التي جعلته يتوجه إليها أنّ المدرسة كانت تعطي لملتحقيها وظيفة حكومية. تخرّج حافظ من المدرسة برتبة ملازم ثانٍ بعمر العشرين وذلك عام 1891م. وبعد تخرجه اشتغل بمنصب ضابطٍ بالوزارة الحربية، ثمّ رُقيّ لرتبة ملازم أول بعد ثلاثِ سنين. تولّى حافظ لاحقاً وظيفة معاون بوليس في وزارة الداخلية.[5]
وفي عام 1911 عُيّن حافظ رئيساً للقسم الأدبيّ بدار الكتب الملكيّة، وهناك ألّف كتاباً بعنوان"ليالي سطيح" يتحدث فيه عن أحوال مصرَ نثراً و شعراً. وترجم الشاعر الرواية الفرنسيّة الشهيرة "البؤساء" إلى العربية. بقي حافظ إبراهيم يعمل بدار الكتب حتى عام 1932م، وكتب في هذه الفترة من الأشعار الوطنيّة ما جعل منه شاعرَ الشعب.[6]
بعدما انقطع حافظ عن المدرسة، وجد في نفسه ميلاً إلى الشعر، فكان متأثّراً بالشاعر محمود سامي البارودي، وكانَ منكبّاً على قراءة كتاب الوسيلة الأدبيّة للشيخ حسن المصرفي، فأخذ يتعلم من المسائل اللغويّة والشعر ما يثري به نفسه المحبة للشعر. كان حافظ يملك ذاكرة باهرة؛ مما جعله يحفظ الكثير من الشعر الجاهليّ إلى الشعر الحديث. فأخذ يلقي على أصدقائه من الشعر ما يحفظ وما يكتب، وكانوا يقيمون مناظراتٍ شعريّةٍ أذاعت صيت حافظ، فأسموه الشاعر محمد حافظ إبراهيم.[2][3]
كتب الشاعر حافظ إبراهيم في مجالات متنوعة، فكتب بالسياسية وجانب التربية والتعليم، وكتب عن المرأة وحقوقها. كانَ حافظ مناصراً للمرأة مطالباً بحقها بالتعليم والعمل، ورفض حصر دورها بالبيت ومنعها من الوظائف المهمّة، وكانت آراؤه متأثرةً بآراء الشيخ محمد عبده.[7]
كانَ الشاعر حافظ إبراهيم منذ صغره يملك موهبة شعريّة لا تخفى على من حوله، كما أنّه قادرٌ على التعبير عمّا يواجهه من مواقف أو مشاعرَ، عملَ على تنميتها من خلال اطّلاعه على الكتب والأشعار وتعلّمه قواعد الشعر والبلاغة. ومما يتميّز به شعر حافظ إبراهيم ما يأتي:[8]
أصيب الشاعر في آخر أيامه بداء السكري، ولم يكن ينتظم بتناول دوائه فاشتدّ عليه المرض. وفي يوم الخميس الموافق 21 تموز عام 1932، توفي حافظ إبراهيم عن عمرٍ يناهز الستين. سار في جنازته الكثير من أصحاب الفكر والأدب، ورثاه على القبر الأستاذ عبّاس محمود العقّاد. دُفن حافظ في مقابر السيّدة نفيسة، ولكنّ أشعاره أبقته حياً إلى يومنا، بقوتها وجمالها، تاركةً لنا أثرَ شاعرٍ أعلى صوتَ الحقّ في قصائده، وكانَ مثالاً لشجاعة الكلمة وقوّةِ تأثيرها.[3]