يعرّف التطور الفكري على أنّه نمو قدرة الطفل على التفكير والتعقل؛ إذ يُعنى بكيفية تنظيمهم لعقولهم وأفكارهم ومعتقداتهم، مما يمكنهم من فهم العالم من حولهم.[1]
يعتبر جان بياجيه من رواد علم النفس وأهم فلاسفتها، إذ كان مهتماً بدراسة كيفية تشكل المعرفة عند الأطفال، استنتج العالم السويسري بياجيه أنّ التطور الفكري لدى الأطفال ما هو إلا نتيجة تفاعل بين العوامل الوراثية والبيئة التي ينشأ فيها الطفل، فمن خلال نمو الطفل وتفاعله المستمر مع العالم من حوله، يتم تشكيل المعرفة وإعادة تشكيلها.
يوجد لنظرية بياجيه في التطور الفكري جذورٌ في علم البيولوجيا، إذ يعتقد أن التطور الفكري امتدادٌ للتطور البيولوجي ويحكم كلاهما ذات القوانين والمبادئ، وتبعاً له فإن التطور الفكري لدى الأطفال يتحكم بكافة الجوانب الأخرى، كالتطور العاطفي والاجتماعي والأخلاقي.[2]
تشير نظرية بياجيه إلى أربع مراحل أساسية في رحلة التطور الفكري للإنسان، وتركز دراسته على فهم كيفية تشكل المعرفة بالإضافة إلى طبيعة الفكر، وهي كما يلي:[3]
تمتد من الولادة وحتى عمر الثانية، وتشمل هذه المرحلة معرفة الطفل لمحيطه عن طريق الحركة واستخدام الحواس وبعض الأفعال البسيطة كالمص أو البحث عن شيء ما، كما يستوعب الطفل في هذه المرحلة أنّ عدم رؤية الأشياء لا يعني عدم وجودها، وأنّ لأفعاله تأثيراً على محيطه، ويصنف الرضيع في هذه المرحلة العمرية على أنّه كائن في مجموعة منفصلة عن بقية الناس أو الأشياء.
تمتد من عمر الثانية وحتى السابعة، ويبدأ الطفل في هذه المرحلة بالتفكير باستخدام الرموز، كما أنّه يتعلم استخدام الكلمات والصور للتعبير عن الأشياء، ويميل الأطفال في هذه المرحلة إلى الأنانية ويواجهون صعوبةً في رؤية الأمور من وجهة نظر الطرف الآخر.
من عمر السابعة وحتى الحادية عشر يبدأ الأطفال بالتفكير بطريقة منطقية ومنظمة، ويتطور التفكير الاستقرائي خلال هذه المرحلة.
تكون من عمر الثانية عشر وما فوق، وفي هذا العمر يبدأ اليافع بالتفكير بطريقةٍ مجردة والتفكير بأسئلة افتراضية، إذ يبدأ بالتفكير حول المواضيع الأخلاقية والفلسفية والاجتماعية والسياسية، التي تتطلب التفكير النظري والتجريدي، ويتطور التفكير الاستنتاجي خلال هذه المرحلة.
تشير الدراسات إلى أهمية تنمية التطور الفكري لدى الأطفال منذ الولادة ولعمر الخمس سنوات، كالمهارات اللغوية والمهارات الحسابية، خصوصاً أن استنتاج العلماء يشير إلى قدرة الدماغ على استيعاب كمية هائلة من المعلومات حول اللغة، خلال السنة الأولى للرضيع.
هناك علاقةٌ واضحةٌ بين التطور الفكري خلال السنوات الأولى للإنسان والنجاح الذي يحققه، من المهم كذلك توفير بيئة متعلمة ومستخدمة للغة غنية لتتشكل لدى الطفل فرصة للتفاعل مع محيط يستخدم اللغة بشكلٍ مستمر.[4]