تعرّف القوامة لغةً بأنها القيام بالأمور أو المال، كما أنها تعرف بولاية الأمر، ويطلق على من يُحسن القيام بالأمور قوّام،[1] وتعرّف القوامة اصطلاحاً بذات التعريف اللغوي، ويُضاف بأن القوامة من كلمة قوم، والقوم هم المجموعة من الناس الذين يجمعهم أمر ما ليفعلوه، وكذلك قوم الرجل هم أقاربه من عصباته، ومن يتبعهم بمنزلتهم من الرجال فقط، وبناءً على ذلك فيشترط في القوامة القوة البدنية أو المالية.[2]
قال الله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّـهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ)،[3] فالإسلام لم يقرّر مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في بعض المسائل مراعاةً لطبيعة كلٍ منهما، حيث إن كلاً منهما يختلف عن الآخر في التكوين الجسدي، والنفسي، والوظيفي، وقد كلّفهما بالمسؤوليات والمهمّات التي تناسبهما، فالإسلام يقرّر التكاليف التي تناسب الفطرة البشرية التي فُطر عليها كلٌ من الرجل والمرأة، كما أنّ القيام بمهمة إدارة الأسرة من الأمور الضرورية، فبدونها تعمّ الفوضى والمشاكل، وبناءً على ذلك فإما أن تكون القوامة للمرأة أو للرجل، وليس من الممكن أن تكون لكليهما، فوجود رئيسين لذات الأمر يعدّ أمراً لا يمكن تصوّره، وبعد ذلك فإن الرجل أقدر على حمل القوامة، لأن المرأة إن كانت صاحبة القوامة والمسؤولية فإن الرجل سيكون خاضعاً لرغباتها وأوامرها، لذا فإنّ القوامة للرجل دون أي ظلم أو استبداد، ولكن يجب أن تكون إدارة الأسرة قائمة على التعاون، والتشاور، والتفاهم.[4]
إنّ المقصود من قول الله تعالى: (وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ)،[5] هو عدم تفضيل الرجل على المرأة، وإنما تحمّل الرجل لمسؤولية النفقة على الأولاد والزوجة، والقيام بمختلف شؤون البيت وأموره، ورعاية وصيانة زوجته، بالإضافة إلى أنّ الرجل مكلّف بالجهاد في سبيل الله تعالى، والدفاع عن دين الإسلام وأمته، أي أن القوامة من نصيب الرجل لأنه الأقدر على حملها والقيام بها، لما يتمتع به من القوة الجسدية، كما أنّ المرأة معنيّة بالحمل والولادة، ويصيبها الحيض والنفاس، ممّا يؤدي إلى ضعفها، أي أن الله تعالى كلّف الرجل بالقوامة بوضعه في مكان الخدمة والرعاية دون أي تحكّم، أو استعلاء، أو تسلّط، أو ظلم.[4]
ليست القوامة لتشريف الرجل على المرأة، وإنما هي في الحقيقة من الأمور التكليفية الخاصة به، كما أنه ليس في ذلك انتقاصاً من قيمة المرأة وقدرها ومنزلتها، فالإسلام جعل القوامة من نصيب الرجل بالنظر إلى أمرين أساسيين، الأول منهما الفطرة التي تتعلق بقوة الإرادة، ورجحان عقله على عاطفته، بينما ترجّح العاطفة على العقل لدى المرأة، ممّا يزرع في نفسها شدّة التأثّر والانفعال، لتؤدي ما عليها من واجبات الأمومة والحضانة بأفضل صورةٍ، والسبب الثاني يتمثّل بالكسب، أي أن الرجل مكلّف بنفقات الزواج، وثمّ بالإنفاق على الزوجة والأولاد، والإسلام قابل ذلك بإعطائه حق القوامة، وفي المقابل فإنّ الإسلام زوّد المرأة بالقدرات التي تتميّز فيها عن الرجل، منها: التحلّي بالصبر بشكل أكبر من الرجل، والقدرة على التحمّل، والرغبة بالنسل والولد، والقدرة العالية على السهر والقيام على أمور الأبناء إن كان أحدهم مريضاً مثلاً، والقدرة العالية ايضاً على تحمّل الأوجاع والآلام بسبب ما تعانيه من آلام الحيض، والحمل، والولادة.[4]
بيّن العلماء عدّة أحكام تتعلّق بالقوامة، وفيما يأتي بيان البعض منها:[6]