تفسير ظاهرة البرق
البرق
البرق هو عبارة عن شرارة كهربائيّة عملاقة تحدث في السماء، حيث يحدث داخل السحابة، أو بين سحابتَين، أو بين السحابة والهواء، أو بين السحابة والأرض، ويُسبِّب حدوث البرق انتشاراً للكهرباء في الهواء، ممّا قد يتسبَّب في حدوث أضرار للطائرات إذا أصابتها أثناء حركتها في المنطقة التي يحدث فيها البرق، كما يمكن أن يصيب البرق المباني، ويُسبِّب الحرائق، ويصعقَ الإنسان، عِلماً بأنّه في حال تمّ تفريغ واحدة أو اكثر من الشُّحنات الكهربائيّة على سطح الأرض، فإنّه ينتج ما يُطلَق عليه اسم (الضربة)، كما يُطلَق على الضوء الساطع الذي ينتج من البرق على شكل وَمضة اسم (الضربة المُرتجَعة)، ويُصاحِبُ ظاهرة البرق صوتٌ يُسمَّى (الرَّعد)، حيث ينتج من ارتفاع درجة حرارة الهواء، ومن ثمَّ تَمدُّده؛ لينتجَ موجة من الضَّغط تُسمَّى الرَّعد.[1]
اعتُبِرت ظاهرة البَرق قديماً سرّاً من أسرار الطبيعة، إذ كان يُعتقَد بأنّها أسلحة الآلهة، وأنّ الأماكن التي يحدث فيها البرق هي أماكن ملعونة، ومن الجدير بالذِّكر أنّ الدراسات المُتعلِّقة بظاهرة البَرق بدأت في القرن الثامن عشر تقريباً، حيث كان أوّل من اهتمّ بذلك هو العالِم والدبلوماسيّ بنجامين فرانكلين، إذ أجرى تجربة أثناء عاصفة رَعديّة، تتمثَّل بربطه مفتاحاً معدنيّاً بطائرة ورقيّة، وإطلاقها في الهواء، حيث تسبَّبت الكهرباء الناتجة من السُّحب في رَفْع الجُهد الكهربائيّ، ممّا أدّى إلى حدوث شرارة بين المفتاح، والأجسام الموجودة على سطح الأرض.[1]
ويُعتبَر البرق تفريغاً مرئيّاً للكهرباء، وهو يحدث عندما تحصل المنطقة التي تحتوي على السُّحُب على شحنات كهربائيّة زائدة، بحيث تكون هذه الشحنات إمّا سالبة، أو موجبة، كما تكون كافية لكَسْر مُقاوَمة الهواء، وتَرتبط هذه الظاهرة بالسُّحُب المُتراكِمة والتي يُطلَق عليها اسم (Thunderclouds)، إضافة إلى أن البرق يحدث في السُّحُب الطبقيّة، وتتكوَّن هذه الظاهرة عادة عندما تحدث العواصف الرعديّة، والثلجيّة، ويُعتبَرُ فَرْق الشحنات الكهربائيّة الحاصلة على قطرات الماء وجزيئات الثلج، هو المسؤول عن حدوث هذه الظاهرة داخل السحب.[2]
كيفيّة حدوث ظاهرة البرق
تحدث ظاهرة البرق عندما تتجمَّع كمّية من الشحنات الكهربائيّة الزائدة، السالبة، والموجبة، في السحابة نفسها، وعادة ما تكون هناك كمّية كبيرة من الشحنات الموجبة الزائدة في الأجزاء العُليا من السحابة، في حين تتركَّز كمّية كبيرة من الشحنات السالبة الزائدة في مركز السحابة، بالإضافة إلى وجود كمّية قليلة من الشحنات الموجبة في أسفل السحابة أيضاً،[2] وبواسطة الرياح القويّة داخل السحابة، والتي يُطلَق عليها اسم (Updraughts)، يتمّ تحريك قطرات الماء، ودَفْعها نحو الأعلى إلى قمّة السحابة، وهناك تتحوَّل إلى جليد، وتتشكَّل بعض قطرات الماء لتصبحَ جزيئات من الثلج، ومن ثم تبدأ حبّات البَرَد الكبيرة بالنزول إلى أسفل السحابة؛ بسبب وزنها، وتتصادم في أثناء حركتها مع جزيئات الثلج، حيث يتسبَّب هذا التصادُم في نَقْل الشحنات السالبة من جزيئات الثلج إلى البَرَد، وبالتالي تصبح شحنتُه سالبة، أمّا الثلج، فتصبح شحنتُه موجبة؛ لأنّه فَقَد شحنات سالبة.[3]
وبفِعل الرياح داخل السحابة، تَستمرُّ جزيئات الثلج بالصعود إلى أعلى السحابة، وهذا يعطيها الشحنة الموجبة، كما تَستمرُّ حبّات البَرَد بالنزول إلى أسفل السحابة؛ لتجعلَ شحنتها سالبة، أمّا الشحنات السالبة الزائدة الموجودة في أسفل السحابة، فإنّها تَنجذبُ نحو الشحنات الموجبة الموجودة في السُّحُب الأخرى، أو على سطح الأرض، وتلعبُ هذه الجاذبيّة دوراً مُهمّاً في زيادة سرعة انجذاب الإلكترونات، إذ إنّها إذا كانت قويّة بما يكفي، فإنّها تتسبَّب بحركة سريعة للإلكترونات نحو الذرّات الموجبة، ممّا يُؤدّي إلى تشكيل قناة يمكن رؤيتُها أثناء حدوث وميض البَرق،[3] ويتشكَّل ما يُعرَف ب (ضربة البَرق الابتدائيّة)، والتي عادة ما تكون سالبة الشحنة، كما يُؤدّي اقترابها من الأرض إلى ارتفاع للتصريف الموصل إلى الأعلى نحو الشحنات المُعاكِسة لها، الأمر الذي يتسبَّب في ارتباط السحابة بالأرض، فتحدث ضربة شديدة السطوع، تعودُ إلى السحابة بسرعة تَصلُ إلى ثلث سرعة الضوء، وتكون ذروة التيّارات في ضربات البَرق العائدة حوالي 30,000 أمبير، ومن الجدير بالذِّكر أنّ حدوث البرق يكون سريعاً جدّاً، حيث إنّ ضربة البَرق الأولى تصل إلى الأرض خلال 30 مِلّي ثانية، أمّا ضربة العودة إلى مركز السحابة، فتستغرق 100 ميكروثانية.[2]
والطاقة الكلّية التي تنشأ أثناء العاصفة الرعديّة، وظهور البَرق، تُعتبَر أكبر من الطاقة الموجودة في قنبلة ذَرّية، إذ قد يُسبِّب البَرقُ الموتَ؛ حيث تُشيرُ الإحصائيّات إلى أنّ حوالي مائة من سكّان الولايات المُتَّحدة الأمريكيّة يُقتَلون كلّ عام؛ بسبب ظاهرة البَرق، وقد تمّ إثبات أنّ البَرق هو عبارة عن كهرباء، وذلك من خلال التجربة الشهيرة لطائرة بنجامين فرانكلين عام 1752م، كما يُمكن للبَرق أن يتسبَّب في ضَرْب المباني، حيث ضَرَب مبنى إمباير ستيت في مدينة نيويورك حوالي 25 مرّة.[4]
أنواع البرق
للبَرق عدّة أنواع يمكن تمييزها بالصُّور، من خلال شكل القنوات في السماء، منها:[5]
- البَرق من السحابة إلى الأرض (بالإنجليزيّة: Cloud-to-ground lightning): وفي هذا النوع من البَرق، تتَّصل الأرض المشحونة بالشحنات الموجبة بقاعدة السحابة المشحونة بالشحنات السالبة، عن طريق عمود من الهواء المُحمَّل بالشحنات، يُطلَق عليه اسم (positive streamer) حيث يصطدم مع ما يُسمّى ب (The stepped leader) القادم من السحابة، وخلال هذا الاصطدام ينتقلُ تيّارٌ كهربائيٌّ بين السحابة، والأرض، مُسبِّباً حدوث صاعقة، أو عاصفة من البَرق.
- البَرق داخل السحابة (بالإنجليزيّة: Intracloud lightning): وفي هذه الحالة تتحرَّك الشحنات داخل السحابة نفسها، ويحدث تجاذُب في ما بينها، وقد يحدث هذا التجاذُب على طول الجانب السُّفلي للسحابة، ممّا يُسبِّب تَوهُّجاً على سطح السحابة نفسها في بعض الحالات، وهذا النوع من البَرق لا يُسبِّب أيّة أضرار للبَشر على سطح الأرض، بل يُحدِثُ العديد من الأضرار للطائرات في الجوّ.
- الصاعقة من السماء الزرقاء (بالإنجليزيّة: Bolt from the blue): واسم هذا النوع من البَرق مُستمَدٌّ من أنّ الصاعقة عندما تَحدثُ، فإنّها تخرج من سماء زرقاء صافية،[6] وفي هذا النوع من البَرق، تنطلقُ الشحنات الموجبة على شكل صاعقة من أعلى السحابة بعيداً عن العاصفة، قَبْل أن تصطدمَ العاصفة بالأرض، وتَصطدمُ هذه الصاعقة بالأرض المشحونة بالشحنات السالبة، حيث تكون قوّية بما يكفي لتنتشرَ على مسافة بعيدة؛ أي ما يُقارب 30 ميلاً أحياناً، وهذا النوع من البَرق نادر الحدوث، إلّا أنّه إذا حدث، فإنّه يتسبَّب في العديد من الأضرار البشريّة، إضافة إلى الأضرار في المُمتلَكات؛ وذلك لأنّه أقوى من الصواعق العاديّة.
- البَرق على شكل كرة (بالإنجليزيّة: Ball lightning): حيث وُجِدَ أنّ هذا النوع من البَرق هو عبارة عن مجموعة من المجالات المغناطيسيّة المُتشابِكة، والتي تَحصُر -مغناطيسيّاً- بداخلها البلازما من الغاز الساخن داخل حَقْل مرصوص.
والجدير بالذِّكر أنّ هناك ظواهر عابرة مضيئة في الغلاف الجوّي قد حدثت أيضاً، إلّا أنّ العلماء لم يجدوا لها تفسيراً بَعْد، وبعض هذه الظواهر يكون على شكل أضواء تَتوهَّج باللون الأحمر فوق السُّحُب في العواصف الرعديّة، كما تكون ضعيفة الشحنات، ولاتدوم لأكثر من بِضع ثوانٍ، إضافة إلى إمكانيّة ظهور حُزَم زرقاء اللون في أثناء العواصف الرعديّة، حيث تنتشرُ تدريجيّاً، ثم تختفي على ارتفاعات تبلغُ 30 ميلاً، وهي لا تدوم لأكثر من جزء من الثانية.[5]
الوقاية من حوادث البَرق
هناك عدّة إجراءات يجب اتّباعها؛ للوقاية من الحوادث التي تحصل نتيجة البَرق، وهي:[1]
- عدم الجلوس في منطقة مكشوفة عند حدوث البَرق .
- البقاء بعيداً عن الآليّات المُتحرِّكة، مثل: الدرّاجات الناريّة، وآليّات المزارع، وغيرها.
- عدم الوقوف بجانب، أو تحت الأشجار العالية.
- عدم استخدام الهواتف المحمولة.
- البقاء خارج الماء، أو بعيداً عنه.
- استخدام مانعة الصواعق في الأبنية المُرتفِعة.
- البقاء داخل السيارة المُغلَقة؛ أي غير المكشوفة، وذلك في حال حدوث البَرق فجأة أثناء الوجود في الطريق.
- عدم لَمْس أيّ شيء معدنيّ داخل السيارة.
المراجع
- ^ أ ب ت هيئة من المؤلفين (1999)، الموسوعة العربية العالمية (الطبعة الثانية)، الرياض-المملكة العربية السعودية: مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع، صفحة 336-339، جزء 4 ب(بعل). بتصرّف.
- ^ أ ب ت "Lightning", www.britannica.com,2018-5-2، Retrieved 2018-6-7. Edited.
- ^ أ ب "Lightning"، www.metoffice.gov.uk، Retrieved 2018-6-7. Edited.
- ↑ Robert Roy Britt (2005-1-17), "The Science of Lightning"، www.livescience.com, Retrieved 2018-6-7. Edited.
- ^ أ ب "What are the different types of lightning?", www.mnn.com, Retrieved 2018-7-29. Edited.
- ↑ " A bolt from the blue", www.phrases.org.uk, Retrieved 2018-7-29. Edited.