شرب الخمر حرام بإجماع المسلمين، وهو محرّم أيضًا في جميع الديانات، وفي تحريم الخمر أدلة كثير في الكتاب والسنة وآثار الصحابة وإجماع المسلمين، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)،[١] وفي السنّة ورد أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قد لعن في الخمر كلّ من شاربها وساقيها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه.[٢]
جلد الرسول صلى الله عليه وسلم شارب الخمر أربعين جلدة، وقام بذلك الخليفة أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، لكن حين رأى عمر رضي الله عنه تتابع الناس في شرب الخمر زاد عدد الجلدات إلى ثمانين، وعلى شارب الخمر أن يتوب إلى الله ويقلع عن ذاك الذنب، ويندم عليه، ويعزم على عدم العودة إليه، وصلاة شارب الخمر غير مقبولة لأربعين يومًا، والقصد في ذلك عدم حصول الأجر عليهما، ولكن تبرأ ذمته وتسقط عنه حال أدائها،[٢] قال صلى الله عليه وسلم: (مَن شَرِبَ الخمرَ، لم تُقْبَلْ له صلاةٌ أَرْبَعِينَ صباحًا، فإن تاب تاب اللهُ عليه، فإن عاد لم تُقْبَلْ له صلاةٌ أَرْبَعِينَ صباحًا، فإن تاب تاب اللهُ عليه، فإن عاد الرابعةَ لم تُقْبَلْ له صلاةٌ أربعين صباحًا ، فإن تاب لم يَتُبِ اللهُ عليه، وسقاه من نهرِ الخَبالِ).[٣]
مما جاءت به الشريعة الإسلامة تحصيل المصالح ودرء المفاسد، فتحرم ما كان ضارًا أو غلب ضره، وتحلّ ما كان نافعًا أو غلب نفعه، والخمر من القسم الضار،[٤] فمن مضار الخمر ما يلحق شاربه من وعيد وعقوبة، والخمر يفسد المعدة ويسبب تقرح الأمعاء، وإضعاف النسل، ويفسد التصور والإدراك لدى شاربه حين يسكر، وعلى المدى البعيد فإنّ شرب الخمر يضعف العقل، ويوقع العدواة والبغضاء بين شاربه والناس حوله من الأقارب والمعارف، وفيه استهلاك للأموال واستنفاذ للثروات، أما تأثيره بعلاقة المسلم بربه فإنه يضعفها، ويصد شاربه عن ذكر الله تعالى وعن الصلاة، وينتج ذلك عن إدمان صاحب الخمر وتعلقه بها، ويغري الخمر شاربه لإتيان الزنى وارتكاب كبائر الإثم والفواحش، وقد سماها الرسول صلى الله عليه بأمّ الخبائث، فكان تحذير الإسلام منه لما فيه من الأضرار ما ذكرنا وفوق ذلك.[٥]