-

الإسلام دين التسامح

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

تعريف التّسامح

التّسامح خلقٌ من الأخلاق الإسلاميّة العظيمة، وفيما يأتي بيان المعنى اللغوي والاصطلاحي للتسامح:

  • التّسامح لغةً: مشتقٌّ من الجذر سمح، وهو مصدر الفعل تسامح، ويطلق على الإنسان الذي يتّصف بالتّسامح أنّه مُتسامح، ومنه التّسامح في الأمر أي التّساهل فيه، والتّسامح الدّيني بأن يتمّ احترام عقائد الآخرين.[1]
  • التّسامح اصطلاحاً: هو خلقٌ يحثّ الإنسان على أن يكون سمحاً مع غيره من النّاس خلال تعامله معهم، ويكون ذلك بتسهيل وتيسير أمورهم، وعدم الشّدة الصّارمة فيها، بل اللّطف واللّين حتّى يسهل عليهم الأمر.[2]

مظاهر التّسامح في الإسلام

إن لخلق التسامح أهمية عظيمة في دين الإسلام، ويظهر ذلك جليّا في عدة مجالات، منها العبادات والمعاملات، وفيما يأتي بيان ذلك بشكلٍ مفصّلٍ:

التسامح في العبادات

تتضّح مظاهر التّسامح في العبادات التي يؤدّيها المسلم فيما يأتي:[3]

  • التّسامح في الوضوء للصّلاة: ويتضحّ ذلك في التّيسير على صنفين من النّاس، وهم: المسافرون في حالة انقطاعهم أثناء سفرهم، وعدم إيجادهم للماء، والمرضى في حالة كون المرض لا يمكن استعمال الماء معه، بحيث يؤذي الجرح، أو يؤخّر شفاؤه، ففي هاتين الحالتين يشرع التّيمّم بدلاً من الوضوء أو الغسل في الإسلام، أي سواء كان الإنسان محدثاً حدثاً أصغر، أو حدثاً أكبر في حالتي المرض، أو السّفر، وذلك دفعاً للحرج، ورفعاً للمشقّة عن النّاس، وللتّيسير عليهم.
  • التّسامح في صيام شهر رمضان للمريض والمسافر: ويتجلّى ذلك في الرّخصة التي أُعطيت للمسافر والمريض، فيجوز لهم الفطر في رمضان، قال تعالى: (أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ).[4]
  • التّسامح في طعام ما حرّم للمضطر: حيث يجوز للإنسان أن يتناول ما حُرّم إذا لم يجد طعاماً قطّ، وقد بلغ من الجوع أشدّه، لكن يجوز له بقدر ما تبيح له الضّرورة، فهي تقدّر بقدرها، فإذا زالت حاجة الإنسان انتفت الرّخصة عنه، قال تعالى: (إِلّا مَا اضطُرِرتُم إِلَيهِ).[5]
  • التّسامح في قصر الصّلاة: فيكون قصر الصّلاة في حالة السّفر فقط للصّلوات ذات الأربع ركعات، وهي: الظّهر، والعصر، والعشاء، أمّا الفجر والمغرب فلا قصر فيهما.
  • التّسامح في جبر النقص الحاصل في الصّلاة: فيجوز للمسلم أن يسجد سجود السّهو عند النّسيان أو الخطأ أو السّهو في الصّلاة، وذلك جبراً للنّقص الذي حصل في صلاته.
  • التّسامح في عدد مرات أداء فريضة الحج: فمن رحمة الله -تعالى- بعباده أن فرض عليهم أداء عبادة الحجّ مرّةً واحدةً في العمر، حيث لو كان الواجب أداؤها أكثر من مرّة لكان في ذلك مشقّة على المسلمين.

التّسامح بين العباد

ينبغي على المسلمين عامة وعلى العلماء خاصة أن يحرصوا على التناصح فيما بينهم، حتى تجتمع كلمتهم، وتزول الفرقة بينهم، ويزول المنافقون من المجتمع، فقد شبّه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تعاون المؤمن مع أخيه المؤمن بالبنيان الرفيع المتماسك، ومن مظاهر التسامح بين العباد:[6]

  • عدم إساءة الظن بالغير، ونشر الكلمة الطيبة، فهناك فرق كبير بين من يسعى لنشر الإساءة والفتن بين المسلمين حتى يسيء إليهم، وبين من ينصح الغير ببيان عيوب أحدا من الناس لا للازدراء أو الانتقاص، وإنما على سبيل بيان الحال والنصح للمؤمنين حتى لا يغترّوا بأحوال الناس.
  • تقديم النصح وبيان الأخطاء للناس حتى لا ينخدعوا ويغترّوا، وعدم التعرّض لأذية الآخرين أو التقوّل عليهم.

ضوابط التّسامح

إنّ التسامح لا يعني أن يكون حقّ الإنسان ضائعاً، ولا أن يكون ضعيفاً، ومستسلماً، وذليلاً، بل هو إنسانٌ قويٌّ، واثقٌ من نفسه، ذو شخصيّةٍ تجمع بين الحزم واللّين كلٌّ في موضعه، وهناك ثلاثة أمورٌ أساسيّة هي بمثابة ضوابط ومقوّمات للتّسامح، وهي:[7]

  • قيام المتسامح بالغضب عند رؤيته انتهاكٌ لحرمات الله تعالى، فعليه أن يكون دائماً خلال معاملاته في حالةٍ من التّوزان بين الشّدة واللّين والرّفق، ويكون ذلك في سائر الأفعال إلّا في ما حرّم الله تعالى، ففي هذه الحالة لا يجوز التّنازل، ودلالة ذلك ما ورد في الحديث الشّريف: (ما خُيِّرَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيْنَ أمْرَيْنِ إلَّا أخَذَ أيْسَرَهُمَا، ما لَمْ يَكُنْ إثْمًا، فإنْ كانَ إثْمًا كانَ أبْعَدَ النَّاسِ منه، وما انْتَقَمَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِنَفْسِهِ إلَّا أنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ بهَا).[8]
  • قيام المتسامح بطلب حقّه إن كان على صوابٍ، فلا مانع من أن يكون الإنسان متسامحاً، وفي نفس الوقت قادراً على أخذ حقّه والدّفاع عنه.
  • قيام المتسامح بالبراء من أعداء الله تعالى، وعدم اتّخاذهم أولياء، فالتّسامح معهم لا يعني بأن يتخذّهم المسلم أولياء، فالولاية لا تكون إلّا لله -تعالى- ولرسوله محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- ولمن سار على نهجه من المؤمنين، أمّا من خالف أوامر الله -تعالى- فلا يجوز موالاته.

آثار التّسامح

عندما يتمتّع بالأفراد بخلق التّسامح، تنتشر المنافع والآثار الإيجابيّة في حياتهم، ومنها:[9]

  • تأكيد مبدأ الاحترام المتبادل بين الناس على الرّغم من اختلاف أفكارهم.
  • نشر النّاس بين بعضهم البعض الخبرات التي يتمتّع بها كلّ فرد، ممّا يؤدّي لتبادل المنافع.
  • سلامة القلوب من الحقد، والحسد، وغيرها من الأمور التي تضعف القلب وتورثه الهم.
  • تلاشي بعضاً من الأمراض النّفسية التي تكاد تصيب بعض الأفراد نتيجة عدم تسامحهم.
  • سهولة العيش، والتّمتع بحياةٍ كريمةٍ بعيدةٍ عن المشاكل والفرقة.
  • سيادة الألفة والمحبّة بين أفراد المجتمع، وعموم الخير بينهم.
  • نبذ العنف الّذي من الممكن أن يؤدّي إلى انتشار الفتن والجرائم.
  • انتشار الأمن في حياة الأفراد، وشعورهم الدّاخلي بالأمان.
  • تمتّع الأفراد المتسامحون بالإيجابيّة.
  • نيل الأجر والثّواب العظيم من عند الله تعالى.[10]

المراجع

  1. ↑ "تعريف و معنى تسامح في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 3-6-2019. بتصرّف.
  2. ↑ "معنى السَّمَاحَة لغةً واصطلاحًا"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 3-6-2019. بتصرّف.
  3. ↑ ميمونة الناصر (21-7-2012)، "التسامح مظاهره وآثاره"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 3-6-2019. بتصرّف.
  4. ↑ سورة البقرة، آية: 184.
  5. ↑ سورة الأنعام، آية: 119.
  6. ↑ أ. د. عبد الله الطيار (26-1-2010)، "الصفح والتسامح بين الناس"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-6-2019. بتصرّف.
  7. ↑ فيصل الشدي (2-11-1429هـ)، "السماحة "، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 3-6-2019. بتصرّف.
  8. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 3560، صحيح.
  9. ↑ عبد السلام غالب (29-10-2013)، "نحو ثقافة التسامح "، www.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 3-6-2019. بتصرّف.
  10. ↑ "فضل العفو والمسامحة"، www.binbaz.com، اطّلع عليه بتاريخ 3-6-2019. بتصرّف.