الملكُ تحتمس الثالث هو أحدُ أهمِّ ملوكِ مصرَ القديمةِ، وهو سادسُ الفراعنةِ في الأسرة الثامنة عشرة، استلَمَ حكمَ مصرَ وهو في سنٍّ صغيرةٍ، ونظراً لصِغرِ سنِّه، فإنّه لم يكن يحكُم مصرَ بمفردِه في سنواتِ حُكمِه الأولى، بل كان تابعاً في الحُكمِ للملكةِ حتشبسوت (زوجةِ أبيه)، إلّا أنّه استطاعَ بعدَ وفاتِها قيادةَ إمبراطوريّةٍ عظيمةٍ، فكانَ من أعظمِ القادةِ العسكريّين في مصرَ القديمةِ؛ حيث قادَ سبعَ عشرةَ حملةً عسكريّةً ناجحةً خلالَ عشرين سنةً، علماً بأنّ تفاصيلها، وأحداثها جميعها دُوِّنت في سِجلّاتٍ هي الأكثرُ شمولاً في مصرَ القديمةِ، ولم تقتصر أعمالُ، وإنجازاتُ تحتمس الثالث على الجانبِ العسكريِّ، بل شمِلَت الجانبَ العمرانيَّ لمصرَ؛ إذ بُنِيَت في عهدِه الكثيرُ من المعابدِ في النوبةِ، إلى جانب بعض التجديداتِ، والإضافاتِ الخاصّة بمعبدِ آمون في الكرنكِ.[1][2]
تحتمس الثالث هو ابنُ الملكِ تحتمس الثاني، وأمُّه هي (ISET)؛ الزوجةُ الثانويّةُ لتحتمس الثاني، وابنُه فهو أمنحتب الثاني، والذي خلَّفَه في حُكمِ الدولةِ المصريّةِ القديمةِ، أمّا زوجتُه فقد ظهرَ اختلافٌ بين المصادرِ في تحديدِها، إلّا أنّ بعضَ المصادرِ ذكرَت أنّ تحتمس الثالث تزوّجَ بثلاثِ زوجاتٍ من سوريا؛ وهنا إشارةٌ إلى توجّه مصرَ في تلك الفترةِ الزمنيّةِ نحو إنشاء علاقاتٍ دوليّةٍ معَ دُولِ الشرقِ الأدنى القديم.[2][3]
تُوفِّيَ تحتمس الثالث عامَ ألفٍ وأربعمئةٍ وستّةٍ وعشرين قَبلَ الميلادِ، ودُفِنَ في وادي الملوكِ في الجهةِ الغربيّةِ من طيبةَ، علماً بأنّ المومياء الخاصّة به اكتُشِفت عامَ ألفٍ وثمانمئةٍ وتسعةٍ وثمانين مع مجموعةٍ من مُقتنَياتِه الشخصيّةِ. ومن الجديرِ بالذكرِ أنّ سنواتِ حُكمِ تحتمس الثالث الأخيرة كانت زاخرةً بالكثيرِ من الأعمالِ، ولعلَّ من أبرزِها بناء المعبدِ المعروفِ باسم الديرِ البحريّ، إلى جانبِ معبدِ حتشبسوت، ومَحوَ آثارِ حتشبسوت، وذلك من خلالِ إزالةِ مُلكيّتِها، وآثارِها، وجَعلِها باسمِ كلٍّ من تحتمس الأوّل، وتحتمس الثاني.[4]