-

أعمال ليالي القدر

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

ليلة القدر

ليلة القدر ليلةٌ مباركةٌ أنزل الله -تعالى- فيها القرآن الكريم، قال تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ* تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ* سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)،[1] وفيها يُقدِّر الله مقادير الخلائق، فيكتب الأحياء والأموات، والسعداء والأشقياء وكل ما أراد الله -تعالى- له أن يكون من المقادير على مدى العام، ويعود تسميتها بهذا الاسم إلى عظيم قدرها وعلوّ مكانتها عند الله تعالى، وقيل إنَّها سمّيت بليلة القدر لضيق الأرض على الملائكة الذين ينزلون إليها من كثرة عددهم، والعبادة في هذه الليلة تَفضُل عن العبادة بألف شهر، وقد ذُكر أنّ جبريل -عليه السلام- ينزل في هذه الليلة مع الملائكة، وفيها السلام إلى مطلع الفجر، ويُستحبّ تحرّيها في العشر الأواخر من شهر رمضان، ولها علاماتٌ تُعرف بها، إلا إنَّه ليس من الضروري لمن أدرك ليلة القدر أن يعلم أنَّها ليلة القدر، فالعبرة تكمن في الاستقامة على أمر الله -تعالى- وعبادته بإخلاص.[2]

أعمال ليالي القدر

كان النبي -صلى الله عليه سلم- يعتكف في العشر الأواخر من رمضان إلى أن توفّاه الله تعالى، وكان يحرص فيها على إيقاظ أهله، وفي ليلة القدر الكثير من القيم التي تنفع المؤمنين للعيش بسلام العز والحق والاستخلاف، ولا شك أنَّ هذا أكثر ما يحتاجه العالم اليوم، وهي ليلةٌ يُفَرّذج الله -تعالى- فيها الكروب، ويهدي عباده إلى سبل الرشاد، وقد سألت السيدة عائشة -رضي الله عنها- النبي صلى الله عليه وسلم قائلة: يا رسول الله، أرأيت إن وافقتُ ليلة القَدر، ما أقول فيها"؟ فقال: (قولي: اللَّهمَّ إنَّك عفوٌّ تُحبُّ العفو)،[3] فالعفو والسلامة من الذنوب من أعظم أهداف المسلم التي يطلبها من الله -تعالى- بالقيام، وقراءة القرآن، وذكر الله.[4]

وممّا يُعين على أداء الطاعات في شهر رمضان أنَّ مردة الشياطين تُصفّد، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أتاكم رمضانُ شهرٌ مبارك، فرض اللَّه -عزَّ وجلَّ- عليكم صيامه، تُفتَّح فيه أبواب السَّماء، وتغلَّقُ فيه أبواب الجحيم، وتُغلُّ فيه مردةُ الشَّياطين، للَّه فيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهرٍ، من حُرِم خيرها فقد حُرم)،[5] وتعدل ليلة القدر أكثر من ثلاثٍ وثمانين عام، فالموفّق من أعانه الله -تعالى- على قيامها، والإكثار فيها من العبادة، حيث يبدأ الاستعداد لها من الغروب بطلب العون من الله -تعالى- على قيامها كما يجب، فإذا دخلت الليلة جهِّز صدقتك وقم بإخفائها حتى يكون أجرك أعظم، وتكون من السبعة الذين يُظلّهم الله -تعالى- يوم القيامة بظلّه يوم لا ظلَّ إلا ظلّه، ويجب الحرص فيها على القيام بالفرائض والسنن؛ كالترديد مع المؤذّن عند سماع الأذان، والتبكير في تناول الفطور مع استغلال هذه اللحظات في الدعاء، والقيام إلى أداء الصلاة بخشوعٍ واطمئنان مع قراءة الأذكار، والدعاء بخيري الدنيا والآخرة، والتماس حوائج الناس للقيام بقضائها لهم، ويحرص المسلم على أن يكون له نصيبٌ من قراءة كلام الله تعالى، وركعات قيام الليل، والتفكّر في عظمة الله وشكره على النعم، وأخيراً تناول السحور من باب العمل بالسنة.[6]

علامات ليلة القدر

تتميَّز ليلة القدر بمجموعةٍ من العلامات التي تُعرف بها، منها الشعور بالطمأنينة والسكينة، ويجد فيها الإنسان لذّةً في العبادة، وتخرج الشمس في صبيحتها من غير شعاع،[7] وتكون ضعيفة، وكأنّ الشمس في هذه الليلة لا تنشر شعاعها لكثرة ما فيها من النور، وليلة القدر محصورةٌ في العشر الأواخر،[8] وهي في الليالي الوترية آكد من غيرها، وأرجاها في ليلة السابع والعشرين، وليس القيام في هذه الليلة واجباً، إنَّما هو مستحبٌّ لقيام النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها وإيقاظ أهله،[9] فعلى المسلم أن يبذل جهده في العشر الأواخر كلّها وليس في ليلةٍ واحدة، وأن يكون على يقينٍ أنَّه لو قام هذه الليالي وصدق الله فيها؛ غفر الله -تعالى- له ذنوبه وأجاب دعاءه.[10]

فضل ليلة القدر

يجدر بالمسلمين أن يُعظِّموا ليلة القدر، ويحيوها بالدعاء والذكر وقراءة القرآن؛ حتى يفوزوا برضا الله -تعالى- ومغفرة ذنوبهم والعتق من النيران، ومن الناس من يجتهد في ليالي رمضان ويتوب إلى الله تعالى، فإذا انقضى رمضان عاد إلى أعماله السيئة، وهذا من غير شكٍّ خطر كبير وعلى المسلمين الحذر منه، قال تعالى:(إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّـهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ* نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ* نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ)،[11][12] ومن فضائل ليلة القدر أنَّ الله -تعالى- أنزل فيها القرآن؛ حتى يُخرج الناس من الظلمات إلى النور، وجعل العبادة فيها خيراً من ألف شهر، ومن حُرمها فقد حُرم الخير كله، وفي ليلة القدر تنزل الملائكة إلى الأرض بالرحمة والخير، وأنزل الله -تعالى- في فضلها سورةً كاملة، وأخفى الله عن عباده وقت ليلة القدر رحمةً بهم حتى يُكثروا من الطاعة، واختباراً لهم حتى يعلم من حرص عليها وكان جاداً في طلبها ومن كان متكاسلاً متهاوناً بها، ويُستحب فيها الإكثار من الدعاء.[13]

كما يستحبّ فيها التطيّب والغُسل، ويُشرع أخذ الزينة من اللباس في سائر الصلوات، ولا تكتمل هذه الزينة الظاهرة إلا بنقاء الباطن بالتوبة والإنابة إلى الله تعالى، وتطهير القلب من الغلّ والحسد وسائر أمراض القلوب، فالقلب هو محلّ نظر الرحمن، وعلى المسلم أن لا ينشغل بالنوافل عن الفرائض؛ لأنّها الأولى في الأداء، فالصلاة على وقتها، وزكاة الأموال التي بلغت النصاب ودار عليها الحول أهم، على أن تُصرف لأهل الزكاة الثمانية وهم: الفقراء، والمساكين، والعاملين عليها، والمؤلفة قلوبهم، وفي الرقاب، والغارمين، وابن السبيل، وفي سبيل الله.[14]

المراجع

  1. ↑ سورة القدر، آية: 1-5.
  2. ↑ د. سلمان العودة (17-8-2011)، "ليلة القدر"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 29-5-2019. بتصرّف.
  3. ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 26215 ، صحيح.
  4. ↑ أحمد نصر (5-8-2013)، "ليلة القدر"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-6-2019. بتصرّف.
  5. ↑ رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2105 ، صحيح.
  6. ↑ د. لطيفة الجلعود، "كيف تكسب ليلة القدر؟"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-6-2019. بتصرّف.
  7. ↑ "ليلة القدر وعلاماتها"، ar.islamway.net، 27-11-2002، اطّلع عليه بتاريخ 14-6-2019. بتصرّف.
  8. ↑ "العلامات المميزة لليلة القدر"، www.fatwa.islamweb.net، 28-10-2001، اطّلع عليه بتاريخ 14-6-2019. بتصرّف.
  9. ↑ ابن باز (8-8-2011)، "علامة ليلة القدر"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 14-6-2019. بتصرّف.
  10. ↑ محمد عنز (8-8-2011)، "كيف ندرك ليلة القدر"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 14-6-2019. بتصرّف.
  11. ↑ سورة فصلت، آية: 30-32.
  12. ↑ ابن باز، "ليلة القدر هي أفضل الليالي"، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 14-6-2019. بتصرّف.
  13. ↑ أحمد عبد الرحمن (25-8-2011)، "فضائل ليلة القدر"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-6-2019. بتصرّف.
  14. ↑ د.محمد الدبل (16-8-2012)، "ليلة القدر"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-6-2019. بتصرّف.