-

عيد الاستقلال اللبناني

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

عيد الاستقلال اللبناني

يحتفل اللبنانيّون في الثاني والعشرين من تشرين الثاني من كل عام بيوم الاستقلال، ويعتبر هذا اليوم تخليداً لذكرى حكومة الاستقلال الوطنيّة، التي سعت وناضلت لإطلاق سراح رئيس الجمهوريّة في ذلك الوقت بشارة الخوري، ورئيس الحكومة اللبنانيّة رياض الصلح، إلى أن تمّ لهم ما أرادوا في صباح الثاني والعشرين من شهر تشرين الثاني عام ألفٍ وتسعمئةٍ وثلاثة وأربعين، والموافقة الفرنسيّة على منح لبنان الاستقلال الكامل.

الصراع في سبيل الاستقلال

إبّان انتهاء الحرب العالميّةِ الأولى، أعلن الشريف الحسين بن علي قيام الدولة العربيّة، وضمّت هذه الدولة جميع الأقطار العربيّة التي تمّ تحريرها من الحكم العثماني، والمنطقة التي تضم لبنان كانت تابعة للمملكةِ العربيّةِ الجديدة بحسب اتفاقيّات الحسين – مكماهون.

في هذا الوقت تمّ انتداب فرنسا لحكم لبنان حسب اتفاقيّة (سايكس بيكو)، وقد طُلب من الشعوب تحديد مصائرهم فيما بينهم، فطلب مسيحيّو لبنان تأسيس دولةٍ مستقلة بحمايةٍ فرنسيّة.

أما مسلمو لبنان الكبير فقد رفضوا في مجملهم وجود دولة وكيان وطني لبناني لعدة أسباب، هي:

  • كانت تنصب أمانيهم بعد الانسلاخ عن الدولة العثمانيّة الانضمام إلى دولةٍ عربيّة يترأسها الأمير فيصل، والتي تضم سوريا الكبرى (سوريا، وفلسطين، والأردن، ولبنان، والعراق)
  • رفضهم لأي انتداب دولةٍ أجنبيّة أوروبيّة، ورفض الخضوع لحكم هذا الانتداب.

المفاوضات

رفضت الحركة الوطنيّة السوريّة والزعماء الذين يمثلونها من السياسيين المسلمين في لبنان الاعتراف بالكيان اللبناني، وفي مطلع الثلاثينيّات جرت مفاوضات بين هذه الحركة والحكومة الفرنسيّة، واشترطت فرنسا في هذه المفاوضات تسليم الحركة الوطنيّة السوريّة الكيان اللبناني مقابل توقيع معاهدةٍ تعترف فرنسا بموجبها باستقلال سوريا ولبنان.

قَبِلَ الممثلون عن الحركة هذا الشرط، الأمر الذي أدى إلى حدوث تصدّعٍ في صفوف (الوحدويين) وهم السياسيون المسلمون في لبنان، وأدى هذا الأمر إلى تلبنن بعضهم، كخير الدين الأحدب وآخرين، ليبدؤوا بالبحث عن صيغةٍ للتوفيق بين ولائهم للقوميّة العربيّة، وبين اعترافهم بالكيان اللبناني، ومنهم بشارة الخوري ورياض الصلح.

شهدت الفترة الممتدة من عام ألفٍ وتسعمئةٍ وثلاثين حتى عام ألفٍ وتسعمئةٍ وثلاثة وأربعين، تبلور صيغة طلاب الاستقلال، كبشارة الخوري ورياض الصلح وغيرهما، حتى تحوّلت هذه الصيغة إلى ما يعرف بـ(الميثاق الوطني اللبناني)، والذي بُني على أساس المعادلة التالية:للحصول على الاستقلال يجب على المسيحيين التنازل عن مطلبهم بحماية فرنسا لهم، في المقابل يجب أن يتنازل المسلمون عن طلبهم في الانضمام للداخل العربي – السوري.

ثورة جبل لبنان (بشامون)

بعد سيطرة الفرنسيين في بداية الحرب العالميّة الثانية على العديد من المراكز الرئيسيّة والحسّاسة في لبنان، الأمر الذي دفع الحكومة اللبنانيّة إلى التقدم إلى المفوضيّة الفرنسيّة مطالبةً إيّاها بتعديل الدستور بشكلٍ ينسجم مع الأوضاع الراهنة، وذلك في العام ألفٍ وتسعمئةٍ وثلاثة وأربعين، وكان مطلبهم هذا مدعوماً من البريطانيين الذين كانوا يحكمون الأردن وفلسطين والعراق في تلك الفترة.

في الحادي والعشرين من أيلول من العام نفسه أصبح بشارة الخوري رئيساً للجمهوريّة بعد فوزه في الانتخابات، وألّف حكومته رياض الصلح، وأعلنوا وقتها الاستقلال التام، وتحوّل مشروع تعديل الدستور هناك إلى المجلس النيابي في الدولة.

تمّ اعتبار هذا القرار تحدياً ساخراً للمفوّض السامي، الذي أصدر على الفور أمر تعليق الدستور، وأرسل عدداً من الضباط إلى رئيس الجمهوريّةِ حيث اعتُقِلَ، بالإضافة إلى اعتقال رئيس الوزراء وعددٍ من الوزراء والزعماء الوطنيين في الدولة، ومنهم كميل شمعون وعادل عسيران وسليم تقلا وعبد الحميد كرامي، واحتُجِزوا وقتها في قلعة راشيّا.

في تلك الأثناء عقد الأمير مجيد أرسلان وزير الدفاع الوطني في تلك الفترة مع الوزير حبيب أبو شهلا ورئيس مجلس النوّاب صبري حمادة اجتماعاً مصغّراً في قرية (بشامون) الصغيرة الواقعة في جبل لبنان، وألّفوا حكومة مؤقتة ورفعوا العلم اللبناني المعروف بشكله الحالي في ذلك الوقت، وقد أدّت هذه الثورة إلى حصول لبنان على استقلاله في الثاني والعشرين من تشرين الثاني عام ألفٍ وتسعمئةٍ وثلاثة وأربعين.

بعد حصول لبنان على استقلاله دعمَ نفسه، من خلال المشاركة بتأسيس هيئة الأمم المتحدة عام ألفٍ وتسعمئةٍ وخمسة وأربعين، بالإضافة إلى جامعة الدول العربيّة عام ألفٍ وتسعمئةٍ وسبعة وأربعين.