لا يوجد قيمة للحياة التي نعيشها من دون وجود الحب بين الناس؛ فالحب يعتبر من أسمى المعاني والقيم الإنسانية التي عرفتها البشرية، خاصةً إن كان الحب نقيّاً صافياً؛ أي أن يحب المرء بلا غاية مادية أو مصلحة آنية إنما حباً صادقاً نابعاً من المشاعر الحقيقية التي يحملها الإنسان اتجاه من حوله من الناس سواءً كانوا مقربين منه كأبيه وأمه وأخوته، أو كانوا ممن حوله كالأقارب والأصدقاء والخلان.
يعد هذا الحب من أعظم الواجبات؛ إذ إنّ الله سبحانه وتعالى أوجب علينا ذلك الحب، وتوعد لكل من خالفه؛ لأنّ محبة الله ورسوله محمد من أفضل الأشياء التي يعدها الإنسان إلى لقاء ربه، فهذا الحب سبب دخوله الجنة.
أخبرنا الله عز وجل أن كره شرع الله من صفات الكافرين، حيث قال: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ*ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ) [محمد: 8-9].
أي وجود المودة والرحمة بين الزوج وزوجها، فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: (أَنَّ نساءَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كُنَّ حِزْبَيْنِ: فحزبٌ فيهِ عائشةُ وحفصةُ وسودةُ، والحزبُ الآخرُ أمُّ سلمةَ وسائرُ نساءِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وكان المسلمونَ قد علمواْ حُبَّ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عائشةَ، فإذا كانت عندَ أحدهم هَدِيَّةً، يُريدُ أن يُهديها إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أَخَّرَهَا، حتى إذا كان رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في بيتِ عائشةَ، بعَثَ صاحبُ الهديَّةِ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في بيتِ عائشةَ، فكلَّمَ حزبُ أمِّ سلمةَ ، فقُلْنَ لها: كلِّمِي رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يُكلِّمُ الناسَ، فيقولُ: من أرادَ أن يُهْدِي رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ هديَّةً، فليُهدها إليهِ حيث كان من بيوتِ نسائِهِ، فكلَّمتْهُ أمُّ سلمةَ بما قُلْنَ فلم يقلْ لها شيئًا، فسأَلْنَهَا، فقالت: ما قال لي شيئًا ، فقُلْنَ لها : فكلِّمِيهِ، قالت: فكلَّمَتْهُ حينَ دارَ إليها أيضًا فلم يقلْ لها شيئًا، فسأَلْنَها فقالت: ما قال لي شيئًا، فقُلْنَ لها: كلِّمِيهِ حتى يُكلِّمَكِ، فدارَ إليها فكلَّمتْهُ، فقال لها: لا تُؤذيني في عائشةَ، فإنَّ الوَحْيَ لم يَأتني وأنا في ثوبِ امرأةٍ إلَّا عائشةَ) [رواه البخاري].