-

مظاهر الحضارة العربية والإسلامية

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الحضارة العربية الإسلامية

كان الإسلام سببباً في انتشال العرب من حالة التيه التي كانوا يعيشون بها، ونقلهم نقلة نوعيّة، ليحملوا أعظم رسالة عرفتها البشريَّة؛ رسالة الإسلام الخالدة التي جاءت بتصوّر شامل للحياة الصحيحة والكريمة في ظلّ تصوُّر الإسلام للإنسان، والكون، والحياة، فكانت الحضارة الإسلاميَّة العملاقة التي قامت على أسس صحيحة، وصنعت مظاهر شتى للرقي الإنساني وفي شتى مجالات الحياة، فهناك إذاً أسّس للحضارة الإسلاميَّة قد قامت عليها، كما أنّ هناك مظاهر ناطقة باسمها تعكس آثارها العظيمة.

أسس الحضارة الإسلامية

هناك مجموعة من الأسس التي قامت عليها الحضارة الإسلاميّة، منها:

  • القرآن الكريم، حيث يعتبر الملهم الأول للحضارة الإسلامية، فما من علم إلا وله في القرآن أصل.
  • السنّة النبوية الشريفة، والتي كان لها دور تفصيلي في معظم نواحي الحياة.
  • الإيمان بالله سبحانه وما يتفرَّع عنه من قضايا شتى لها تعلّق بحسن سلوك المسلم وانضباطه في الحياة.
  • سلسلة العلوم التي انصهرت في خدمة القرآن الكريم والسنَّة النبويَّة، والتي تعجُّ بآلاف العناوين.
  • منظومة الأخلاق العظيمة التي جاء بها الإسلام، والتي كانت سبباً عظيماً في انتشاره ووصوله إلى أماكن مختلفة في أوروبا.
  • سلسلة المبادئ العظيمة التي انبثقت من رسالة الإسلام، كمبادئ الحريَّة، والمساواة، والشورى، وما تعلّق بها من نماذج سلوكيّة فريدة ورائعة، ما زالت آثارها حاضرة في العقل البشري.

مظاهر الحضارة العربية الإسلاميّة

لقد ارتبط ذكر العرب فيما يتعلّق بالحضارة الإسلاميّة ولا عجب في ذلك، فالقرآن الكريم نزل باللغة العربية، وأمَّة العرب قد تشرفت بحمل رسالة الإسلام للعالمين، فكانت الحضارة الإسلاميَّة معبّرة عن تجاوب العرب العظيم وحملهم لرسالة الإسلام الخالدة، وهذا تشريف لهم، ومن مظاهر الحضارة العربية الإسلاميّة:

  • إنشاء الدواوين: حيث تتضمن سجلات الرواتب، وكشوفات العمال، والعطاءات المختلفة، والإيرادات والمصروفات، وغير ذلك، وقد توحّدت لغة الدواوين في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان حيث أصبحت باللغة العربية، بعد أن كانت بلغة الأقاليم.
  • ضرب النقود: وذلك بدلاً من عملة الفرس والروم، حيث ضربت في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، وأصبح هناك دار لسك النقود في عهد عبد الملك بن مروان، حيث أصبح للمسلمين عملة موحّدة في القرن 76هـ.
  • ظهور نظام قضائي مناسب: حيث تدرج القضاء من الوالي ، واتسع ليصبح هناك قاض مختص بالقضاء .
  • ديوان المظالم: تمتع ديوان المظالم بسلطة عليا تفوق سلطة القاضي، وكان يهدف إلى وقف تعدّي ذوي الجاه والولاة والأمراء، وغيرهم من كبار الموظفين.
  • نظام الحسبة: وتعرف بولاية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكان من وظيفة المحتسب مراقبة الحفاظ على الآداب العامة ومتابعة التزام التجار بالأسعار والأوزان في الأسواق.
  • النظام البريدي: حيث تطوَّر بشكل متدرِّج من خلال استخدام الخيل والبغال، والسفن، وسعاة البريد، والحمام الزاجل، وغير ذلك.
  • الإشارات الضوئيَّة: وذلك عن طريق إشعال النار عند السواحل، حيث إنّ البحر فيه مواصلات بحريّة معروفة.
  • البحريّة الإسلاميّة: حيث تمّ إنشاء أوّل أسطول إسلامي في عهد عثمان بن عفان على يد معاوية بن أبي سفيان، ثمَّ تطوّر الأمر ليكون هناك دار لصناعة السفن في الشام، وكان من نتائج ذلك أن أصبح البحر المتوسّط تحت السيادة العربية.
  • الكتابة وتدوين العلوم: حيث إنّ أول من نبغ في ذلك كتاب الوحي الذين حفظوا القرآن الكريم في السطور، ليتمَّ حفظ القرآن الكريم في السطور وفي الصدور معاً، وكانت عمليّة جمع القرآن الكريم عملية رائدة قامت على منهجية علمية دقيقة، قادها عبد الله بن عباس رضي الله عنه، متحريّاً في ذلك أقصى درجات الدقّة التي تقوم على: الجمع بين المكتوب في السطور والمحفوظ في الصدور، وكذلك عدم قبول أي شيء مكتوب أو محفوظ من القرآن الكريم إلا بشهادة شاهدين، إثر استشهاد عدد كبير من حفظة القرآن الكريم في معركة اليمامة، ثمّ كانت بعد ذلك مرحلة نسخ القرآن الكريم في عهد عثمان بن عفان، على خلفية اختلاف الأعاجم في قراءة القرآن الكريم وما قد يترتب على ذلك من فتنة محقّقة، حيث شكّل عثمان رضي الله عنه لجنة لنسخ القرآن الكريم إلى سبعة نسخ، وزّعت إلى الأمصار الإسلامية.
  • تدوين السنّة النبويّة: اتبع في تدوين السنة النبوية أقوى درجات الدقة، حتى سميت الأمّة العربيّة أمّة السند، إشارة إلى السند المتصل في رواية الحديث الشريف.
  • نشأة علوم الرياضيات: حيث برع المسلمون في علوم الرياضيات، وكان الخوارزمي مبتكر علم الجبر، وبرع المسلمون كذلك في الهندسة التحليلية، ومهّدوا لعلم التكامل والتفاضل في الرياضيات، فكان من علماء المسلمين في الرياضيات، الخوارزمي، والبرومي، وغيرهم، حيث ترجمة معظم مؤلفاتهم للغات الأجنبية.
  • التطوّر في الطب: حيث برع العديد من أطباء العرب في الطب، كالرازي وابن سينا، وغيرهم، إذ لم يكتفِ العرب بما لدى الامم الأخرى في مجال الطب، بل نقّحوه وأضافوا عليه الكثير.
  • تطوّر علوم الجغرافيا: برز الكثير من العرب المسلمين في ذلك، كالإدريسي والبكري، وابن بطوطة، وابن جبير وغيرهم.
  • العمارة الإسلاميّة: حيث عبرت إبداعات العرب عنها في بناء المساجد والمدارس.

واجب ومسؤولية المسلمين تجاه حضارتهم

كما نلحظ فإنّ المسلمون قد كانوا بإسلامهم العظيم مصدراً للإشعاع الحضاري والإنساني على مستوى العالم بأسره، حيث انتقل نور حضارتهم للعلم، وكان ذلك بفضل فهمهم لرسالة الإسلام العظيمة، وفهمهم للدور العظيم الملقى على عاتقهم، فامتثلوا أوامر ربهم وحملوا بحق رسالتهم، وكانت كتبهم تترجم إلى اللغات الأخرى وتدرس في مدارس الأمم الأخرى، وعندما انحرفت البوصلة لدى الأمّة بشكل عام، تراجع العرب وتراجعت حضارتهم، واليوم وفي غمرة التقدّم العلمي الكبير هناك واجب ومسؤوليّة ملقاة على عاتق الجميع بالنهوض من جديد كلّ في موقع عمله ومجال تخصصه، انطلاقاً من التعليم ونظمه ووسائله، مروراً بالعصر وتقنياته المختلفة، وانتهاء بالإعلام ودوره العظيم، ونظم الحكم الصالحة والراشدة، هي الضمانة لتحقيق ذلك كله، فامتنا بإسلامها، وأصالة عروبتها هي قويّة، فنحن أمّة لا يستقيم عودها ولا تكون عزتها إلا بما أعزّها الله به، بالقرآن والسنة النبوية الشريفة.