مظاهر الوسطية والاعتدال
الوسطيّة والاعتدال
الوسطيّة سمة الأمة المسلمة التي تميّزها عن غيرها من الأمم، والتي بدورها تدفع أهلها للالتزام بهدي الإسلام والمجتمع وقوانينه، فينشرون الخير، ويقيمون العدل، ويحققون عبوديّة الله وعمارة الأرض، قال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) [البقرة:143]. كما أنّ الوسطيّة وصف دقيق لحقيقة الإسلام كما أمر به الله عز وجل، دون تفريط ولا إفراط. وسنتحدث هنا في هذا المقال عن مظاهر الوسطيّة والاعتدال.
مظاهر الوسطيّة والاعتدال
الاعتدال والتوسط في المشي والحديث
الحكمة الإلهيّة اقتضت التوازن والاعتدال في السلوك البشري لفوائد كبيرة، وكل هذا لمصلحة الإنسان وصلاحه الذي فضّله عن سائر الكائنات، فأمره بالاعتدال في المشي لما فيه من هيبة ووقار، وأمره بالاعتدال بالكلام والحديث لما فيه من جلال القدر للمتحدّث، وحسن الإصغاء من المستمع، فالصوت العالي يشتّت الانتباه، ويؤذي الأذن ويوتر الأعصاب.
أمرنا الله عز وجل بالاعتدال والتوسط بالمشي والكلام على لسان لقمان لابنه؛ وفي هذا أمر إلهي أخلاقي هام يجب أن ينتبه إليه جميع الآباء، حيث قال تعالى: (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) [لقمان:19].
الاعتدال والتوسط في الطعام والشراب
المسلم يجب أن يكون في مأكله ومشربه مثالاً للاعتدال والوسطية، فلا يبالغ في تناول الطعام فيؤدّي به إلى الأضرار الصحية المختلفة مثل تصلب الشرايين والسّمنة المفرطة، ولا يهمل كذلك في تناوله حيث يؤدّي ذلك به إلى الهزل والوهن والضّعف، وقد كان منهج الإسلام مثالاً في الاعتدال والوسطية في الطعام والشراب، حينما قال النّبي عليه الصّلاة والسّلام: (ما ملأ آدميٌّ وعاءً شرًّا من بطنِه ، بحسْبِ ابنِ آدمَ أُكُلاتٌ يُقِمْنَ صُلبَه ، فإن كان لا محالةَ ، فثُلُثٌ لطعامِه ، و ثُلُثٌ لشرابِه ، و ثُلُثٌ لنفَسِه) [صحيح الجامع].
الاعتدال والتوسط في النوم والراحة
النوم حالة تهويم الوعي بعد مرحلة عمل وإجهاد عقلي كبير، فالإنسان بحاجة إلى راحة، يستطيع خلالها الجسد والعقل الاسترخاء وتخزين الطاقة الجديدة من أجل ممارسة أعماله بشكل جيّد.
أثبتت الكثير من الدراسات أنّ الإنسان لو أراد أن يستمر في أفضل حالاته وأحسنها، وجب عليه النوم بقدر كافٍ. تترجم قلة النوم عادة، بسرعة الغضب، وسرعة التوتر والعصبيّة والانفعال، كما تودي قلة النوم إلى تسمّم حقيقي للدماغ.
كذلك يعتبر النوم لساعات طويلة مشكلة تُفقد الجسم قوته وقدرته على القيام بأعماله ونشاطاته المختلفة، وهنا يأتي الأمر الإلهي من خلال تعاقب الليل والنهار والتوسط والاعتدال بين حالتي العمل والراحة، وحالتي النوم واليقظة.
الاعتدال في الإنفاق
دعا الإسلام من خلال القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة إلى الاعتدال في الإنفاق، والتنفير من التبذير والإسراف والبخل، فالإسلام يريد أن يجعل الاقتصاد في النفقة والتبذير خُلقاً دينيّاً أصيلاً من اخلاق الشخصيّة العربية المسلمة.