الهجرة إلى الحبشة وأسبابها طب 21 الشاملة

الهجرة إلى الحبشة وأسبابها طب 21 الشاملة

الهجرة إلى الحبشة

يُدرك أصحاب الدّعوات والرّسالات أنّ طريق الدّعوة ليس مفروشاً بالورود والرّياحين، بل يحتاج إلى بذلٍ وتضحيةٍ لتحقيق مراده وتبليغ شرائعه، وقد ضحّى أنبياءُ الله جميعاً -عليهم السّلام- لأجل هذه الغاية، وهاجر منهم من هاجر، وأوذي منهم من أوذي، ولم يكن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بِدعاً من الرُّسل، فقد واجه صنوفاً من الأذى من مُشركي قريش في مرحلة الدعوة المكيّة، كما اجتمعت على أصحابه -رضي الله عنهم- الذين آمنوا بدعوته ابتلاءات كثيرة، فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله -تعالى- وما ضعفوا، بل ثبتوا في كلّ ميادين التّضحية، وكان الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- يتألّم لألم أصحابه رضي الله عنهم، ولأجل ذلك وجّههم النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- للهجرة إلى الحبشة حتى يأذن الله -سبحانه- بالفرج على الدّعوة وأنصارها؛ فمتى كان ذلك، ولماذا الحبشة على وجه التحديد، وما هي الأسباب التي دعت إلى هذه الهجرة؟

أسباب الهجرة إلى الحبشة

لم تكن فكرة الهجرة إلى الحبشة ناشئةً من حاجة اقتصاديّة أو مصلحة سياسيّة، بل كان الهدف الرئيس منها تأمين الحماية لحريّة الدّعوة، وممارسة العبادة على منهج التوحيد، ونبذ الشِّرك، الأمر الذي ترفضه قريش بقوّة؛ حيث كان المسلمون يواجهون صنوف العذاب والاضطهاد، والصّد عن ممارسة الدعوة والعبادة والطواف حول الكعبة، كما كانوا يواجهون حرب إبادةٍ وتصفيةٍ جسديّةٍ، فظهرت الحاجة الماسّة للبحث عن تكوين مُنطلَق آمن يهدف إلى استمرارية الدّعوة وحماية أتباعها، وكان هذا الخيار الحكيم دليلاً على القيادة الواعية للنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- حيث أحسّ بضرورة تأمين الحماية للمُسلمين الجُدد، وتوفير البيئة الآمنة لضمان استمراريّة الرسالة وتبليغها.[١]

أسباب اختيار الحبشة

إنّ اختيار النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- لأرض الحبشة مكاناً لهجرة المسلمين المُضطهَدين من مكّة يدعو للتّساؤل عن سبب هذا الاختيار، وتظهر الرؤية الثاقبة للنبي -صلّى الله عليه وسلّم- بالحقائق الآتية:[٢]

موقف قريش من هجرة الحبشة

عجزت قريش عن منع المسلمين من الهجرة إلى الحبشة، وقد وصل عدد المهاجرين إليها سرّاً إلى اثنين وسبعين رجلاً واثنتي عشرة امرأة، عندها جُنّ جنون قريش، وخشيت أن يُفسد وجود المسلمين فيها العلاقات التجاريّة بين قريش والحبشة، وبرزت مخاوف من قدرة المسلمين على نشر الدّعوة الإسلاميّة فيها، أو تشكيل حلف عسكري مع الأحباش يُمكّنهم من مهاجمة قريش في مكة؛ فالأحباش قد ساعدوا نصارى اليمن على التخلص من اضطهاد يهود حِمير.[٥]

ولهذه الأسباب أرسلت قريش وفداً أمّرت عليه عمْراً بن العاص إلى النّجاشي ملك الحبشة؛ لتشويه صورة المهاجرين من المسلمين بأنّهم خرجوا عن طاعة زعمائهم وقادتهم من قريش، وأتوا بدين جديد يُخالف عقائد آبائهم وأجدادهم، وحاولوا تأجيج مشاعر النجاشيّ ضدّ المسلمين عندما أخبروه بأنّ دين المسلمين لا يعترف بعقيدة أهل الحبشة في شأن نبيّ الله عيسى وأمّه مريم عليهما السّلام، لكنّ النجاشيّ عندما استمع إلى ردّ المسلمين على ادّعاءات قريش وحاورهم في شأن عيسى -عليه السّلام- أمر بتوفير الحماية والرّعاية للمهاجرين المسلمين، وردّ وفد المشركين دون تحقيق مُرادهم.[٥][٦]

عِبَر وعِظات من هجرة الحبشة

تظهر أهميّة هجرة المسلمين إلى الحبشة من العِبر والعِظات التي يمكن استخلاصها، منها:[٦]

المراجع

  1. ↑ "دعوى أن هجرة المسلمين إلى الحبشة كانت لأسباب اقتصادية أو سياسية"، www.bayanelislam.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-12-2017م. بتصرّف.
  2. ↑ راغب السرجاني (21-4-2010م)، "الهجرة الأولى إلى الحبشة"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 12-12-2017م. بتصرّف.
  3. ↑ رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن أم سلمة هند بنت أبي أمية، الصفحة أو الرقم: 3190 ، إسناده جيد.
  4. ↑ سورة المائدة، آية: 82.
  5. ^ أ ب عبد العزيز غنيم (16-2-2014م)، "الهجرة إلى الحبشة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-12-2017م. بتصرّف.
  6. ^ أ ب محمد البوطي (1426هـ)، فقه السيرة النبوية مع موجز لتاريخ الخلافة الراشدة (الطبعة الخامسة والعشرون)، دمشق: دار الفكر، صفحة: 92-94. بتصرّف.