-

صناعة الورق من قش الارز

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

مادّة الورق

تُعتبَر مادّة الورق مادّة رقيقة، وذات شَكلٍ مُسطَّح يتمّ إنتاجها بشكلٍ أساسيّ عن طريق ضغط الألياف الطبيعيّة، والمُكوَّنة من مادّة السليولوز، ومن الجدير بالذكر أنَّ الصينيّين هم أوَّل من بدأ بصناعة الورق، حيث كان ذلك في القرن الأوَّل الميلاديّ، وقد استخدموا سيقان نبات الخيزران المُجوَّفة من الداخل في عمليّة الصناعة، بالإضافة إلى شِباك الصَّيد، والخِرَق البالية، عِلماً بأنَّ عمليّة إنتاج الورق كانت تتمّ من خلال غَسْل هذه الموادّ حتى تفقد ألوانها، ثمّ دقّها بواسطة مطاحن خاصَّة إلى أن تُصبِح عجينة طريّة، ثمّ إضافة الماء إليها، وخَلْطها جيّداً حتى تُصبح شبيهة بسائل الصابون، وبعد ذلك تتمّ تصفية الخليط، واستخلاص الألياف المُتماسِكة، ونَشرها فوق لوح مُسطَّح، وتَركها حتى تجفّ تماماً، وبعد أن تجفّ تبدأ عمليّة الصَّقل؛ حيث يتمّ صَقل الورق من خلال رشِّه بمادّتَي النشا، والدقيق، وضَغطه ذهاباً، وإياباً، ثمّ تَركه حتى يجفّ من جديد؛ ممّا يؤدّي إلى إنتاج ورق أملس، وناعم يُمكن الكتابة عليه.[1]

صناعة الورق من قشّ الأرُز

إنَّ للاستخدام الجائر للأشجار في صناعة لُبِّ الورق أثرٌ سلبيّ في البيئة؛ حيث يؤدّي إلى حدوث تغيُّرات مناخيّة للكُرة الأرضيّة، وزيادة نِسبة ثاني أُكسيد الكربون، بالإضافة إلى التلوُّث البيئيّ الناتج عن استهلاك الموارد الطبيعيّة، وظهور الاحتباس الحراريّ، وظاهرة ثُقب الأوزون، وارتفاع أسعار الورق بعد قَطع الغابات، وقد استدعى ذلك وجود مصدر بديل لصناعة لُبِّ الورق غير أخشاب الأشجار؛ فظهرت صناعة الورق من قشّ الأرُز الناتج عن زراعة الأرُز، والذي لا يصلُح للاستخدامات الغذائيّة، أو البشريّة، وفيما يلي ذكرٌ لكيفيّة صناعة الورق من قشّ الأرُز:[2]

الموادّ الخام

يُعَدُّ قشّ الأرُز الناتج عن زراعة الأرُز المادّة الرئيسيّة المُستخدَمة في عمليّة تصنيع الورق، وهو من المُخلَّفات الزراعيّة، ومن الجدير بالذكر أنّه قد تمّ استخدامه في صناعة الورق لعدَّة أسباب، أهمّها انخفاض سِعره؛ فتكلفة الطنّ الواحد من قشّ الأرُز تصل إلى 35 دولاراً في الولايات المُتَّحِدة، و70 جنيهاً في جمهوريّة مصر العربيّة، كما أنَّه يتوفَّر بكمّيات كبيرة، ومُتجدِّدة باستمرار؛ وذلك لأنَّه لا يُمكن الاستغناء عن زراعة الأرُز الذي يُعتبَر من أهمّ المصادر الغذائيّة للإنسان، وتكمُن أهمّية استخدام قشّ الأرُز في صناعة الورق في حفاظه على البيئة، وذلك من خلال تقليل الضغط على استهلاك الأشجار المُختلفة في صناعة لُبِّ الورق، وعلى الرَّغم من الفائدة الكبيرة لاستخدام قشّ الأرُز في صناعة الورق؛ إلّا أنَّ هذه الصناعة تُواجه العديد من التحدِّيات، كانخفاض الإنتاجيّة؛ بسبب التكاليف العالية لنَقْل قشّ الأرُز، وتخزينه، وطول فترة تجفيفه، وقد تُسبِّب هذه العمليّة تلوُّثاً بيئيّاً؛ نتيجة تصريف السائل الأسود الناتج عنها إلى المجاري المائيّة، أو البحار.[2]

وبتحليل قشّ الأرُز، وُجِد أنَّه يحتوي على نسبة تتراوح بين (43-49)% من السليولوز، و(12-16)% من الليغنين، و(23-28)% من بنتوسان، و(15-20)% من الرماد، و(14-17)% من السيليكا، وبذلك يتَّضِح أنَّ من عُيوبه الرئيسيَّة كمصدرٍ لتصنيع الورق احتواءه على نسبة عالية من مادَّتي الرماد، والسيليكا، وذلك بالمُقارَنة مع الموادّ الأُخرى المُستخدَمة في تصنيع الورق، وما عدا ذلك فإنَّ قشّ الأرُز يُعتبَر من الموادّ الاقتصاديّة، والجيّدة في عمليّة تصنيع لُبِّ الورق.[2]

مُعالَجة الموادّ الخام

تتمّ في البداية مُعالَجة قشّ الأرُز، وإزالة الشوائب عنه، كالدُّهون، والشموع، والليغنين، والسيليكا، والتي تُعتبَر موادّ ضارَّة بصناعة لُبِّ الورق، عِلماً بأنَّه يتمّ التخلُّص من هذه الموادّ كيميائيّاً من خلال نَقْع قشّ الأرُز في الصودا الكاوية المُركَّزة، ويَنتُج عن هذه العمليّة سائل كيماويّ يُعرَف بالسائل الأسود (بالإنجليزيّة: black liquer)، ومن الجدير بالذكر أنَّه لا يتمّ استخدام هذه المادّة في عمليّة التصنيع؛ وذلك بسبب زيادة نسبة السيليكا في قشّ الأرُز؛ حيث يتمّ التخلُّص منها، وتصريفها في المجاري المائيّة، أو البِحار.[2]

وتجدُر الإشارة إلى أنَّ هناك طريقة أُخرى يُمكن من خلالها استخلاص الألياف السليولوزيّة، وفَصْل الشوائب عنها، وذلك من خلال نَقْع قشّ الأرُز في الأحماض، كحمض الخِلّيك، وحمض الفورميك، ويَنتُج عن ذلك لُبّ ورق مُبيّض مُباشرة، وتُعرَف هذه الطريقة باسم (Avidel process)، عِلماً بأنَّها تُعتبَر أكثر فاعليّة من استخدام الصودا الكاوية المُركَّزة؛ حيث إنَّ نسبة اللُّبّ المُستخلَصة منها تبلُغ حوالي 48.7%، أمَّا المُعالَجة بالصودا فيُمكن أن تستخلِص حوالي 33% من اللُّبّ كحدٍّ أقصى.[2]

صناعة عجينة الورق

من الجدير بالذكر أنَّه بعد استخلاص الألياف السليولوزيّة بإحدى الطريقتَين السابقتَين، تبدأ عمليّة صناعة عجينة الورق؛ حيث يتمّ تقطيع الألياف السليولوزيّة إلى قِطَع صغيرة باستخدام سكاكين حادَّة، ثمّ تُوضَع هذه القِطع في المُفاعل، أو جهاز التعقيم، والذي يحتوي على محلول الصودا الكاوية بنسبة تركيز تبلُغ 14%، ويتمّ التحكُّم في ضغط المُفاعل، ودرجة حرارته.[2]

بعد ذلك تتمّ إزالة الألياف من المُفاعل، وتصفيتها من المياه، من خلال تنخيلها في مَناخل خاصّة، ثمّ ضغطها ميكانيكيّاً، ويتمّ تبخيرها حراريّاً؛ لإزالة بقايا المياه الموجودة فيها؛ وذلك حتى يَصِل مُحتواها الجافّ إلى نحو (90-95)%، بعد ذلك تتمّ إضافة النشا، وموادّ التبويش إلى الألياف، وخَلْطها بشكلٍ جيّد، وقد تتمّ إضافة صبغات بيضاء، ولاصق إلى العجينة؛ وذلك لإكساب سَطح الورقة خصائص مُعيّنة، كما يُمكن إضافة طلاء الورق المُكوَّن من مَخاليط مُعقَّدة من المُركّبات؛ لإنتاج ورق بألوان مُختلفة.[3]

وتجدُر الإشارة إلى أنَّه بعد تحضير عجينة الورق، تبدأ عمليّة صَقل العجينة؛ حيث يتمّ إدخالها في ماكينة الصَّقل المُكوَّنة من أسطوانات حديديّة تدور فوق بعضها البعض؛ لإنتاج سطح ورقيّ ناعم يصلح للطباعة، والكتابة، وتستمرّ عمليّة الصَّقل إلى أن تُصبِح العجينة رقيقة جدّاً، وذات مَلمس ناعم، حيث يتمّ تركها حتى تجفّ تماماً، وبعد ذلك يتمّ تقطيع الألواح الورقيّة بواسطة سكاكين حادّة دوَّارة، ولفّها وِفقاً لطلب الزبائن.[3]

المراجع

  1. ↑ أسامة زيد وهبة الصيادي، أهم الاختراعات والاكتشافات في تاريخ الإنسانية، صفحة -. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح -، الخريطة الاستثمارية لقش الارز والمشروعات المقترحة، صفحة 60-65. بتصرّف.
  3. ^ أ ب -، صناعة اللب والورق، صفحة 24-29. بتصرّف.