-

أداء صلاة قيام الليل ووقتها

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

قيام الليل

قيام الليل عبادةٌ جليلةٌ عظيمةٌ يؤدّيها المسلم، ففي الليل يتقرّب العبد إلى ربّه بأحسن الطاعات، وقيام الليل أنيس المؤمن الطائع، وكيف لا وهو خلوةٌ للتائبين، وعشقٌ للذاكرين المستغفرين، يقول الله عزّ وجلّ: (إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ* كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ* وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)،[1] فهذه العبادة للمؤمنين الذين يرجون لقاء ربهم، ويطمعون بجنّته، ويخافون من ناره، هذا هو الليل وهؤلاء هم أصحابه يأتون ربّهم ركّعاً سجّداً متضرّعين، والقيام من صفات الصالحين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكُم، وقُربةٌُ لكم إلى ربكم، ومكفرةٌ للسيئات، ومنهاةُ عن الإثم).[2][3]

كيفية صلاة قيام الليل

تؤدّى صلاة القيام كسائر سنن الصلوات، فيصلّي العبد ركعتين ركعتين، حيث ورد في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (صلاةُ اللَّيل مثنى مثنى، والوتر ركعةٌ)،[4] وفي الحديث الذي ترويه عائشة -رضي الله عنها- قالت: (ما كان رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم يزِيد في رمضان، ولا في غيره على إحدى عشرة ركعةً، يُصلي أربعاً، فلا تسأل عن حُسنهِنَّ وطولهِنَّ، ثُمَّ يُصلِّي أَربعاً، فلا تسأل عن حُسنهِنَّ وطولهِنَّ، ثُمَّ يُصلي ثلاثاً، فقالت عائشة: فَقُلتُ: يا رسول الله، أتنام قبل أَن تُوتر، فَقال: يا عائشةُ إنَّ عينيَّ تنامان، ولا ينامُ قلبي)،[5] ويحتمل الحديث الشريف أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان كلّما صلّى أربع ركعات استراح، فيصلّي ركعتين ركعتين ويجلس بعد الأربع للاستراحة.[6]

وقت صلاة قيام الليل

يبدأ وقت صلاة القيام من وقت صلاة العشاء وحتّى بلوغ وقت صلاة الفجر، ويُفضّل أن يقيمها المسلم في وقت الثلث الأخير من الليل، ولكن الصلاة في أول الليل في جماعة خيرٌ وأفضل من الصلاة في آخر الليل منفرداً، وذلك لما ورد في ذلك الأجر العظيم، لأنها تُحسب للمؤمن قيام ليلة تامة.[7]

عدد ركعات صلاة قيام الليل

ليس هناك عددٌ محدّدٌ لركعات صلاة قيام الليل، فكل شخص على حسب مقدرته، وكان النّبي -صلى الله عليه وسلم- يصلّي إحدى عشرة ركعة، يسلّم من كل ثنتين ويطيل في ركوعه وسجوده، فإذا صلّى المسلم ثلاث أو خمس ركعات فلا حرج كلٌّ يصلي حسب مقدرته.[8]

فضل صلاة قيام الليل

يقول النّبي صلى الله عليه وسلم: (أتاني جبريلٌ، فقال: يا محمدٌ عش ما شئت فإنك ميتٌ، وأحبب من شئت فإنك مفارقُهُ، واعمل ما شئت فإنك مجزيٌّ به، واعلم أن شرف المؤمن قيامهُ بالليل، وعزَّهُ استغناؤهُ عن الناس)،[9] فصلاة قيام الليل لها منزلة وفضائل عظيمةٌ عند الله سبحانه وتعالى، ومن هذه الفضائل ما يأتي:[10]

  • أفضل الطاعات بعد الصلوات المفروضة قيام الليل.
  • سببٌ في تكفير الذنوب والسيّئات، حيث قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لمعاذ بن جبل رضي الله عنه: (ألا أدلُّك على أبواب الخير؟ الصَّوم جنَّةٌ، والصَّدقةُ تطفئُ الخطيئة كما يطفئُ النَّار الماء، وصلاة الرَّجل من جوف اللَّيل).[11]
  • قرب الرب من عبده القائم في جوف الليل.
  • قيام الليل سببٌ لإعطاء أصحابها غرفٌ خاصّة في الجنة يوم القيامة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّ في الجنَّة لغُرفاً يرى ظُهورها من بُطونها، وبُطونُها من ظُهورِها، فقام إليه أعرابيٌّ، فقال: لمن هي يا نبيَّ اللَّه؟ قال: هي لمن أطاب الكلام، وأطعم الطَّعام، وأدام الصِّيام، وصلَّى للَّه باللَّيل والنَّاس نيامٌ).[12]
  • طرد الغفلة عن قلب المؤمن القائم لربّه في ظلمة الليل.
  • الفوز بمحبّة الله سبحانه وتعالى، ومحبّة رسوله صلى الله عليه وسلم.

الحكمة من قيام الليل

كلّما زاد إيمان المسلم؛ ازداد قرباً من الله عز وجل، وازداد حبّه لعبادته وحده لا شريك له، فقد شرع الله صلاة النافلة لمن أراد التقرّب منه، وجعلها دليلاً على صلاح القلب والقرب من الله سبحانه وتعالى، ومن الحكم العظيمة لصلاة قيام الليل:[13]

  • قيام الليل دليلٌ على صدق قلب المسلم، ودليلٌ على محبّته لله عزّ وجلّ، فكلّما زاد المحبُّ حباً لحبيبه زاد قرباً منه.
  • صلاة قيام الليل تزيد من نشاط المسلم، وتحفّزه على أداء باقي أعماله على أكمل وجه، وتجعل المسلم صافي الذهن، وقريباً ممّا يرضي الله سبحانه وتعالى، وبعيداً عمّا يسخطه.

أنواع صلاة الليل

تتعدد أنواع صلاة الليل؛ فإمّا أن تكون صلاة التهجّد، وهي الصلاة التي تُقام بعد النوم في الليل، وإمّا أن تكون قيام الليل، وهو قضاء الليل ولو جزءا منه في العبادة والصلاة وقراءة القرآن والذكر، وكذلك هناك صلاة التراويح؛ وهي صلاة قيام الليل في شهر رمضان المبارك، وصلاة قيام الليل أعمّ وأشمل من التهجّد لاشتمالها على الصلاة وغيرها من أنواع العبادة المختلفة، وقال ابن باز -رحمه الله- إن الصلاة في الليل تُطلق على التهجّد وعلى قيام الليل كذلك، ويجوز أن تسمى صلاة التراويح بصلاة التهجّد أو القيام.[14]

الوسائل المعينة على قيام الليل

يجب على المسلم أن يلجأ إلى عونٍ يساعده على أداء الطاعات، وهناك وسائل تُعينه على قيام الليل، ومن هذه الوسائل ما يأتي:[15]

  • ترك الذنوب والمعاصي.
  • التقليل من الأكل والشرب خاصة قبل النوم؛ لما يسببه من الشعور بالثقل والتخمة.
  • الدعاء، واللجوء إلى الله سبحانه وتعالى.
  • أكل الحلال، والابتعاد عن الحرام.
  • نوم القيلولة، وهو النوم في وسط النهار.
  • الإكثار من ذكر الله عزّ وجلّ.

حال السلف مع قيام الليل

من اطّلع على أحوال السلف الصالح -رضي الله عنهم- في الليل، علِم السرّ في بركة علومهم وتوفيقهم، وأثرهم العظيم الطيّب على الأمة، فقد كانوا يواظبون على صلاة الليل، وقد كان ابن مسعود -رحمه الله- إذا هدأت العيون في الليل قام، فكان يُسمع له صوتٌ كدويّ النحل حتى يصبح، وكان زيد بن الحارث -رحمه الله- يجزّئ الليل إلى ثلاثة أجزاء، جزءٌ عليه وجزئين على ابنيه، وولننظر إلى قول الزاهد الفضيل بن عياض -رحمه الله- قال: "إذا لم تقدر على قيام الليل، وصيام النهار، فاعلم أنك محرومٌ مكبّل، كبَّلتك خطيئتك".[16]

مراجع

  1. ↑ سورة الذاريات، آية: 16-18.
  2. ↑ رواه البغوي، في شرح السنة، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم: 2/458، حسن.
  3. ↑ محمد فقهاء (10-3-2012)، "قيام الليل"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-5-2019. بتصرّف.
  4. ↑ رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 973، صحيح.
  5. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 738، صحيح.
  6. ↑ "صفة قيام الليل وعدد ركعاته"، www.library.islamweb.net، 21-10-2013، اطّلع عليه بتاريخ 11-5-2019. بتصرّف.
  7. ↑ "وقت قيام الليل"، www.fatwa.islamonline.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-5-2019. بتصرّف.
  8. ↑ "عدد ركعات صلاة الليل"، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 11-5-2019.
  9. ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن جابر بن عبد الله وسهل بن سعد، الصفحة أو الرقم: 89، صحيح.
  10. ↑ "شرف المؤمن قيام الليل"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-5-2019. بتصرّف.
  11. ↑ رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم: 3224، صحيح.
  12. ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 2527، حسن.
  13. ↑ محمد التويجيري، "حكمة مشروعية قيام الليل"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 17-5-2019. بتصرّف.
  14. ↑ "هل هناك فرق بين التهجد وقيام الليل"، www.slamqa.info، 2010-1-28، اطّلع عليه بتاريخ 11-5-2019. بتصرّف.
  15. ↑ خالد الحسنينا، "فضل قيام الليل"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-5-2019. بتصرّف.
  16. ↑ حامد العلي (25-8-2010)، "من أسرار قيام الليل"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-5-2019. بتصرّف.